الحـب القـديم .. قصص حقيقيه





أنا سيدة عمري‏30‏ عاما‏..‏ تزوجت منذ ثماني سنوات من شاب يكبرني بعامين‏..‏ كان زميلي في كلية من كليات القمة‏..‏ لم يجمعنا الحب ولكنه الاختيار الواعي الناضج‏..‏ فمنذ خطبتي وعمري‏20‏ عاما وأنا أمتلك فكر امرأة مسنة‏,‏ وأقصد بذلك فكرا يعكس حكمة وخبرة منحهما لي الله هبة من عنده سبحانه وتعالي‏..‏ فأنا أعشق البيت وأقدسه‏,‏ كما أقدس الزواج ودور المرأة في بيتها‏,‏ ولذلك أحب صورة المرأة التقليدية أو التي أوصي بها الحكماء‏,‏ أرفض الصوت العالي‏,‏ والغضب الي منزل العائلة‏,‏ يشم مني زوجي أطيب الروائح‏,‏ ولايراني في بيتي إلا في أجمل وأكمل صورة حتي لو كان بيننا غضب‏,‏ قررت أن أكون الزوجة والصديقة والأم في وقت واحد‏.‏ لأ أقول كلاما نظريا ياسيدي‏,‏ فقد كان معي زوج فعلت معه أكثر من ذلك بكثير‏,‏ ولكن المفاجأة أني الآن مطلقة‏.‏

عندما اخترت زوجي كان شابا وسيما‏,‏ يؤدي الصلوات بانتظام ويبر أهله‏,‏ أما عيبه الوحيد وقتها فكان علاقاته النسائية‏,‏ لم يخف عني مغامراته‏,‏ ولكنه قال لي إنه يريد بي الدنيا والآخرة‏..‏ وإنه بزواجنا سيتوقف عن هذه العلاقات فورا‏,‏ وصدقته‏,‏ لأن كثيرا من الشباب يفعلون مثله وشقيقي كان مثله قبل الزواج ثم تاب وتوقف عن أي معصية بعد الزواج‏,‏ وقتها كنت أحدث نفسي بأني قادرة علي حمايته من ارتكاب المعاصي‏,‏ فانا اتمتع بقدر من الجمال يجعلني في منزلي أنثي جميلة‏,‏ وخارج منزلي بحجابي سيدة محترمة‏.‏

ولان زوجي عند زواجنا كان لا يمتلك شيئا‏.‏ سافرت معه الي دولة خليجية‏,‏ وعين في شركة مرموقة ساعدتنا علي أن نبدأ حياتنا في نعيم واستقرار‏,‏ هذا النعيم والاستقرار حالا بيني وبين شريك حياتي الذي جازفت معه وبه وهو لا يمتلك شيئا‏,‏ فقد تباعدت المسافات بيننا رويدا رويدا‏,‏ لم يعد زوجي يراني تلك المرأة الجميلة ولم يحفظه مراعاتي لبيتي واهتمامي باسرته‏,‏ نعم كان يقول لمن حولنا اني مثالية ولكنه يحتاج الي امرأة اخري‏,‏ يقضي أيامه بحثا عن هذه المرأة‏,‏ وفي كل مرة‏,‏ وعندما يجدها يكتشف انها ليست هي‏,‏ فيبحث عن اخري‏,‏ هذا البحث الدائم أدخلنا في مشكلات لا تنتهي‏.‏

ذات صباح استيقظ من النوم‏,‏ وانهمر في بكاء شديد ثم قال انت طالق وترك لي البيت وانصرف لم أدر ماذا أفعل؟وماذا أقول لابننا الوحيد‏..‏ لم أخبر أهلي وبقيت في بيتي حتي مر أسبوع وتدخل أهله وعاد مرة أخري لمواصلة الحياة معنا‏..‏ بذلت جهدا مضاعفا كي ارضيه‏,‏ سألته عما يغضبه مني حتي أغيره‏,‏ كل من حولي كان يصفني بأني استشهادية في الحفاظ علي بيتي‏,‏ أما هو‏,‏ فلم يتغير فيه شئ‏,‏ استمر في رحلة بحثه عن أخري تلك الأخري‏,‏ التي كان يصفها بأنها هيفاء غير متدينة الي الحد الذي انا عليه‏,‏ لا ترتدي الحجاب ليست مثقفة‏,‏ يعني اختار نقيض صفاتي لتكون هي الأخري التي يبحث عنها‏..‏ وفي النهاية ووسط دموعي ودموعه‏,‏ وتوسلاتي ورفضه طلقني نهائيا ورحل‏.‏

ما دفعني للكتابة اليك ليس الماضي الذي تركني وانصرف بعيدا حيث شاء‏,‏ ولكنه واقعي الآن يا سيدي‏..‏ فانا امرأة لا تستطيع ان تحيا بدون مملكة‏,‏ ولا استطيع ان أراعي ابني وحدي‏,‏ اشعر كثيرا بالخوف والوحدة والاحتياج وقد ظهر في حياتي رجل‏,‏ أتي من الزمن القديم كانت بيننا قصة حب بريئة وجميلة قبل أن أتعرف علي زوجي السابق‏,‏ وأراد أن يتقدم لي ولكن والدته رفضت بشدة‏,‏ فأخطأ واستسلم لرغبتها وتزوج علي الفور بأخري‏,‏ وأنجب طفلين وعاش حياته‏,‏ وعندما علم بطلاقي عاد من جديد‏,‏ عاد ليقول لي إن الله يشعر به‏,‏ ويعرف سبحانه وتعالي انه ما توقف عن حبي يوما‏,‏ هذا الحب الذي قربه كثيرا الي الله‏,‏ وأحس ان طلاقي رحمة من ربي به‏..‏ وقال لي ايضا ان شريعة الله سمحة وتعطيه الحق في الزواج مرة ثانية بمن احبها حتي يذهب عنه الابتلاء بابتعاده عني‏,‏ لا أخفيك اني كنت غير مقنعة بالزواج منه‏,‏ ولكن اصراره علي وحسن خلقه وتصديقي لحبه لي‏,‏ كل هذا جعلني ارحب داخل نفسي خاصة بعد ان قالت لي امه انها تتمني موافقتي لانها اكتشفت ظلمها له‏,‏ وهو الذي لم يتوقف عن حبي يوما‏,‏ تبقي مشكلة زوجته أم طفليه‏,‏ هو عاهدني أن يعدل بيننا وانه لن يظلمها أبدا‏,‏ وقد أخ

برها بذلك ولم ترفض بعدما رأت اهتمامه بها يزداد بعد قراره بالزواج مني‏.‏

وأسمعني أقول لنفسي‏:‏ هذه هي الحياة فأنا الزوجة المحبة العاشقة لبيتها‏,‏ المتفاينة في رعاية زوجها تطلق‏,‏ وكثيرات من النساء منعمات دون وجه حق بنعمة البيت والزوج‏,‏ ثم ان ابني يحتاج الي من يرعاه ولن اجد خيرا من هذا الرجل‏,‏ وسيفيدني ارتباطه بأسرة اخري لانه سيتيح لي وقتا للاهتمام بابني‏.‏

إننا نسعي الي شرع الله‏,‏ ولكن ابي يرفض‏,‏ ولا أريد أن اشق عصا الطاعة‏,‏ فارجو ان تنصحني دون قسوة علي ولا تغلق الباب الحلال في وجهي‏,‏ فليس ذنبه أنه احبني دون ان يسعي لذلك‏,‏ ولكنها الاقدار‏,‏ ولا تسلني ماذا لو كنت مكان هذه الزوجة‏,‏ فزوجي لم يرد بيتا آخر معي‏,‏ ولكنه أراد ضالته بدوني‏,‏ فلم تتح لي حتي الفرصة التي أتيحت لزوجة هذا الرجل الذي ابتلي بحبي كما يردد دائما‏.‏

سيدتي‏..‏ دعينا نعود الي البدايات‏,‏ فالمقدمات دائما تقود الي النتائج‏..‏ فأنت تقولين إنك ناجحة وملتزمة دينيا قبل الزواج‏,‏ عندما اخترت ووافقت علي زميلك الذي تقدم لك‏,‏ وانت جريحة من علاقة حب لم تكتمل لأن من أحببته‏,‏ سمع رأي والدته واستجاب لرغبتها وذهب علي الفور ليتزوج باخري‏,‏ أما أنت فقد قبلت الطارق الجديد وأنت تعرفين جيدا أنه متعدد العلاقات والرسول الكريم يقول إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه فهل مثل هذا الشاب ذو دين وخلق؟

لقد تعاملت معه مثل كثيرات من الفتيات‏,‏ يثقن في مقدرتهن علي تغيير سلوك غير أخلاقي بعد الزواج‏,‏ أو يفضلن الارتباط بشاب له تجارب مما يشجع الشباب علي المعصية والمباهاة بها‏,‏ وليته أخبرك عن توبته‏,‏ وإنما وعدك بعد الزواج بالتوقف عن الخطيئة‏,‏ الاختيار الخاطئ هو الذي قادك الي ما أنت فيه‏,‏ وما فعله زوجك نتيجة طبيعية لسلوكه قبل وأثناء زواجكما‏.‏

فاذا وصلنا الي ما أنت فيه الآن ماذا نجد؟ امرأة جريحة تئن من الاحساس بالظلم‏,‏ تلوم الحياة لانها ضنت عليها بالمملكة والزوج‏,‏ اللذين لا تستطيع العيش بدونهما‏,‏ تنظر بغضب وتنصب نفسها إلها كثيرات من النساء منعمات دون وجه حق أليست هذه هي جملتك؟ من الذي يحدد الحقوق يا سيدتي؟ بالتأكيد لست أنت‏,‏ وان كنت أحترم حزنك وغضبك‏.‏ إلا أني اخشي ان يكون هذا الاختيار أيضا مندفعا‏,‏ تحكمه الرغبة في الحصول علي حق تعتقدين انه لك متغافلة عما قد ينجم عنه من مشكلات تدفعك مرة أخري الي هاوية الطلاق‏,‏ ومن يعرف ربما يكون هناك ضحية جديدة بابن آخر‏.‏

سيدتي‏..‏ هذا الرجل تركك في أول مواجهة‏,‏ فمن يدريك انه لن يتأثر مرة أخري برأي أمه‏,‏ أو بالازمات التي قد تصادفه مع أم طفليه فيهرب منك كما فعلها أول مرة‏.‏

أنا لا أقف ضد الشرع ولا ضد حقه في الزواج باخري‏,‏ اذا كان هناك ما يستدعي ذلك‏,‏ ولكني اخشي تحت ضغط الاحتياج والحسابات الخاطئة ان تندفعا الي زواج غير محسوب‏,‏ فيهدم بيتين بدلا من بيت واحد‏.‏
سيدتي‏..‏ انت في حاجة الي هدنة مع الأيام‏,‏ حتي تتخلصي من مرارة الماضي‏,‏ وعندما تبرأين تماما‏,‏ أعيدي النظرة مرة أخري‏,‏ فاذا وجدت هذا الشخص أمامك‏,‏ تأكدي من موافقة زوجته الأولي وأنك لن تدمريها بلا جرم ارتكبته واتخدي القرار الذي يسعدك ويريح ضميرك‏..‏

شرخ في جدار العائلة .. قصص حقيقيه



أنا رجل أعمال عمري‏56‏ عاما‏..‏ علي مدي ثلاثين عاما وهبت حياتي للعمل‏,‏ حتي أؤمن حياة كريمة لأسرتي الصغيرة المكونة من زوجتي وابني وابنتي‏.‏ ونجحت في إنشاء مصنع يدر دخلا ساعدني علي تكوين ثروة لا بأس بها‏.‏

سارت حياتي هادئة مستقرة‏,‏ تدعمني زوجتي مقدرة ما أعانيه من تعب وشقاء لأجلهم‏..‏ أدخلت إبني وابنتي مدارس فرنسية‏,‏ وحرصت علي تنشئتهما علي احترام الكبير ومراعاة قيم مجتمعنا‏,‏ وقبل كل ذلك الإخلاص في طاعة الله ومراعاة تعاليمه وأوامره ونواهيه‏.‏

واجهت في حياتي عثرات وأزمات نفسية‏,‏ أدت إلي خلافات مع زوجتي‏,‏ ولكني تحملت حتي تخرج ابني في كلية التجارة‏,‏ وابنتي في كلية الآثار‏,‏ بعدها أحسست أن من حقي أن أستريح قليلا‏,‏ فاتخذت قراري بالزواج من أخري‏,‏ لم أكن امر بحالة من المراهقة التي تصيب بعض الرجال بعد الخمسين‏,‏ فأنا لم أتزوج بفتاة صغيرة‏,‏ بل تزوجت بإمرأة فاضلة تصغرني بست سنوات‏,‏ ولكني لا أريد الخوض في مبرراتي للزواج بأخري‏,‏ احتراما لخصوصية علاقتي الأولي‏,‏ ولا أريد الآن مناقشة مدي صحة هذا القرار من عدمه‏,‏ لأنه ليس هو المشكلة التي تواجهني‏,‏ وإن ساهم بشكل أو بآخر في تفاقمها‏.‏

فمنذ أربع سنوات‏,‏ وبدون سابق إنذار وقع الزلزال الذي هز أركان حياتي واستقراري وأمني‏,‏ فقد أخبرتني إبنتي أن شخصا ما يريد أن يحدد موعدا لمقابلتي بطلب يدها‏,‏ ففرحت كثيرا كأي أب‏,‏ وحددت له موعدا وانتظرته بكل شغف‏.‏

في الموعد المحدد‏,‏ دخل علي رجل أسمر‏,‏ يبدو من ملامحه أنه أكبر من ابنتي بعشر سنوات علي الأقل‏,‏ يتشدق بـ لبانة في فمه‏,‏ وقال لي بلهجة مستفزة لقد جئت حسب الموعد المحدد‏,‏ حاولت أن أهرب من حالة الاستفزاز التي انتابتني‏,‏ وقلت ربما الجوهر غير المظهر‏,‏ سألته عن مؤهلاته وعمله وما يملكه ليؤسس حياة زوجية مستقرة‏,‏ فاكتشفت أنه لا يحمل أي مؤهل دراسي‏,‏ وكان يعمل مدربا مساعدا لكرة اليد أشبال بنات في أحد الأندية الكبيرة‏,‏ ودخل هذه المهنة عن طريق والدته التي تعمل عاملة بغرفة خلع ملابس السيدات في هذا النادي‏.‏

صدمتني المعلومات التي يلقي بها في وجهي‏,‏ وصدق حدسي الأول في أنه نصاب استدرج ابنتي بمشاعرها البريئة طمعا في ثروتي‏,‏ فسألته‏:‏ لو لك ابنة مثل ابنتي وتقدم لها عريس مثلك‏,‏ هل كنت توافق عليه؟ فرد بكل برود‏:‏ لأ طبعا وعارف إني مش عريس مناسب‏.‏

يمكن لأي أب أن يشعر بحجم الصدمة التي ألمت بي‏,‏ هل هذا هو اختيار ابنتي‏,‏ خريجة المدارس الفرنسية؟‏..‏ هل هذا هو الإنسان الذي أحبته وتريد أن تكمل حياتها معه؟ أعلنت غضبي في وجه ابنتي‏,‏ وذهبت أجمع معلومات عن هذا العريس النصاب‏..‏ فماذا وجدت ياسيدي؟ وجدت نصابا كامل الأوصاف‏,‏ عديم الضمير والأخلاق‏,‏ تاريخه ملئ بالسواد‏,‏ إعتدي علي فتاة من المتدربات بعد أن ألقي بخيوط الحب حولها‏,‏ وعندما طالبته بالزواج كما وعدها‏,‏ تملص من وعودها‏,‏ فما كان منها إلا أن حاولت قتله وطعنته بسكين في صدره ولكن للأسف لم تقتله‏,‏ وإن تركت علي صدره علامة تشهد بوزره إلي يوم القيامة‏,.‏ لم يفق من فساده‏,‏ ولم يع الدرس‏,‏ فما أن برئ مما به‏,‏ حتي لاحق فتاة أخري ابنة تاجر أخشاب كبير صاحب مركز اجتماعي مرموق‏,‏ ترك قبل وفاته لها ثروة كبيرة‏,‏ فأحبته وتزوجته‏,‏ ليستولي بعد ذلك علي كل ثروتها‏,‏ ويودعها مستشفي الأمراض العصبية والنفسية‏,‏ طلقها بعد ذلك تاركا لها عاهة مستديمة وهو يضربها‏.‏

خرج من هذه الزيجة‏,‏ ليصطاد فريسة جديدة‏,‏ امرأة مطلقة لديها طفلة صغيرة‏,‏ ظل معها حتي استنفد كل ما معها من أموال وأمعن في تعذيب طفلتها‏,‏ وفي الوقت الذي قررت فيه السعي إلي الطلاق‏,‏ فوجئت بأنها حامل في توءم‏,‏ وحكي لي والد تلك المرأة التعيسة أنه فكر في نزع أنبوب الأوكسجين عن الطفلين وهما في الحضانة حتي لايبقي ما يذكره بهذا الرجل‏,‏ ولكن قلبه لم يطاوعه وخشي انتقام الله سبحانه وتعالي‏,‏ وطلقت منه بعد ذلك قضائيا بعد مناورات عديدة‏,‏ وهذه المرأة ترفض رؤية طفليها حتي لايكون لها أي صلة بهذا الرجل‏.‏

سيدي‏,‏ أعرف أني أطلت في سرد جرائم هذا الرجل‏,‏ ولكن هذا قليل مما عرفته من نصب وسرقة‏.‏

كدت أفقد عقلي مما سمعت‏,‏ فأنا كأي أب أتمني حياة كريمة لابنتي الوحيدة‏,‏ أخبرتها برأيي ومكثت شهرين أعدد لها مساوئه وأنه غير جدير بها‏,‏ وانها ستحب غيره وستعرف كم كان اختيارها سيئا‏,‏ واعتقدت أني قد نجحت في إقناعها إلي أن جاءني الرد الصدمة‏.‏

تسلل الشيطان إلي عقل ابنتي وأقنعها بالهرب من منزلنا لتتزوج منه سرا‏,‏ تزوجته في منطقة الدرب الأحمر بدون وجود أي شخص من عائلتها وبشاهدين لا تعرفهما‏..‏ لقد استغل الشيطان الأزمة التي في البيت بسبب زواجي بأخري‏,‏ وحب ابنتي الشديد لي وتعلقها بي‏,‏ فأقنعها بأني لا أحبها وبحثت عن سعادتي علي حسابها وحساب والدتها‏,‏ وأني طالما تزوجت بدون علمهم فعليها أن تفعل مثلي طالما أني مثلها الأعلي‏..‏ تزوجت بدون ولي‏,‏ وذهبت معه إلي شقة متواضعة في منطقة شعبية لتربي له طفلتين من امرأة أخري‏.‏

ليت الأمر توقف عند هذا الحد ياسيدي‏..‏ فعندما حاولت إنقاذ ابنتي مما وقعت فيه‏,‏ فوجئت بها تحرر لي محاضر في أقسام الشرطة وتتهمني باطلاق النار عليها‏,‏ ووصل الأمر بها إلي الاتصال بي لسبي بأقذع الشتائم‏..‏ هل هذه هي ابنتي التي احتضنتها وهي صغيرة؟‏..‏ هي التي نطقت إسمي حرفا حرفا‏,‏ هي التي هجرني النوم طوال عمرها وأنا قلق عليها من المرض والطريق والهواء؟ ابنتي تقول لي سأقطعك إربا بالسكين؟‏!‏

مرارة لاتغادر حلقي‏,‏ مرارة ازدادت مع ما حدث بعد ذلك‏,‏ لقد نجح زوجها الشيطان في التسلل إلي بيتي‏,‏ حرض زوجتي علي أن ترفع ضدي دعوي تطليق‏,‏ بعد أن أوشكنا علي تجاوز الأزمة ووضعنا معا سيناريو لاستعادة ابنتنا‏.‏

اكتملت المأساة بعد ذلك بابني الكبير‏,‏ ذراعي اليمني في كل أعمالي‏,‏ ابني الذي اشتريت له سيارة مرسيدس‏,‏ وشقة ثمنها مليون جنيه‏,‏ تركني هو الآخر فجأة بعد أن صور له شيطان الإنس أني سأطرد أمه من الشقة إذا حصلت علي الطلاق من المحكمة‏,‏ فانقلب علي هو الآخر‏,‏ يتصل بي ليسبني‏,‏ ويشيع من حولي اتهامات باطلة لدي أصدقائي من رجال الأعمال‏..‏ باعني وبعدها باع سيارته‏,‏ أتمزق وأنا أراه يعاني ماديا‏,‏ أدعوه للعودة والتوبة‏,‏ فيتمرد علي ويواصل سبابه‏.‏
سيدي‏..‏ لقد حكيت لك باختصار‏,‏ ولست مضطرا للكذب أو الادعاء‏,‏ فما اختصرته من المأساة تفاصيل لا تعني الكثير‏..‏ لقد أدليت بحكايتي وأنا ألملم أشيائي‏,‏ أوقفت نشاطي رسميا وأستعد حاليا لعرض مصنعي للبيع وأفكر في السفر بعيدا‏,‏ فقد أعياني المرض‏,‏ وأصبت بجلطة في المخ‏..‏ أتألم كل يوم‏,‏ مرة عليهما وأخري منهما‏..‏ كنت أتمني أن يعيشا في خير أبيهما‏,‏ ويشعرا كم أخطآ في حقي‏,‏ وعصا أوامر ربهما في طاعة الأب وإكرامه‏,‏ فأدعو عليهما وأخشي أن يستجيب الله لدعائي‏,‏ فأطلب منه ــ سبحانه وتعالي ــ هدايتهما وإنارة بصيرتهما لعلهما يرجعان عن خطئهما‏,‏ لنجمع شمل الأسرة من جديد‏,‏ فأنا لا أرغب في تطليق أمهما‏,‏ ولا أتمني لهم المعاناة في الحياة‏,‏ ولكني لا أقبل بوجود مثل هذا الشيطان بيننا بعد ما فعله بأسرتي وبأسر غيرنا‏.‏

أكتب إليك‏,‏ لعلهما يقرآن‏,‏ ولعل قلبيهما يرقان‏,‏ ويتذكران كيف رعيتهما وأعتنيت بهما حتي كبرا وتخرجا في الجامعات‏,‏ واليوم ينفضان من حولي‏,‏ وماتبقي في الحياة قصير قصير‏..‏


سيدي‏..‏ ليس أمامي إلا تصديق كل ما جاء في رسالتك‏,‏ فإذا كان صدقا‏,‏ فإني أحس بكل آلامك وعذاباتك‏,‏ فمن غرائب الدنيا التي لاتتوقف عجائبها أن بعض أبنائنا هم أعداء لنا‏..‏ ولكن دعني قبل أن أتحدث إلي ابنك وابنتك وأمهما‏,‏ أطرح عليك أسئلة تستوقفني وتستعصي علي إجاباتها‏:‏ إذا كنت قد أحسنت تربية إبنيك‏,‏ فما الذي حدث لهما فجأة لينقلبا هذا المنقلب السيئ؟‏..‏ وإذا سلمنا بأن ابنتك إنجرفت خلف مشاعرها تجاه هذا الشيطان‏,‏ فما الذي يدفع ابنك إلي التضحية بما يرفل فيه من نعيم معك‏,‏ مستمتعا بثروتك‏,‏ لينضم إلي معسكر الأشرار‏,‏ مغردا خارج سربه‏,‏ لمجرد معلومات كاذبة وصلت إليه؟‏..‏ وكيف لابنتك المتعلمة ابنة المدارس الفرنسية أن تنجرف وتتزوج بمثل هذا الشيطان وهي تمسك بيديها كل مساوئه‏,‏ نعم الحب أعمي ولكنه يستعيد بصره بعد الزواج‏,‏ فهل مازالت عمياء أم أن من تعاشره ساحر؟‏!‏

أيا كانت الاجابات‏,‏ وحتي لو كان هناك في حياتك ما يعاقبك الله عليه‏,‏ أو كان ابتلاء من الله سبحانه وتعالي‏,‏ فلا يوجد في الدين أو في الأخلاق ما يبيح لولديك أن يفعلا ما قاما به تجاهك‏..‏ ولا أعرف ولا أفهم من أين أتتهما هذه القسوة وهذه المعصية فيأتيان بأكبر الكبائر كما قال رسولنا الكريم‏:‏ ألا أدلكم عل أكبر الكبائر؟ قالوا‏:‏ بلي يارسول الله‏.‏ قال‏:‏ الإشراك بالله وعقوق الوالدين وهل بعد هذا عقوق‏.‏ إن الله جل شأنه أمرنا في كتابه الحكيم‏:‏ وإن جاهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا‏,‏ شرك به سبحانه وتعالي ولم يأمر بالخروج عليهما أو زجرهما وإنما مصاحبتهما بالمعروف‏,‏ فكيف يكون حالكما والله ـ عز وجل ـ لم يفعل؟

أيها الابن المارق عد إلي رشدك واسمع قول نبينا الكريم فأنت ومالك لأبيك‏,‏ فلا تذهب إلي الكفر بإرادتك فمن رغب عن أبيه فهو كفر صدق رسول الله‏.‏ قد يخطئ الأب‏,‏ يقسو‏,‏ يغضب‏,‏ يزأر مثل الأسد لكنه لا يلتهم صغيره أبدا‏,‏ تغفو كل القلوب حولك إلا قلبه‏,‏ فلا تفقد هذا القلب ولا تجعله يغضب فيرفع وجهه إلي السماء لأنه لو فعل ستكون دعوته مستجابة‏.‏

وأقول لشقيقتك‏:‏ من أين جاءتك هذه القسوة ياصغيرة‏,‏ حتي لو اندفعت خلف قلبك‏,‏ كيف تجرأت علي سباب والدك‏,‏ لقد تألمت وبكيت عندما قرأت تلك الرسالة التي بين يدي والدك‏,‏ تلك اليدان اللتان حملتاك صغيرة وضمتاك إلي صدره‏,‏ وأتت إليك باللعب والحلوي‏..‏ تسبين أباك وتهددينه بالقتل‏,‏ لماذا؟ لأنه اعترض علي زوج يراه لايليق بك‏..‏ هل تنعمين الآن راضية عن نفسك مع مثل هذا الزوج‏,‏ كنت أتمني أن يمنعك من التجاوز مع والدك ليبرهن أنه رجل بمعني الكلمة‏,‏ ولكن تصرفاتك تكشف عن دوره في الإساءة إليك وإلي أقرب الناس إليك‏.‏

أما الأم‏,‏ فقد ألتمس لها العذر في غضبها لأن زوجها بعد كل هذه السنوات ذهب وتزوج بأخري سرا‏,‏ ولكنه في النهاية لم يرتكب إثما‏,‏ نعم أخطأ في حقك‏,‏ وعليك أن تقبلي الاستمرار أو ترفضي‏,‏ ولكن ليس من حقك أن تعيني ابنيك علي معصيته والتطاول عليه‏,‏ وتزيدي من الشرخ الذي أصاب جدار العائلة التي كانت سعيدة‏.‏

أيتها الأسرة التي كانت يوما سعيدة‏,‏ إن الحياة منفي قصير‏,‏ والعاقل هو الذي لايقضيها في عراك ويمتلئ قلبه بالشر تجاه من كان يحب‏,‏ الأمل باق‏,‏ مادام العقل موجودا‏,‏ واليد اللينة تقود الفيل بشعرة‏,‏ فهل تجتمعون وتبادرون بالمحبة وبطلب المغفرة والعفو من الله سبحانه وتعالي‏,‏ فهو الغفور الرحيم‏,‏ وقد يرفع غضبه عنكم ويصل ما انفصل ويعود الحب إليكم بدلا من كل هذا العذاب‏..‏ وإلي لقاء بإذن الله‏.‏

صرخــة العــار .. قصص حقيقيه



أنا يا سيدي فتاة بالفرقة الثانية بإحدي الكليات‏,‏ عمري‏19‏ عاما‏,‏ أعيش مع أسرتي في مدينة بإحدي محافظات وجه بحري‏,‏ لي ثلاث أخوات وولد جميعهم أصغر مني‏,‏ يعني أنا الكبري‏,‏ والكبيرة دائما عليها مسئوليات أكبر من الصغار‏,‏ والدي موظف‏,‏ طيب القلب‏,‏ ولكن المسئولية أنهكته مبكرا‏,‏ يعود من عمله الثاني بعد الظهر‏,‏ منكسرا‏,‏ صامتا‏,‏ يطل علينا بابتسامة باهتة حزينة‏,‏ يسألنا نفس السؤال كل ليلة حتي حفظناه‏:‏ إزيكم با أولاد‏..‏ أخباركم إيه‏..‏ كويسين؟‏..‏ الحمد لله‏.‏

لا أتذكر أني رددت عليه‏,‏ كما لا أتذكر أن جلس معنا يوما نتحاور أو نتناقش‏..‏ لا أتذكر أنه احتضنني يوما أو ربت علي رأسي وداعب شعري كما أري الآباء في الأفلام‏..‏ أما والدتي‏,‏ فهمها الأول أن ننجح ونتفوق‏,‏ ولغياب أبي الطويل عن البيت‏,‏ تمارس قسوة مصطنعة لتحمينا من غدر الأيام‏,‏ تلك القسوة التي باعدت ـ رغما عنها ـ بيننا‏,‏ فأصبحت وإخوتي كل له عالمه الخاص‏,‏ منغلق علي ذاته‏,‏ لا يعرف أحدنا شيئا عن الآخر‏.‏

مقدمة طويلة عن عائلتي أراها ضرورية قبل الوصول إلي كارثتي‏..‏ ذات صباح‏,‏ خرجت من شقتنا في طريقي إلي الجامعة‏..‏ كانت الساعة التاسعة صباحا‏,‏ استوقفت تاكسيا من الطريق‏,‏ ركبت في الخلف‏,‏ بعد دقائق‏,‏ توقف السائق ليحمل راكبا آخر‏,‏ قال إنه في طريقه إلي مكان قريب من الجامعة‏,‏ فتح الباب وجلس إلي جواري‏..‏ لحظات صمت طويلة‏,‏ تسلل إلي خوف لا أعرف مصدره‏,‏ تصلبت نظراتي في اتجاه الطريق‏,‏ حتي سمعت صوت من يحاورني‏:‏ يا آنسة لو سمحت‏,‏ التفت إليه‏,‏ فوجئت به يرش في وجهي رذاذا من أنبوب في يده‏,‏ قبل أن أسأله ماذا تفعل‏,‏ كان قد حدث لي شيء غريب‏,‏ كنت مثل المسحورة‏,‏ لم أذهب في غيبوبة‏,‏ لم أنم‏,‏ كل ما حدث أني شعرت بارتخاء في جسدي‏,‏ وغياب في عقلي‏,‏ فلم أنطق بكلمة‏,‏ ظللت واجمة لوقت لا أستطيع تقديره حتي الآن‏,‏ ولكني أيقنت بعد ذلك أني مكثت في السيارة بصحبة هذين الرجلين وقتا طويلا‏.‏

توقفت السيارة أمام منزل في شارع جانبي‏,‏ هبط الرجلان‏,‏ السائق والراكب‏,‏ وطلبا مني النزول‏,‏ فهبطت متكاسلة أمسك كل واحد بيد‏,‏ وصعدا بي إلي شقة في عمارة‏.‏

ضغطا علي جرس الشقة‏,‏ فتح الباب رجل طويل بدين‏,‏ سقطت عيناه علي‏,‏ عينان شريرتان‏,‏ احتفظت بخوفي منهما بداخلي‏,‏ طلب مني الجلوس في الصالة‏,‏ وتحدث مع الشخصين فانصرفا‏.‏

لا أتذكر تحديدا ما حدث بعد ذلك‏,‏ لقد أفقت لأجد نفسي عارية علي سرير وبجواري هذا البدين غارقا في نومه‏,‏ تلفت حولي‏,‏ حاولت النهوض‏,‏ سقطت علي الأرض‏,‏ أقدامي عاجزتان عن حملي‏..‏ استيقظ الوحش النائم‏,‏ ردد كلمات حقيرة‏,‏ فوجئت به يتجه نحوي‏,‏ يمسك بي‏,‏ ويحاول الاعتداء علي‏,‏ قاومته بشدة‏,‏ شدة العاجز الهزيل‏,‏ استندت علي الحائط‏,‏ وانتابتني حالة قئ شديدة والبكاء‏,‏ كنت أسأله‏:‏ مين انت‏,‏ أنا هنا ليه‏..‏ عملت في إيه‏..‏

أسئلة بلا إجابات‏..‏ كل ما قاله لي‏:‏ البسي هدومك علشان تروحي‏,‏ حاولت بصعوبة أن أفعل ذلك‏,‏ ساعدني‏,‏ وكاد يحملني إلي سيارته‏,‏ أجلسني بجواره‏,‏ وذهب بي إلي مكان بعيد‏,‏ مكان مزدحم بالسيارات‏,‏ وقال لي‏:‏ اتفضلي انزلي مع السلامة نزلت‏,‏ ساهمة‏,‏ لا أعي‏,‏ لا أفهم‏,‏ لا أقدر علي الوقوف‏..‏ سقطت علي الأرض‏,‏ تجمع حولي الناس‏,‏ أحضروا لي عصيرا‏,‏ رشوا وجهي بالماء والعطر‏,‏ سألوني عن بلدي فأخبرتهم‏,‏ وسألتهم أين أنا‏,‏ فأخبروني بأننا في موقف عبود بالقاهرة‏..‏ أنا في القاهرة؟ متي‏,‏ كيف‏,‏ ولماذا؟‏!‏

ساعدني الناس الطيبون في الوصول إلي سيارة ميكروباس‏,‏ وأوصوا السائق بي وطلبوا منه أن يوصلني إلي البيت‏.‏

أمام باب الشقة‏,‏ تركني السائق‏,‏ دخلت إلي حجرتي منهكة‏,‏ لم أتحدث مع أحد‏,‏ لم يسألني أحد‏,‏ فقد عدت في موعدي اليومي‏,‏ أخذت وقتا طويلا حتي أستوعب ما حدث لي‏..‏ دخل الليل ودخل معه أبي‏,‏ سأل عني‏,‏ أتي إلي حجرتي‏,‏ سألني أسئلته التقليدية‏,‏ وانصرف دون أن يسمع إجابة‏.‏

يومان يا سيدي‏,‏ وحيدة‏,‏ خائفة‏,‏ مذعورة‏,‏ أخاف النوم‏,‏ أخاف الخروج من شقتنا الصغيرة‏..‏ أحتاج إلي إنسان أرتمي في صدره‏,‏ أحكي له ما حدث معي‏,‏ ليشرح لي‏..‏ أنا لا أفهم شيئا‏,‏ صدقني‏,‏ لا أعرف ما الذي حدث لي؟‏!.‏

في اليوم الثالث‏,‏ قررت أن أفعل شيئا‏,‏ بحثت عن عيادة طببية نساء في مدينتي‏,‏ توجهت إليها‏,‏ قلت لها إني تعرضت لحادث وأريد أن أعرف ماذا فقدت؟‏..‏ ثارت في وجهي‏,‏ واتهمتني بالصفاقة وقلة الأدب‏,‏ وطردتني من عيادتها‏.‏

خرجت من عندها وإحساسي كامل بالخطيئة‏,‏ وبأني مدانة ومدنسة عجزت حتي عن مواجهة الله‏,‏ عجزت عن الصلاة‏,‏ كرهت الدنيا‏,‏ وتمنيت أن يزورني الموت‏..‏ فلا معني لحياتي‏.‏

لن يكون مناسبا يا سيدي أن تطالبني كما طالبت صاحبة الرسالة السابقة‏..‏ بإبلاغ الشرطة‏,‏ ليس لأنني ـ فقط ـ لا أمتلك أي معلومات عن السائق أو الراكب‏,‏ أو الوحش الشرير‏,‏ ولكن لأن فضيحتي ستكون بلا ثمن‏..‏ لأن والد الفتاة السابقة لم يبلغ ولم يحم ابنته‏,‏ فهل تعتقد أن والدي أو والدتي‏,‏ كما وصفتهما لك‏,‏ سيفعلان شيئا‏,‏ أم أنهما سيبتلعان الفضيحة‏..‏ سينكسر أبي أكثر مما هو منكسر‏,‏ سيهرب مني‏,‏ أكثر مما هو هارب‏,‏ سأطفئ أي شمعة للابتسامة في بيتنا‏..‏ علي أن أدفع الثمن وحدي‏,‏ ثمن جرم لم أفعله‏..‏ علي أن أطارد شبحا لوحش‏,‏ يحتل روحي وجسدي‏,‏ يسكن غرفتي وملابسي‏,‏ رائحته القذرة تملأ أنفي‏.‏

لا أنتظر منك كلمات‏,‏ فجرحي أكبر من المواساة‏,‏ لا أطلب منك أن تسأل هؤلاء الأوغاد أين ضمائرهم؟‏..‏ كل ما أردته هو أن أحكي‏,‏ فما أصعب أن يحمل جسد وعمر ضئيلان مثل هذا الهم‏,‏ وهذا العار‏,‏ وهذا الخوف‏..‏ ربما عندما أقرأ ما أعانيه أشعر ببعض الأمان‏,‏ ببعض الدفء الذي فقدته طوال عمري‏.‏


{‏ صغيرتي‏..‏ لست وحدك في هذا الحزن الكبير‏..‏ فكثيرات غيرك دفعن ثمنا باهظا لجرائم بشر تجردوا من إنسانيتهم واستسلموا للذئب بداخلهم‏.‏

لست وحدك‏,‏ لأني تلقيت قبلك رسائل ومكالمات عديدة‏,‏ لفتيات تعرضن لاعتداءات جسدية من سائقي سيارات أجرة‏,‏ وابتلعن عارهن وفضيحتهن التي هي عار وفضيحة المجتمع‏,‏ لأن الوصول إلي الجاني صعب‏,‏ ولأن فضيحة الأهل ونظرة الناس أكبر ألما من مطاردة ذئب ضال‏.‏

شكرا يا ابنتي لأن مأساتك يمكن أن تنير الطريق لغيرك‏,‏ فأنت دفعت ثمنا كبيرا‏,‏ ولكن الأمل أن تحمي مأساتك آباء وبنات مثلك من هذا المصير‏.‏

ليت كل أب أو أم‏,‏ يقف ويتأمل أمام كلماتك‏,‏ فأبناؤنا لا يحتاجون منا فقط أن نوفر لهم المأوي والطعام‏,‏ أبناؤنا يحتاجون إلي الاحتواء والحنان‏,‏ إلي الحوار‏,‏ لا أن يعيش كل في جزيرته‏,‏ معتقدا أنه يؤدي ما عليه‏.‏

الجريمة التي ارتكبت في حقك كانت محكمة‏,‏ ومن المؤكد أنها لم تكن الأولي لهؤلاء المجرمين‏,‏ ولكن كيف يمكن الوصول إليهم؟‏..‏ عدالة السماء يا ابنتي لا تهتز ولا تغيب‏,‏ قد تتأخر لحكمة يراها الله سبحانه وتعالي‏,‏ ولكنها آتية لا ريب‏,‏ سواء علمت بالعقاب أم لم تعلمي‏,‏ ولكن أليس واجبا علينا أن نشترك جميعا في مواجهة مثل هؤلاء الذئاب‏..‏ أليس من الأفضل أن نغير نظرة المجتمع للضحية‏,‏ ونطالبه بأن يكون أكثر إيجابية في مواجهة الجاني‏.‏

نعم‏,‏ أنت صغيرة علي هذه المواجهة‏,‏ ولكني أطلب منك أن تساعدينا كي نساعدك‏,‏ ونحمي غيرك مما تعرضت له‏,‏ اتصلي بي وأعدك أن يظل الأمر سرا‏,‏ وأثق في الشرفاء بوزارة الداخلية‏,‏ أن يحفظوا سرك ويبذلوا جهودهم للوصول إلي هؤلاء الجبناء‏.‏

أكرر مرة ثانية‏,‏ لدي الكثير من جرائم الاغتصاب التي يرتكبها بعض سائقي التاكسي‏,‏ لذلك علينا أن نوعي أبناءنا ونطالبهم بالاتصال بأي أحد في الأسرة وإبلاغه برقم التاكسي الذي يركبونه‏,‏ علي أن يسمع السائق هذه المكالمة‏,‏ حتي ولو كانت ادعاء‏,‏ ولابد من الاحتفاظ برقم التاكسي حتي مغادرته‏,‏ كما أتمني أن تخصص وزارة الداخلية رقما سهلا يمكن الاتصال به للإنقاذ العاجل في مثل هذه الحالات‏,‏ أو للإبلاغ عما حدث دون الإضرار بسمعة الضحية‏,‏ كما يجب متابعة سائقي سيارات الأجرة والتأكد من حسن سلوكهم كل فترة‏,‏ وألا يتركوا بالسنوات لحين تجديد الرخصة الذي يتم بصورة روتينية‏.‏

ابنتي الصغيرة‏,‏ كم كانت كلماتك خنجرا في قلبي‏,‏ كما هي خنجر في قلب الوطن‏,‏ ولكن عليك أن تتخففي مما أنت فيه‏,‏ فالذنب ليس ذنبك‏,‏ توجهي بقلب صادق إلي الرحيم الكريم‏,‏ رب العباد‏,‏ فهو القادر علي احتواء حزنك وتبديد كربك‏..‏ وإلي لقاء بإذن الله‏.‏

حضن الحبيب ... قصص حقيقيه




أنا سيدة قضيت حياتي كلها أحرث البحر وأحصد الملح‏,‏ تتناقلني دوامات الحياة واليوم وقفت أمام ربي أتهجد وأقر له بأنني قد هزمتني الدنيا‏,‏ جردتني من كل مقومات الحياة‏.‏ اليوم وقفت علي شاطئ الحياة لا أملك أي شئ يعينني علي استكمال المشوار ـ فلانقود‏,‏ ولاعمل‏,‏ ولا وضع اجتماعي‏,‏ لاملابس جيدة تعكس شخصيتي وتعزز كياني‏,‏ لا أصدقاء‏,‏ لاجيران لا أمل في غد‏,‏ كل ماسوف يجول بخاطرك سأقول لك لا‏,‏ إلا من قدر كبير من إيماني بربي وحب لايزيده حرماني من الدنيا إلا وصلا وقوة‏.‏
نشأت في أسرة فقيرة تجرعت مرارة الفقر وسنوات كنت أستيقظ من نومي لا أدري أأبحث عن رغيف يسد جوعي‏,‏ أم عن أم تعمل علي تربيتي‏,‏ أم عن أب دائم السفر بلا هدف‏,‏ أم عن أخوة تزوجوا قبل أن أبدأ مشوار حياتي‏,‏ عملت بشهادة متوسطة في عدة أماكن فمازادني العمل إلا إحساسا بالحرمان ورغبة في تحسين أوضاعي‏.‏

جاءتني فرصة عمل في إحدي الدول العربية فقلت جاء الفرج ويالا خيبة الرجاء حينما تمني الدنيا ولاتعطي‏.‏ كانت بعد حرب الخليج مباشرة وكانت المرتبات قليلة جدا والشركات متعثرة ولايمنحون العمالة الوافدة رواتبهم إلا كل عام‏,‏ أو كل عام ونصف فكنت أقضي الأسابيع بلا طعام ولا شراب‏,‏ صدقني كنت لا أجد الماء لأروي ظمئي‏,‏ بالأيام صبرت وتحملت كلما تذكرت أنني مررت بما هو أمر من ذلك‏.‏ ضاع من عمري‏7‏ سنوات عدت بعدها وكل ماأملكه هو ثمن شقة متواضعة في المنطقة التي أسكن بها‏.‏

بدأت رحلة البحث عن عمل من جديد وكأنني أبدأ من الصفر ورزقت بفرصة عمل بشركة بترول ويالا خيبة الأمل حينما تمني الدنيا ولا تعطي وضعني حظي العثر مع مدير عام يهوي إذلال البشر وسحقهم تعطيه الدنيا كل مالديها ويحرم الناس الهواء الذي يتنفسونه‏.‏ عملت بالشركة كعاملة مؤقتة وشتان الفرق بين المعينين والمؤقتين في هذا القطاع العملاق فضاع من عمري‏6‏ سنوات أخري في انتظار معجزة السماء تأتي ليتم تعييني وأعبر جسور الضيق والفقر فإذا بشيطان يصطاد في الماء العكر يعلم مدي احتياجي للعمل ويبدأ يسمعني كلمات الحب والهيام

ونسيت أن أخبرك أنني خلال تلك الفترة كنت قد تعرفت علي شاب لايملك من الدنيا سوي وظيفة بسيطة‏,‏ بمرتب بسيط‏,‏ وتزوجنا في هذه الشقة وأنجبنا طفلا يعاني تشوها في قدميه ويحتاج إلي رعاية طبية وعمليتين جراحيتين وبناء علي هذه الظروف الجديدة حاولت أن أعين في الشركة فقامت الدنيا ولم تقعد وهذا الشيطان نسي أنني زوجة وأنني أم وبدأ يطالبني بأشياء غريبة وإلا يحرض علي هذا المدير حتي اضطررت لترك العمل في أصعب الأوقات وبعد‏6‏ سنوات‏.‏

جلست في بيتي وقلت أرعي طفلي وربما أراد الله ذلك حتي أزيد عنايتي به أكثر‏,‏ طبعا ستقول لي هدأت العواصف وبعدت عن دوامات البحر‏,‏ سأقول لك للمرة الثالثة يالا خيبة الرجاء فقد زاد العبء المادي وقلت الموارد فإذا بالزوج الذي ضحيت من أجله بالرخيص والغالي والذي تركت عملي حفظا علي كرامته وعرضه‏,‏ وتحملت معه أصعب الظروف التي لو ذكرتها فلن يصدقني أحد‏,‏ إذا به يتخلي عني في محنتي ويتركني ألقاها وحدي وكأنها غلطتي وعلي تحملها فدخله قليل وكان مرتبي هو الذي يتم بنا الشهر ولايعود علي منه شيء‏,‏ نسيت أنني أمرأة لها زينتها‏,‏ فامتنعت عن شراء الزينة والعطور والملابس والأحذية‏,‏ وكل ما أحتاج إليه أثناء عملي‏,‏ لتعبر السفينة إلي بر الأمان

وبعد أن تركت عملي أصبح يخفي عني حقيقة مرتبه‏,‏ ويعطيني مالايفي احتياجات صغيري ويتركني في البيت وحدي ويتوجه مع زملائه إلي المقاهي ويحيا حياته بطريقة طبيعية وأنا أجلس في البيت أنعي عمري الذي ضاع سنوات تلو سنوات وشبابي الذي ذبل وكياني الذي إنهار فأصبحت مسخا لإنسان‏..‏ أصابني الاكتئاب ثم الأرق حتي أنني الآن أصبحت أصل الليل بالنهار أنام ساعتين أو ثلاثا في الأربع والعشرين ساعة وفعلا كما قلت لك قمت لأصلي الليل بين يدي ربي وفي سجودي قلت له إلهي وسيدي ومولاي هزمتني الدنيا فأعد الكرة عليها ياذا الجلال والإكرام‏...‏

ماذا تعتقد أن تكون مكافأة ربي لي علي هذا الصبر الطويل؟‏!‏ هل ستقول لي وجدت عملا؟‏!‏ أنا حتي هذه اللحظة أخرج للبحث عن عمل ليس معي سوي جنيهات بسيطة قد لاتفي بعودتي للبيت‏.‏

هل ستقول لي شفي صغيري أو انصلح حال زوجي أو أخذ الله بثأري ممن ظلموني وقطعوا عيشي‏.‏ أم وجدت كنزا أو خاتم سليمان ؟ سأقول لك أفضل من ذلك كله لقد كافأني ربي بما هو خير من الدنيا وماعليها كافأني ربي برؤيا لحبيبي المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)..‏ رؤيا طويلة واضحة حدثني فيها كثيرا ثم ضمني لصدره الشريف ضمة والله ماعلي الدنيا خير منها‏..‏

أرسلت لك برسالتي أولا لأتحدث مع أحد وأشعر أن هناك من يسمعني‏,‏ وثانيا لأخبرك وأخبر قراءك الأعزاء وأعلن علي الملأ أن الله لا يضيع أجر المحسنين‏,‏ وأنه من ترك لله خيرا عوضه الله خيرا منه‏,‏ تمسكوا بدين الله وحب رسوله ولاتنتظروا الجزاء في الدنيا وكلما ضاقت بكم قفوا بين يديه في الليل‏,‏ تضرعوا‏,‏ تذللون غبروا جباهكم بين يدي رحمته‏,‏ فوالذي نفسي بيده ستهون عليكم الدنيا كما هانت علي وسوف تتمنون لو زادكم بلاء حينما تتيقنون أن الله إن أحب عبدا ابتلاه‏.‏

لن أقول لك بماذا تنصحني فقد عرفت الطريق ولكنني أستحلفك بالله أن توجه النصح لمن يغضبون وجه الله الكريم بالليل والنهار طلبا لدنيا زائلة إذا أضحكت يومها‏,‏ أبكت ليلها‏,‏ وللظالمين الذين رغم شدة الوعيد والتخويف من الظلم مازالوا يظلمون‏,‏ ويقطعون الأرزاق‏,‏ وقل لهم إياكم ودعوة المظلوم وإياكم وقطع عيش إنسان أعطاه الله الحق لأن ينظر إلي السماء ويقول حسبي الله ونعم الوكيل‏.‏


*‏ سيدتي‏..‏ من هن مثلك لسن في حاجة إلي كلمات مني أو من غيري‏,‏ فأنت وعلي الرغم من كل هذا الابتلاء‏,‏ ابتلاء بالفقر والمرض والعمل والزوج‏,‏ فإن شجرة صبرك الجميل استطاعت أن تضرب بجذورها المرة‏,‏ لتأتي بثمار شهية‏,‏ فيها بشارة بوعد الله الحق في كتابه الحكيم فاصبر إن وعد الله حق‏,‏ فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون‏.‏

وها أنت تستقبلين البشارة بقلب سليم‏,‏ وتفهمين مغزي حديث الرسول الكريم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ وضمك لصدره الحنون‏..‏ هذه الرؤيا‏,‏ التي تطمئنك بأن الله معك‏,‏ وأن قسوة الأيام عليك ماهي إلا ثمن هناء قادم في الدنيا والآخرة‏,‏ وكما قال الشاعر جبران خليل جبران‏:‏ زرعت أوجاعي في حقل من التجلد‏,‏ فنبتت أفراحا‏.‏

الأزمة الحقيقية ياسيدتي‏,‏ في هؤلاء الذين ماتت ضمائرهم‏,‏ وأوغلوا في ظلمهم ولاتحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون‏,‏ إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار صدق الله العظيم‏.‏
فإذا كنت قد واجهت الظلم بالصبر‏,‏ وهربت من جحيم الخطيئة التي حاولوا دفعك إليها‏,‏ فإن هناك كثيرات لايعرفن طريق الصبر‏,‏ وقد يستسلمن لليأس تحت ضغط الحاجة والفقر‏,‏ معتقدات أنهن خارجات من رحمة الله التي وسعت كل شيء‏.‏ مثل هؤلاء أذكرهن بقول لمفكر عربي‏:‏
الظالم نادم وإن مدحه الناس‏,‏ والمظلوم سالم وإن ذمه الناس‏,‏ والقانع غني وإن جاع‏,‏ والحريص فقير وإن ملك‏.‏
لن أقول شيئا للظالمين الذي تتحدثين عنهم‏,‏ فرسالتك تكفي لإحياء القلوب الميتة‏,‏ ولكني أرجو أن تتصلي بي منتصف الأسبوع القادم لعلي أنجح في توفير فرصة عمل لم تطلبيها بإباء المخلصين من أمثالك‏..‏ وإلي لقاء بإذن الله‏.‏

الحي الشعبي ... قصص حقيقيه



{‏ أنا فتاة أبلغ من العمر‏24‏ عاما علي قدر كبير من الأخلاق والالتزام والتدين والجمال‏,‏ نشأت في أسرة متحابة‏,‏ يحترم كل منهم الآخر بأفكاره وطباعه وإن لم نتفق‏.‏

فأبي رجل فاضل ذو مركز مرموق وعصامي بني نفسه باجتهاده وطموحه‏,‏ يشهد له الجميع بخلقه وصلاحه وهو في عائلتنا يسمي كبير العائلة يؤخذ برأيه في كل كبيرة وصغيرة‏.‏

وأمي سيدة فاضلة مثقفة ربة منزل تفرغت لتربيتي أنا وأخوتي ولكني أسكن في منطقة شعبية نعم منطقة شعبية هذه هي المشكلة ولكنها ليست مشكلتي بل مشكلة الآخرين‏.‏ كنت في السنة الأخيرة في الجامعة تعرفت من خلال زملائي علي زميل لنا وكان علي قدر كبير من الالتزام وحسن الخلق بشهادة الجميع ولفت نظري طبعه الهادئ وتفكيره العاقل في كل الأمور‏,‏ فبعد تخرجنا لم أعد أعرف أخباره إلا بين الحين والاخر باتصاله ليطمئن علي أخباري أو بإرسال رسالة تهنئة بمناسبة ما وأعجبني سلوكه وأخلاقه المهذبة والتي أصبحت نادرة‏,‏ وجاء الوقت الذي طلب مني الارتباط فوافقت وتم تحديد ميعاد مع والدي فتعرف عليه وتحدث معه في كل حياته ومستقبله واتفقنا علي زيارة والديه لنا ليتكلموا في تفاصيل الزواج‏.‏

وجاء اليوم الذي زارونا فيه فرأيت ما لم أكن أتوقعه والده مستاء من زحام الطريق وقال لوالدي إنها مشكلة الأماكن الشعبية‏,‏ فأحسست من والده بنظرة متعالية إلي حد ما‏,‏ وما أثار قلقي انه لم يتكلم مع والدي في شئ علي الإطلاق بل تحدثوا في أمور أخري ليس لها علاقة بالزواج حتي شعرت بدهشة أبي وأمي حتي انصرفوا‏.‏

ماذا حدث نحن لم نفعل شيئا بل رحبنا بهم علي أكمل وجه وعرفت بعد ذلك ان سبب الرفض هو انني أسكن في منطقة شعبية وأن رأي والدته ان الفتيات في تلك المناطق يتصفن بالجرأة الشديدة وأنهن كما تقول بيبقوا عارفين كل حاجة ما هذا؟ هل أصبحت تقاس أخلاق الفتاة بالمكان الذي تيعش فيه؟ هل معني ذلك ان التي تسكن في جادرن سيتي أفضل أخلاقا من التي تسكن في العجوزة؟ أين النظر إلي تدين الفتاة؟ وأين النظر إلي خلقها؟ وأين النظر إلي أخلاق وثقافة أهلها‏...‏ وأين وأين وأين؟

لقد صدمت بعقول مازالت متحجرة تحكم علي الصورة من خارجها كم من اناس تعيش في أفضل الأماكن ولكنها أردأهم سلوكا أنا أعني ان المكان ليس مقياسا للأخلاق أو للحكم علي الآخرين‏.‏

هذا بالرغم من انني أسكن في موقع متميز في هذا الحي الشعبي وبالرغم من ان لدينا مكانا آخر في حي راق كما يقال في إحدي المدن الجديدة ولقد عرضت علي هذا الشخص ان يأتي بوالديه إلي هناك ولكنه رفض وقال لي‏:‏ إنهم جايين لأصحاب البيت مش جايين للبيت‏,‏ هذا عني‏..‏ فماذا عن كل فتاة لا تستطيع ان تسكن في مكان آخر هل تصبح أسيرة لتلك الأفكار‏,‏ أو انه حفاظا لكرامتها وكرامة أهلها لا تتزوج إلا ممن يسكن في حي مناسب لها‏!‏ لا أعرف ماذا أقول؟ ولكني ادعوالله عز وجل ان يعوضني خيرا وأقول لوالدي اني أحبكما من كل قلبي وأشكر ما فعلتماه من أجلنا وجزاكماالله عنا خيرا‏.‏

**‏ سيدتي‏..‏ كنا قديما عندما نريد أن نختصر الصفات الطيبة في انسان‏,‏ مهما كانت الطبقة التي ينتمي اليها‏,‏ نقول انهابن بلد‏,‏ وأبناء البلد دائما ينتمون إلي المناطق الشعبية‏.‏ لذا فإن نظرة اسرة هذا الشاب اليكم من خلال المنطقة التي تسكنون فيها‏,‏ نظره سطحية‏,‏ لم تستطيع النفاذ‏,‏ الي تماسك اسرتك‏,‏ ورقي فكرها‏,‏ وكفاح والدك الذي أوصله إلي مركز مرموق‏,‏ ولا إلي اللغة الراقية التي تجمع بينكم‏.‏ مثل هذا التفكير وأصحابة لايستحقون ان نحزن عليهم او نغضب منهم‏,‏ بل نشفق عليهم‏,‏ ونحمدالله اننا لم نخدع فيهم ونكتشف اسلوب تفكيرهم ومنطقهم الضيق في النظر الي الحياة بعد فوات الاوان ايضا هذا الشاب الذي قال لك كلاما يبدو انه لايؤمن به‏,‏ لايستحق الحزن علي فراقه‏,‏ فهو ضعيف الشخصية‏,‏ لم يصمد أمام رؤية والديه‏,‏ استسلم لهما‏,‏ وضحي باختياره‏,‏ تحياتي لك ولوالديك اللذين احسنا تربيتك أنت وأخوتك‏,‏ وسيعوضك الله خيرا مما فقدت‏,‏ المهم الا تتغير قناعاتك‏,‏ مهما وجدت من قلوب وعقول مظلمة‏.‏

حدث في المترو ... قصص حقيقيه



تبدو رسالتي اليك مختلفه كثيرا عن نوعيه القضايا والمشكلات التي يتناولها هذا الباب ولكني اخترت ان ارسل اليك لمعرفتي بان بريد الجمعه يقروه الملايين من هذا الشعب‏,‏ وما اتحدث عنه شديد الحساسيه ويحتاج الي عقول متفتحه وقلوب تحب هذا الوطن وتخشي عليه‏,‏ بعد ان اصبح الخطر عليه من ابنائه وليس من اعدائه المعروفين‏.‏

سيدي انا شاب مسيحي من شبرا عمري يقترب من الثلاثين عشت ايام الطفوله والصبا بين زملائي واصدقائي في المدرسه والشارع وانا لا اشعر اني غريب او خائف‏,‏ تعلمت ان الدين لله ومصر للجميع لم يبتعد عني اصدقائي وجيراني المسلمون لاني مسيحي ولم اشعر يوما ان علي عدم الاندماج معهم لانهم مسلمون‏.‏

نعم انا مسيحي واومن بديانتي واودي فروضي ولكن جزءا من تكويني اسلامي احترم هذا الدين وامارس طقوسه بدون تفكير فانا اسمع الاذان كل يوم خمس مرات واسمع القران في المسجد وفي التليفزيون‏,‏ اشارك في جنازات المسلمين‏,‏ واذهب الي مقابرهم‏,‏ واحضر عزاءهم‏,‏ اسعد باعيادهم‏,‏ واشاركهم فيها‏.‏

لي اصدقاء مسلمون كان اهلي يدفعونني لمصادقتهم لانهم ملتزمون بفروض دينهم‏,‏ في حين كانوا يحذرونني من بعض اصدقائي المسيحيين لانهم غير ملتزمين‏.‏

نشات في هذه الاجواء يا سيدي لا اعرف الا المحبه ولم اجن الا المحبه ولكن منذ سنوات قريبه بدا هذا الاحساس يتسرب من نفسي بعد ان كثرت الخلافات والازمات بين المسلمين والمسيحيين‏,‏ واصبحت بطلا رئيسيا علي صفحات الصحف فبدات استشعر الاحتقان في القلوب‏,‏ تغيرت نظرات من حولي مسلمين ومسيحيين لا استثني احدا ولا اريد ان اخوض في تفاصيل ستقود في النهايه الي مزيد من البعد وانا لا اسعي من رسالتي الا الي عوده المحبه‏.‏

كل شيء يدعو الي الانعزال‏,‏ حوارات الاصدقاء مملوءه بالمراره‏,‏ وتبادل الاتهامات‏,‏ واصبحت حكايه ولد احب بنتا‏,‏ كل علي ديانه مختلفه دافعا لاشعال النيران‏,‏ واشتباك الاهالي‏,‏ وتدخل الشرطه‏,‏ بل وصلت الامور الي حد القتل‏,‏ ولم يعد غريبا ان نسمع عن اقباط المهجر واقباط الداخل والهجوم علي الكنائس‏,‏ الاضطهاد‏,‏ وغيرها من الكلمات والافعال التي لم تكن موجوده من قبل‏,‏ وكاننا شعبان نتصارع علي وطن كان يجمعنا تحت مظلته وحمايته‏.‏كل هذا يحدث ولكنه لم يدخل الي قلبي الخوف‏,‏ نعم تسلل الي الحزن والقلق‏,‏ ولكن شيئا ما كان يطمئنني بان الله محبه ومحبته ستجمع ابناء هذا الوطن وستعيد اليهم وعيهم‏,‏ ويفيقون من الطريق المظلم الذي يسيرون فيه‏,‏ الي ان وقع شيء امام عيني‏,‏ سرب الخوف الي قلبي وجعلني استشعر خطرا كبيرا يستحق منا جميعا ان نذهب الي كلمه عاقله تجمع ولاتفرق‏.‏

سيدي‏..‏ منذ ايام كنت استقل المترو في طريقي الي محطه مبارك‏,‏ وفي محطه الدمرداش كان يجلس رجل ملتح يفتح المصحف‏,‏ ويقرا بصوت مرتفع وعلي الرغم من انني اري هذا السلوك غير متحضر وفيه تعد علي الاخرين بعيدا عن ديانتهم‏,‏ ويشبه في نظري من يمسك بالموبايل ويتحدث في امور خاصه بصوت مرتفع‏,‏ فارضا الحوار علي الجميع في مواصله عامه‏,‏ الا انني اعتدت هذا المشهد في وسائل المواصلات‏,‏ فلم يعد يثير انتباهي واراه سلوكا عاما للمصريين‏,‏ يبالغون في اظهار تدينهم بدون ان نري انعكاسا لما يقوله هذا الدين علي سلوكياتهم‏.‏

بينما كان الرجل مستغرقا في قراءه القران بصوت مرتفع فوجئنا جميعا بشاب يرفع صوت هاتفه المحمول بترانيم كنسيه‏..‏ شاب مسيحي‏,‏ اراد بغباء ان يعبر عن رفضه لفكره فرض ما يسمعه بدون استئذان‏,‏ وربما اراد ان يقول هو الاخر من حقي كمواطن ان اسمع ما اريد‏.‏

هنا بدات الهمهمات تعلو في العربه‏,‏ وبدات اصوات الاعتراض فسارع الرجل الملتحي بالتوقف عن قراءه القران‏,‏ فصرخ احد الواقفين فيه اكمل القراءه هل تتوقف من اجل هذا ال‏...‏ كلمه من الشاب وكلمه من هنا‏,‏ بدات معركه من السباب ومحاوله الاعتداء بين كل الاطراف‏,‏ اصابني الشلل ولم اتحرك من مكاني وتسرب الي خوف شديد لم اشعر به من قبل‏.‏

المهم اكمل لك ما حدث‏,‏ في مبادره طيبه تحرك الرجل الملتحي الي الشاب المسيحي ليعتذر له معترفا بانه اخطا في سلوكه‏,‏ ولكن للاسف كان الشاب المسيحي في حاله صمم‏,‏ وكانه لم يفهم تلك البادره الطيبه‏,‏ فتملكته العصبيه والتعصب‏,‏ فاهان الرجل وسبه فما كان من الاخير الا ان لكمه في وجهه‏,‏ وبدات المعركه تشتعل من جديد‏,‏ ولم ينقذ الموقف الا توقف المترو في المحطه التاليه‏,‏ فسارع الناس بانزال الرجل المسلم ومنعوا الشاب المسيحي من الهبوط‏,‏ وكان هذا هو الحل الاسلم والامثل في مثل هذا الموقف العصيب‏.‏

هبطت من المترو في ميدان التحرير واحسست بعدم الرغبه في اي شيء جلست علي مقهي ارمي بعيوني وانا ذاهل وحزين‏,‏ حركه الناس الطيبين ابناء مصر‏,‏ لا استطيع التفرقه بين المسلم والمسيحي كلنا في الهم كما في الفرح سواء‏.‏

ظللت اسال نفسي‏:‏ ما الذي يحدث؟ ولماذا؟ ومن المستفيد منه؟ وكيف يمكن ان نعود الي ما كنا عليه؟ ومن الذي عليه ان يجمعنا مره اخري؟ كلها اسئله طاردتني ولم اجد لها اجابه‏,‏ كل ما اعرفه اني مصري‏,‏ وليس لي وطن اخر‏,‏ ولست من اقليه تعيش في مصر‏,‏ بل انا مواطن لي كل الحقوق‏,‏ حتي لو حاول البعض بجهل تقليصها‏,‏ اشتاق الي جلسه اصدقائي المسلمين بامان‏,‏ بدون ان اري في عيونهم اتهامات او رفضا لي‏,‏ ولا احب ان اسمع تحذيرات من ابناء ديني للابتعاد عن من احببتهم‏.‏

ولكني لا اعرف الطريق الي ذلك‏,‏ فهل يمكن ان تنير هذا الطريق‏,‏ او تدعو المسئولين من الطرفين لحوار بناء حقيقي‏,‏ بدون صور المصافحات الباهته والقبلات البارده التي تطل علينا في الصحف والتليفزيون مع كل ازمه؟

***‏ سيدي‏..‏ اشكرك علي رسالتك الصادقه والكاشفه فالمجتمع الان يعيش حاله من الجهل والتعصب‏,‏ لا اعتقد ان مبررها هو تزايد الايمان‏,‏ انماهي نتيجه لازمات يعيشها المواطن المصري مسلما ومسيحيا ويعجز عن مواجهتها فيتجه ظاهريا الي التدين‏,‏ والبحث عن نقاط ضعف ينفذ منها ويبدو قويا قادرا علي الانتصار فيما الحقيقه انه يدمر نفسه ويواصل هزائمه‏.‏

ما يحدث ليس تدينا‏,‏ لان الله سبحانه وتعالي يقول في سوره المائده لتجدن اشد الناس عداوه للذين امنوا اليهود والذين اشركوا‏,‏ ولتجدن اقربهم موده للذين امنوا الذين قالوا انا نصاري‏,‏ ذلك بان منهم قسيسين ورهبانا وانهم لايستكبرون‏(‏ صدق الله العظيم‏)‏ فالدين الاسلامي يغرس المحبه والموده‏,‏ والرسول الكريم صلي الله عليه وسلم كان رفيقا بالكفار واليهود‏,‏ والمسيح عيسي بن مريم عليه السلام يقول فاليحب بعضكم بعضا انها المحبه التي تدعو اليها كل الكتب السماويه والانبياء والرسل‏,‏ والذين قلوبهم غلف هم الذين لايفهمون المعاني الساميه في الاديان‏,‏ ولم يستسلموا الي الفطره التي ولدوا عليها‏.‏

القلب المحب يا سيدي يسع الدنيا‏,‏ ولايضيق بالاخر ايا كان دينه او عقيدته‏,‏ فلو اراد الخالق ان يجعل الناس جميعا تتبع دينا واحدا‏,‏ لكان عليه امرا يسيرا‏,‏ ولكن بعض الناس يعطون لانفسهم حقوقا هي لله وحده يهدي من يشاء ويضل من يشاء‏,‏ ولكل ان يختار طريق وصوله الي الله‏.‏

ليست الازمه صراعا عقائدا وانما هي في احد اوجهها المتعدده غياب الفهم الحقيقي للدين وممارسه التدين كل يفسر حسب هواه‏,‏ ويحاول ان يفرض وان يطبق ما فهمه واستوعبه علي الاخرين‏,‏ ولو كان هذا المجتمع متدينا حقا‏,‏ ما انتشر الفساد‏,‏ وما تراجعت الامه‏,‏ وماتخلفنا الي هذا الحد‏,‏ الحقيقه ان التدين الان ظاهري فقط بدون ان يلمس قلوب الكثيرين‏.‏

الازمه الحقيقيه هي في الظروف الاقتصاديه الصعبه‏,‏ في حاله الاحباط التي تعيشها قطاعات متعدده‏,‏ مشكلات واعتصامات واضرابات في المصانع كما في هيئات التدريس‏,‏ في القري والجزر كما هي في المدن‏.‏

اعتقد ان هذه الحاله من الاحباط والياس لفئات كثيره من المجتمع بمسلميه ومسيحييه هي التي منحت الفرصه لظهور هذه النتوءات علي وجه الوطن‏,‏ الذي اصبحت مناعته ضعيفه وتحتاج الي مقويات عاجله‏.‏

ان ما حدث في المترو‏,‏ وما حدث في اسنا وغيرها من النيران التي تشتعل لاسباب واهيه وتافهه جرس انذار‏,‏ فقد تنجح الحكومه في حل المشكلات الاقتصاديه‏,‏ وتحل مشكلات الاسكان‏,‏ وترفع الظلم عن المظلومين‏,‏ ولكن نيران الفتنه لو اشتعلت بين ابناء الوطن لن يستطيع احد ان يطفئها‏,‏ لذا اتمني ان يكون هناك حوار صادق بين عقلاء هذه الامه بعيدا عن كاميرات الصحافه والتليفزيون لفهم ما يحدث وبحث كيفيه مواجهته‏,‏ واعاده الوئام الي ابناء الوطن بدون تحديد ديانتهم‏,‏ فسوف يذهب الجميع وتبقي مصر دائما هي وطن المحبين والي لقاء باذن الله‏.‏

سـن اليأس .. قصص حقيقيه



لا أدري من أين أبدأ‏,‏ لم تأتني الجرأة من قبل لكي أكتب إليك إلا هذه اللحظة حيث وصل بي الألم إلي ذروته‏.‏ فأنا ممن يعشقون هذا الباب ولكن لم أكن أعرف أنني سأكون واحدة ممن يكتبون إليك‏.‏

أعرف جيدا حكمك علي‏,‏ ولا ألومك ولكني أحتاج إلي من يرشدني إلي وسيلة لعقاب النفس حتي تهدأ ويرتاح الضمير‏,‏ وأنا علي ثقة بأنه لن يرتاح الضمير لأن عقاب الله ينتظرني ولكن لم أيأس من رحمة الله فإنه يغفر الذنوب‏.‏

أنا يا سيدي زوجة في الثلاثين من عمري تزوجت منذ تسع سنوات لم أكن أعرف معني الحب إلا في قصصي التي كنت أكتبها تمنيت أن أعيش قصة حب فعشتها علي الورق‏,‏ فتربيتي منذ الصغر حرمت علي التعامل مع الرجال فتخرجت في الجامعة وأنا أتمني أن أقابل من يحبني وأحبه‏,‏ ولكن خوفي من أسرتي جعلني ابتعد كل البعد عن الرجال فأنا رومانسية إلي أبعد درجة واجتماعية بشكل مفرط وذلك كلما أتيحت لي الفرصة‏,‏ إلي أن تقدم لي شخص فيه صفات الزوج المناسب فوافقت علي الفور وأحببته قبل أن أراه لأني كنت في حالة من اللهفة حتي أفرغ كم الحب الذي بداخلي تجاه أي شخص ارتبط به‏,‏ امتلأت أركان بيتي بهذا الحب ومرت السنون بي وأنا في حالة من السعادة لأنني شعرت بالاستقلال عن أسرتي التي كانت دائما تحجم علاقتي بالناس وتحرم تعاملي معهم‏..‏

ولم ينغص علي حياتي إلا أنني أكتشفت أن زوجي غير قادر علي الانجاب وهذه هي مشيئة الله‏,‏ لم اعترض عليها وتعاملت مع هذه الأزمة في البداية بكل قوة وشجاعة ولم أشعر زوجي ولو للحظة بأني في حاجة إلي الإنجاب فتعلق بي كثيرا وكنت أنا كل حياته حيث لا يستطيع العيش بدوني ولكن يا سيدي الفاضل لم تدم هذه السعادة حيث بدأت الأفكار تراودني وبدأت أشعر بالوحدة كلما مرت سنة من عمري‏,‏ إلي أن أتممت الخامسة والثلاثين من عمري شعرت بعدها بأني اقتربت من السن التي لا تستطيع فيه المرأة الانجاب‏,‏ انقلب كياني وبدأت أفتعل المشكلات‏,‏ كل هذا وأنا غير راضية عن نفسي وطلبت الطلاق أكثر من مرة ولكني سرعان ما أشعر بمدي احتياج زوجي إلي ولمعرفتي أن حياته ستهدم إذا انفصلنا‏,‏ ولكن يا سيدي الوحدة كانت تدمر حياتي حيث إن زوجي يتغيب لساعات كثيرة عن البيت فبدأت أشغل نفسي بحفظ القرآن والذهاب لحضور دروس دينية‏,‏ ولكن ذلك لم يكف‏,‏ فشبح سن اليأس يطاردني وبدأت أعيش حياة غير حياتي تغيرت المفاهيم لدي بعدما كنت رمزا للهدوء والطاعة حتي بين زملائي في العمل‏.‏ بدأت أعيش كمراهقة صغيرة‏.‏

وتعرفت علي شخص عن طريق المحمول بالمصادفة لا أعرفه ولا يعرفني فقد كان الاتصال عن طريق الخطأ ولكن بدأ الكلام بيننا يأخذ منحي آخر و‏..‏ أصبحنا لا نستطيع أن يمر يوم دون أن نتحدث مع بعضنا‏,‏ تحدثت معه عن كل حياتي وهو أيضا حكي لي كل ظروفه وحياته فوجدت فيه من يشغل وحدتي وفراغي ولم أعد أفكر في شيء سوي الحديث معه‏,‏ كان كلامه معي بمثابة المخدر الذي يسكن آلامي ووجدت نفسي أحبه كما أحبني والعجيب في الأمر أن حياتي بدأت تستقر مع زوجي فلم أعد أفكر في الانجاب


حيث جعلني هذا الرجل أفكر كيف أعيش اللحظات الجميلة فقط‏.‏ ظلت علاقتنا شهورا عديدة علي التليفون وهو لم يرني حيث كان في بلد غير الذي أسكن به أصبح شيئا اساسيا في حياتي لا استطيع النوم إلا إذا تكلمت معه‏,‏ ولكن كلما تعلقت به أقرر الابتعاد عنه‏,‏ فكان عذابي يزداد يوما بعد يوم فخوفي من الله كان يلازمني في كل حين‏,‏ ابتعدت عنه كثيرا ولكن سرعان ما أعود إليه بشوق أكثر من ذي قبل‏,‏ كنت أصلي كثيرا وأدعو الله أن يباعد بيني وبينه‏,‏ لكن ما استطعت حتي جاءت الفرصة للقائنا لم أكن أعرف ماذا أفعل شعرت بأن الأرض ترتجف من تحتي كأنني فتاة مراهقة تقابل محبوبها الذي غاب عنها طويلا وهو كذلك‏

لم يتمالك نفسه عندما رآني‏,‏ تكررت لقاءاتنا وأخطأت معه ويعلم الله أني لم أكن أتصور أني في يوم من الأيام سأرتكب مثل هذا الذنب العظيم‏,‏ لم أدرك مدي فظاعة هذا الجرم إلا بعدما ارتكبته‏,‏ ولولا أن الله سترني لكنت طلبت أن يقام علي الحد حتي أشعر بأني تبت توبة نصوحا‏.‏ أدعو الله أن يغفر لي هذا الذنب وأنا علي أمل أنه سبحانه وتعالي سيرحمني‏.‏

ولكن يا سيدي الفاضل عذابي الأكبر هو عذاب ضميري بعدما فرطت في حق زوجي‏,‏ أشعر في كل لحظة بأني لا أستحق العيش معه‏,‏ ولذلك لا أطلب منك أن تقسو علي لأنه لا جدوي من القسوة‏,‏ لأني لا استطيع أن أغمض عيني من شدة ما أنا فيه من العذاب‏.‏ أريد يا سيدي أن أعاقب نفسي حتي أرد لهذا الزوج اعتباره ماذا أفعل بالله عليك ؟ هل أطلب الطلاق حتي أطرد من جنته التي فرطت فيها بعبثي واستهتاري أم أصارحه وأتركه يفعل بي ما يشاء؟ علما بأنني جربت الانتحار ولكن فشلت المحاولة‏,‏ أرجوك لاأريد ردا عاديا تعدد فيه عيوبي فأنا أعرفها جيدا علي الرغم من أن الناس يشهدون لي بالالتزام والوداعة كلما تعاملت مع الآخرين بكل احترام وحب‏,‏ أريد أن أصارحهم بأني لست كذلك وأنا لا استحق هذا الحب‏..‏ أرجوك يا سيدي هل الطلاق هو الحل الوحيد لعقاب النفس أم لا؟‏.‏

*‏ سيدتي‏...‏ لن أقسو عليك ولن أواجهك بعيوبك أو بخطيئتك‏,‏ فرسالتك تكشف الحال الذي وصلت اليه من احساس بالذنب وعذاب الضمير الذي سرق هناءك واستقرارك‏,‏ بعدما فرطت في سعادتك التي كانت سهلة ومتاحة بين يديك‏,‏ واتكأت كذبا ووهما علي ما سميته سن اليأس لتعيشي كمراهقة صغيرة وتستسلمين لمغامرة محفوفة بالمخاطر من خلال مكالمة خاطئة تقودك في النهاية إلي وحل الخطيئة‏.‏

سيدتي‏...‏ تعالي نؤجل الإجابة عن أسئلتك‏,‏ حتي نفهم ما الذي يقود امرأة فاضلة ـ تؤدي فروضها وتحفظ القرآن وتحرص علي حضور الدروس الدينية ـ الي هذا الطريق المظلم‏..‏ هل هو فعلا إحساسك باليأس من الإنجاب‏,‏ أم أنه الفراغ الذي تركه غياب زوجك الطويل عن البيت؟

إن خطيئتك بدأت ياسيدتي عندما قررت الاستمرار في علاقتك الزوجية مع رغبتك الملحة في الإنجاب‏,‏ وإحساسك المفزع بالعمر‏,‏ علي الرغم من انك لم تصلي بعد إلي ما اسميته سن اليأس‏,‏ فمازال احتمال حملك وارد إذا أراد الله سبحانه وتعالي أن يرزقكما بالأبناء‏,‏ فمن هم في مثل حالتك نساء ورجالا إما أن يقبلوا ويرضوا بما قسمه الله لهم‏,‏ قانعين بالسعادة التي من بها عليهم‏,‏ مخلصين لشريك الحياة‏,‏ وإما أن يسعوا الي الطريق الثاني‏,‏ بالانفصال بالمعروف دون إيذاء أو ضرر لشريكهم‏,‏ بحثا عن فرصة مع شخص آخر‏.‏

ولو خير أي رجل‏,‏ في مثل وضع زوجك‏,‏ بين الانفصال عن حبيبته وشريكة حياته وبين أن تخونه‏,‏ لاختار بلا تردد الخيار الأول‏.‏

ولكنك سيدتي ـ لم تدعي له خيارا‏,‏ قبلت الاستمرار معه‏,‏ وسمحت لنفسك بخيانته‏,‏ وكأن هذا ثمن استمرارك معه‏,‏ فعلاقتك بهذا الرجل لم تحل مشكلتك الأساسية وهي عدم الإنجاب‏,‏ ولكن الحقيقة التي يجب عليك مواجهتها انك كنت ضعيفة الإيمان‏,‏ فلم يملأ قلبك‏,‏ وحاصرك الفراغ‏,‏ وبدلا من أن تطلبي من زوجك الطيب مزيدا من الاهتمام أو البحث عن وقت أطول يجمعكما‏,‏ استسلمت لمغامرة طارئة‏,‏ ممنية نفسك بمكالمات دافئة يرعاها الشيطان‏,‏ ويقودك خطوة خطوة الي طريق السقوط‏.‏

إن الله لم ينهانا عن الزنا‏,‏ ولكنه سبحانه وتعالي نهانا عن الاقتراب منه‏,‏ عن الابتعاد عن المقدمات التي تقود اليه‏,‏ فنحن بشر يغلبنا الضعف‏,‏ ولكن الشيطان يوحي إلينا بأنها مكالمات نشغل بها وقتنا‏,‏ تمنعنا وتوهمنا بالشبع‏,‏ فنؤكد لأنفسنا عشرات المرات‏,‏ إن الأمور لن تزيد علي هذا الحد‏,‏ ولا نفيق إلا ونحن غرقي في الخطيئة‏,‏ انها لعبة الشيطان المتكررة منذ بدء الخليقة‏,‏ هو لم ييأس‏,‏ ونحن لم نتعلم الدرس من أبينا آدم وأمنا حواء‏.‏

لكل هذا ياسيدتي لن يهدأ قلبك ويرتاح ضميرك‏,‏ إلا إذا تبت توبة صادقة‏,‏ يتقبلها الله فيغفر لك ويتوب عليك مما أنت فيه‏.‏

أما عن زوجك فليس من الحكمة أبدا أن تعترفي له بما ارتكبت في حقه وحق نفسك‏,‏ لقد سترك الله‏,‏ فلا تهتكي سترك‏,‏ ولا تفكري الا في إسعاد زوجك والرضا بما قسمه الله لك‏.‏

ولأننا بشر‏,‏ قد تستقيم بك الحياة وتمر عليك الأيام‏,‏ فتنسين كما ينسي البشر خطاياهم‏,‏ ويعاودك الاحساس بالوحدة وبالعمر‏,‏ وقتها لاتضعي نفسك فريسة للشيطان ولمغامرة أخري تحت أي مسمي‏,‏ وسارعي بطلب الطلاق‏,‏ واختاري الطريق الذي يناسبك دون إيذاء أو ألم لشريك حياتك الذي أحبك وأخلص لك ولم يكن له أي ذنب فيما حرمت منه‏.‏

غفر الله لك وهداك وتاب عليك بإذنه وحده الرحمن الرحيم التواب الغفور‏.‏

السجن .. قصص حقيقيه




{‏ عملت ممرضه عند طبيب طيب القلب مده عشرين عاما‏,‏ وكان لا يشك في اخلاقي‏,‏ الا انني كنت اسرق باستمرار من درج مكتبه مبالغ كبيره‏,‏ كان لا يشعر بها‏,‏ واستطعت من هذه الاموال شراء شقه في احد الاحياء الشعبيه بمبلغ‏30‏ الف جنيه‏,‏ كما استطعت ان اضع في دفتر التوفير ما يعادل هذا المبلغ‏,‏ ورزقني الله بولد وبنت‏,‏ ثم توفي زوجي‏,‏ واتقن ابني فن السباكه واستاجرت له محلا‏,‏ واشتهر في الحي بانه سباك ممتاز‏,‏ اما البنت فتخرجت في المدرسه المتوسطه ولم ارغب في خروجها للعمل لميسور حالنا‏,‏ وزوجت ابني وانفقت في مشروع زواجه وانشاء محله نصف ما ادخرته‏

وفي يوم من الايام اصيب ابني ببحه في صوته وترددنا علي الاطباء لنكتشف انه مصاب بسرطان الحنجره‏,‏ وتعذب ابني عاما كاملا من عمليات وعلاج بالاشعه‏,‏ وتوفي بعد هذا العذاب الشديد‏,‏ واستولت زوجته علي محله وامواله بعدما انفقت انا كل ما ادخرته في اثناء رحله علاجه‏,‏ اما ابنتي فتزوجت بعد وفاه اخيها بخمسه اعوام‏,‏ ولاني بقيت بعد زواجها في منزلي وحيده فقد عملت للشبابيك والباب اسياخا حديديه لتامين المنزل‏,‏ واصبت بمرض نفسي يحتاج للعلاج والتردد علي الاطباء النفسيين‏

وبسبب هذا المرض تبرات ابنتي مني وطردتني من علي سلم بيتها‏,‏ والزم بيتي وحيده لا انام طوال الليل من الحزن والخوف والمرض النفسي‏,‏ وانظر حولي فاذا بيتي كالسجن تماما له باب وشبابيك حديد‏,‏ وليس فيه عفش‏,‏ فانا انام علي الارض‏.‏

هكذا ياسيدي اضاع المال الحرام اولادي وصحتي‏,‏ وتسبب في دخولي سجن اسسته انا بنفسي‏,‏ ارسل لك الرساله ليقراها قراوك‏,‏ ولتكون عبره لمن يعتبر‏.‏

{‏ سيدتي‏..‏ اوقن تماما انك نادمه علي ما فعلت‏,‏ ولست في حاجه مني الي تفسير لماذا حدث ذلك‏,‏ ولكن دعيني اذكرك واذكر نفسي واصدقائي من قراء بريد الجمعه بان المال خادم جيد‏,‏ لكنه سيد فاسد‏,‏ فاذا استعبد انسانا اهلكه‏,‏ واذا امنا بان احدا منا لن يموت قبل ان يستوفي رزقه‏,‏ وسيطارده حتي يدركه كما يدركه الموت‏,‏ ما اقترب من مال حرام‏,‏ وهنا اتذكر تفسيرا لاحد علمائنا بان اللص عندما يسرق يحصل علي رزقه‏,‏ وكان سيحصل عليه بالحلال‏,‏ لكنه تعجل وجناه حراما‏,‏ واتذكر ايضا قول الشاعر الحسين بن المطير الاسدي‏:‏

فلا تقرب الامر الحرام فان

حلاوته تفني ويبقي مريرها

تلك المراره هي التي ورثتها ياسيدتي‏,‏ بفقدك لابنك‏,‏ وعقوق ابنتك التي نبتت في احضانك من مال حرام‏,‏ ودخولك سجنك بكامل ارادتك‏,‏ فما يكتسب بطريق غير مشروعه يضيع ويضيع صاحبه مهما طال به الزمن‏.‏

سيدتي‏..‏ ادعو الله لك بالمغفره والعفو عنك‏,‏ وادعوك ان تتوجهي الي الله بتوبتك‏,‏ وتذهبي الي الطبيب الذي كنت تعملين لديه‏,‏ تطلبي عفوه ومسامحته‏,‏ فهو له حق لديك وهو الذي يستطيع ان يتجاوز عنه ويغفر لك ما ارتكبته‏.‏

اما ابنتك العاقه فاني ادعوها الي تامل ما الم بك‏,‏ لتفهم انها ستشرب من نفس الكاس التي تذيقك اياها الان‏,‏ وانها ترتكب معصيه كبري‏,‏ وواحده من الكبائر بعقوقها وقسوتها عليك‏,‏ فهل تفيق قبل ان تندم في وقت لا يجدي فيه الندم‏.‏


كل هذه القسوة‏!‏ .. قصص واقعيه



مات عمي يا سيدي شقيق أبي وتوءم روحه وديعا عاش هادئا مات‏.‏ كان طيبا‏,‏ مسالما‏,‏ حنونا‏,‏ معطاء‏,‏ لم يعرف الكره‏,‏ ولا الحقد‏,‏ ولا الصراع‏,‏ ولا الانتقام‏,‏ حزينة أنا حتي الموت‏,‏ يفت الغم والكمد في روحي‏,‏ ويحز في نفسي حزا‏,‏ ليس لموته فحسب‏,‏ فالموت حق‏,‏ وكل نفس ذائقة الموت‏,‏


بل لأنه مات مقهورا وحزينا‏,‏ معذبة نفسه من أقرب الناس إليه نعم يا سيدي جحدته زوجته لا سامحها الله‏,‏ وجحدته بناته الثلاث‏,‏ ولم يكن له من قلب دافيء إلا ابنه الوحيد‏,‏ وبنت أخيه‏(‏ لست أنا‏)‏ التي استضافته في بيتها‏,‏ وشملته بحبها ورعايتها إحدي وعشرين ليلة حين زعمت ابنته الكبري أنه لا مكان لأبيها في بيتها الجميل الذي يقع في إحدي ضواحي القاهرة الفاخرة‏,‏ علي الرغم من أن لديها من الأبناء اثنين فقط‏,‏ أحدهما دكتور والأخري جامعية‏,‏ ولا أعتب كثيرا علي زوجها بالرغم من سلبيته في تقويم اعوجاج زوجته تلك ابنته الكبري أول أمله في الحياة‏,‏ فرحته الغامرة حين جاءت إلي الدنيا‏,‏ ولا أنسي حين عاد من عندها وقد استضافته أربع ليال تحت إلحاح شديد من أخيها‏,‏ كم كانت سعادته النفسية‏,‏ وقد وهم بأنه قد يجد مكانا له دائما في قلبها وفي بيتها‏,‏ لا أنسي كم كانت صدمته عندما علم بأنها تعلن دون حياء أسفها لعدم وجود مكان له في بيتها‏!!‏ يا الله إن الضيق ليس في البيوت وإنما في النفوس‏.‏

أما الثانية فهي أيضا سيدة رائعة تقيم في الخليج مع زوجها وأبنائها‏,‏ تتقي الله وتحاول أن ترعي حدوده في كل شيء إلا أن تفتح بيتها الأنيق الشاغر في مدينتنا الساحلية الجميلة التي كان يعيش فيها عمي طوال حياته‏,‏ نعم رفضت بثبات عجيب أن يقيم أبوها في شقتها الخالية‏,‏ وقالت‏:‏ بيتي ليس مشاعا‏,‏ ولم يكن عمي مصدقا لما قالته في باديء الأمر‏,‏ ولم نكن نحن أيضا إلا مذهولين‏!!‏ ومن عجب أن زوجها أيضا تعامل مع الموقف بسلبية عجيبة علي الرغم من حسن خلقه وورعه وتقواه‏,‏ وقد تركاه في أحد الأيام منتظرا لهما في الشارع وأخذا طريقهما إلي القاهرة للترفيه وقضاء عشرة أيام عند الأخت الكبري التي لا مكان لأبيها في بيتها‏!!‏

أما الابنة الثالثة فهي شابة واعدة‏,‏ مثقفة‏,‏ تعمل بإحدي كليات الصفوة‏,‏ رباها عمي الحنون علي كثير من التدليل والحب والتفاني‏,‏ فلم يكن يقوي علي أن يرد لها طلبا حتي ولو اضطر أحيانا إلي الاستدانة ليلبي حاجاتها‏,‏ وكان يقول للجميع‏:‏ دعوها وشأنها فهي ابنه الشيخوخة‏,‏ هل تصدق يا سيدي‏,‏ وهل تصدقون أيها القراء الأعزاء أنها لم تسأل عن والدها قرابة شهر ونصف الشهر إلا مرتين أو ثلاث‏,‏ وبعد إلحاح منا ومن أخيها‏,‏ وكانت أحيانا تتطاول علينا بالكلمات بدعوي أنه لا شأن لنا‏,‏ وأننا أناس متطفلون‏.‏

ضاع أمل عمي في بناته‏,‏ واندحرت أمانيه‏,‏ ورحل هناؤه‏,‏ ولم يسانده سوي ابنه البار الذي حار واحتار فيما يمكن أن يقدمه لأبيه‏,‏ وقد كانت ألسنة أخواته حدادا عليه تتهمه بالتقصير‏,‏ وكن يبرئن أنفسهن بدعوي أن الوالدين هما مسئولية الابن دون الابنه‏!‏ وتضافرنا جميعا علي رأي واحد‏,‏ ولم تخرج واحدة منهن تنهر الأخري وتردها إلي صواب الحق وتقوي الله‏,‏ وكن بحق بنات الملك لير يا الله كيف قدت قلوبهن من حجر‏!!‏

وقد تسألني بالطبع عن زوجته ودورها إنها يا سيدي ممن قال فيهن رسول الله‏:‏ يكفرن العشير ويقلن‏:‏ ما رأيت منك خيرا قط عاشت معه رحلة طويلة مليئة بالكدر والمشاحنات التي كانت تصطنعها‏,‏ وكلما مرت السنون ازدادت شراسة وقسوة وبذاءة‏,‏ وازداد هو سكوتا وضعفا واستسلاما‏...‏ تقول‏:‏ ما أحببته قط‏,‏ ونقول لها‏:‏ ولماذا لم تطلبي الطلاق في حينه؟ وهل يحق لك أن تقهريه في شيخوخته‏,‏ وأن تهيني إنسانيته‏,‏ وأن تسمعيه في كل لحظة ما لا يطيق بشر أن يسمعه‏,‏ ثم تدفعينه دفعا إلي ترك البيت‏,‏ بل بكل أسف طرده من بيته‏,‏ وعدم الاستجابة لكل رجاءاتنا وتوسلاتنا‏,‏ وتهديدنا لك بالويل والعذاب من الله عز وجل‏.‏

عاش عمي يا سيدي أياما طويلة حزينا يقلب كفيه‏,‏ يعاني من شعور بالذل‏,‏ والعجز والقهر والحزن‏,‏ يسأل نفسه كل لحظة ولا يدري ماذا قدم من سوء لبناته وزوجته ليلقي منهن كل هذا الجحود والنكران؟

يتحدث إلي نفسه بصوت مسموع معاتبا الكبري تارة‏,‏ متلهفا وقلقا علي الوسطي ثانية‏,‏ سائلا ومتشوقا إلي الصغري تارة ثالثة كان هذا عمي يا سيدي يحترق في صمت كان مثل الطفل إذا تأخر عنه ابنه البار ساعة أو اثنتين‏,‏ يجول في غرفته في دار المسنين‏,‏ حائر العينين‏,‏ فإذا ما التقاه عادت إليه روحه‏,‏ وقال له‏:‏ يا ابني أنت الأمان لي‏.‏

كم تعذب ابن عمي هذا لا يدري ماذا يصنع مع أبيه؟ أيتركه في شقة وحده وهو أعزب لم يتزوج بعد؟ ويقضي وقتا طويلا في عمله بعيدا‏,‏ أم يدعه مع أناس طيبين مخلصين في إحدي هذه الدور التي تحاول أن تضمد جراحات السنين وقسوة الابناء علي آبائهم وأني لها‏!‏ ولم يكن عنده إلا هذا الخيار‏.‏

لم يحتمل عمي غربته النفسية طويلا‏,‏ فتك به القهر والجحود والألم‏,‏ ولم تكن إلا بضعة أيام وقد راح في غيبوبة عميقة أراحه الله بعدها من كل عذاباته ودموعه ونزيف قلبه‏...‏ ودعاه إلي جواره‏,‏ فلبي هادئا مسالما ومسرعا‏..‏ ووري عمي الثري ــ يرحمه الله ــ آه يا عمي الحبيب كيف أقتص لك ممن ذبحوك وعجلوا بموتك قهرا وكمدا وتعاسة وحيرة؟‏....‏ حسبي الله ونعم الوكيل سنذكرك يا عمي دائما وندعوك وندعو لك في أماسي الشوق والحنين‏,‏ ولتقرأ لك كل القلوب الرحيمة العامرة الفاتحة داعية الله ان يتغمدك برحمته الواسعة‏.‏

أما أنتن أيتها الناعمات المرفهات في بيوتكن الدافئة فأذن بحرب من الله ورسوله فإنه يمهل ولا يهمل‏.‏

*‏ سيدتي‏....‏ أصابتني رسالتك بالغم والنكد‏,‏ واستفزت كل المشاعر الغاضبة في نفسي تجاه بنات عمك الثلاث‏,‏ فهن تمردن علي ما ألفناه من أن البنت تكون أكثر عطفا وحنانا علي الأب من الولد‏,‏ فما الذي دفع هؤلاء البنات إلي هذا العقوق‏,‏ وتلك القسوة غير المبررة‏,‏ لا أعرف كيف يمكنهن النوم أو مواصلة حياتهن بأمان بعدما فعلنه بوالدهن‏,‏ ألم يتذكرن قول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم‏:‏ كل الذنوب يؤخر الله تعالي ما شاء منها إلي يوم القيامة إلا عقوق الوالدين‏.‏

ألم يحفظن وهن صغارا ما جاء في الكتاب الحكيم في سورة الإسراء‏:‏ وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا‏,‏ إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما‏,‏ واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا‏.‏

الله سبحانه وتعالي نهانا علي أن نقول لهما أف‏,‏ مجرد حركة بالشفاه‏,‏ فماذا فعلت البنات المتعلمات بأبيهن‏,‏ هل رحمته في شيخوخته‏,‏ كما كان رفيقا حنونا بهن في صغرهن‏..‏ كيف يغمض لهن جفن‏,‏ وكيف يأمن علي أنفسهن من أطفالهن عندما يكبرن؟ دائما ما أتذكر حكاية الابن الذي كان يضع الطعام لوالده المسن في طبق من خشب بعيدا عن المائدة التي تجمعه بأسرته‏,‏ ولاحظ هذا الرجل أن طفله ينتظر حتي يفرغ جده من الطعام‏,‏ فيسارع بغسل الطبق والملعقة‏,‏ وعندما تكرر هذا الموقف‏,‏ سأله والده لماذا يفعل ذلك‏,‏ فأجابه بأنه يحافظ علي تلك الأشياء حتي يضع فيها الطعام لوالده عندما يكبر‏.‏

حكاية قديمة نتداولها ثم ننساها بدون أن نتوقف أمامها يؤرقني التفكير‏,‏ أب صالح حنون‏,‏ لماذا تتحول بناته إلي تلك الصورة الكريهة؟ هل بسبب الأم وسلوكها السيئ‏,‏ غرست في قلوبهن القسوة والجحود؟‏...‏ وإذا كانت تلك الحقيقة‏,‏ فلماذا لم تصل هذه القسوة إلي قلب الإبن؟‏!‏

سيدتي‏...‏ أقدر حزنك النبيل علي عمك‏,‏ وأشاركك الغضب من بناته‏,‏ ولكن لا أخفيك أني مشفق عليهن من غضب الله وانتقامه لأنهن أتين واحدة من الكبائر التي حذر منها النبي محمد صلي الله عليه وسلم‏:‏ ألا أدلكم علي أكبر الكبائر؟‏.‏ قالوا‏:‏ بلي يا رسول الله قال‏:‏ الإشراك بالله وعقوق الوالدين لذا فاني أدعو الله القادر علي كل شيء أن يوقظ قلوب أولئك البنات وأمهن‏,‏ فيعدن إلي الله‏,‏ طالبات عفوه ومغفرته‏,‏ متصدقات علي روح والدهن‏,‏ لعل الله يغفر لهن ويتوب عنهن‏.‏

وليتها تكون فرصة لتنبيه كل ابن غافل أو ظالم لأمه وأبيه‏,‏ فيعود إلي رشده‏,‏ ملتمسا رضائهما‏,‏ فدعواتهما مستجابة‏,‏ فلينهل من دعائهما بالخير والسعادة والستر ما استطاع‏,‏ فلا طعم ولا أمان في تلك الحياة بعد رحيل الوالدين التي يكرمنا الله كثيرا لأجلهما وإلي لقاء بإذن الله‏.‏

اخـتيار العمـر



أعلم أن رسالتي قد لاتري النور بين آلاف الرسائل التي تصل إلي بريدك‏,‏ ولكن ادعو الله أن أجد لديكم بابا مفتوحا بعد أن سدت أمامي معظم الأبواب عدا باب رحمة ربي‏,‏ الذي ادعوه ليل نهار في أن يساعدني علي أن أجد الحل الصحيح‏.‏

باختصار أنا ابنة متوسطة بين أخوة أكبر وأصغر‏,‏ ومن عائلة ميسورة الحال‏.‏ الأم سيدة عظيمة تفرغت لرعايتنا‏,‏ وابي يعمل جاهدا لتوفير متطلبات الحياة‏,‏ والحمد لله نجح الاثنان في المهمة وتخرجت أنا واخواتي من الجامعة‏,‏ وشغل كل منا عملا مناسبا يفخر به‏,‏ وتقدمنا في المناصب‏,‏ تزوجت أختي واستقرت وتلاها أخي الأكبر ثم أخي الأوسط‏..‏

مشكلتي ليست غريبة علي بريدكم الموقر فهي مشكلة معظم بنات جيلي‏,‏ ألا وهي تقدم سن الزواج‏,‏ أنا الآن عمري قارب الثلاثين عاما وقد أعجب بي صديق لأخي‏,‏ وفي نفس الوقت قريب زوجة أخي‏,‏ وهو شاب ممتاز من جميع النواحي‏,‏ كان ينظر إلي دائما علي اني أخت صديقه فقط‏,‏ في الوقت الذي كان يتقدم لخطبة فتاة اختارتها له والدته‏,‏ وبعد أشهر قليلة تنتهي الخطبة لاكتشافه عدم توافقه مع الفتاة وانها ليست من يريد أن يكمل معها حياته‏,‏ وتكرر هذا الموقف أكثر من مرة‏,‏ وفي كل مرة تكون والدته هي التي تختارالعروس وهي التي تلح عليه أن يتقدم للخطبة حتي تفرح به‏,‏ وهي التي تعبت طوال سنوات عمرها كي تربيه هو وأخاه الوحيد حين مات والدهما وتذكره كم شقيت وتغربت كي تؤمن له ولأخيه مستقبلا ممتازا وانها ترملت ولم تفكر في الزواج‏,‏ بل في العمل والعمل فقط‏.‏

وفي كل مرة كان يذهب ليخطب فتاة كنا نتحدث كأصدقاء ويأخذ رأيي وندردش في أمور عادية جدا‏,‏ إلي أن صارحني بأنه يحبني‏,‏ وانه عندما كنا نتحدث كان يعجب بآرائي المتفتحة وعقلي الراجح وشخصيتي الملتزمة‏,‏ وانني الفتاة التي يتمني أن يكمل معها حياته ولايري أي مانع من أن يحدث أخي‏,‏ويفاتحه في الموضوع‏,‏ وهو صديق العمر‏,‏ إلا أنه فضل أن يأخذ مباركة أمه أولا ثم يفاتحه‏,‏ ولكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن‏..‏ فعندما فاتح والدته في هذا الموضوع متخيلا أنه لا مانع لديها‏,‏ فهي تريد أن تراه سعيدا وقد اختار فتاة أحلامه ولايبقي غير خطوات بسيطة حتي يكتمل الحلم‏,‏ فوجئ برفضها وثورتها العارمة وغضبها الشديد حين علمت سني‏,‏ حيث أنني أكبر منه بعدة شهور وأني تخطيت السن المناسبة للزواج والتي هي في اعتقادها ما بين العشرين‏,‏ والثلاثة والعشرين عاما‏,‏ وغير ذلك فهي لا تصلح‏,‏ تخيل ياسيدي السبب الغريب وغير المنطقي‏,‏ والذي حتي الآن لا أستطيع فهمه‏,‏ وهي السيدة العملية التي تشغل منصبا مرموقا خارج مصر‏,‏ والتي لديها من الثقافة والنضج ما يكفيان لتخرج بسبب أكثر إقناعا من هذا السبب‏..‏

وظلت تذكره بأنها ترملت وتعبت وشقيت عليه هو وأخيه حتي تراهما رجالا لا يعصيان لها أمرا‏,‏ وكأنها تملكتهما‏,‏ وليس كفاحها شيئا عاديا تقوم به أي أم عادية‏,‏ وأن هذه هي رسالة الأم أن تتعب وتشقي من أجل أبنائها‏,‏ وأن عصيانه لها صدمها وأنها الآن فهمت لماذا لم تكتمل خطبته لأي من الفتيات اللائي تقدم لهن حتي وصلت بتفكيرها انني ولابد سحرت له وعملت له عملا‏!!!‏

اقسم بالله انني أتعجب أن هناك أناسا تفكر بهذه العقلية العجيبة خاصة هي المتعلمة المثقفة صاحبة الشهادات العالية‏.‏

وبالطبع بدأت المعركة التي تخيلتها هي‏,‏ بأن ابنها يتمرد عليها وانني قد غسلت له عقله ومحيت تفكيره وسيطرت عليه وانني طامعة فيما لديه من امكانيات‏..‏ هذا إلي جانب ان هذه الخطبة لو فرض وتمت ولم تنجح فهي تهدد أمن واستقرار بيت قريبته لأنها متزوجة من أخي‏,‏ وهذه علاقات متشابكة ومتداخلة قد تتأثر بها العائلتان إلي آخره من الكلام العجيب والجارح الذي وصلني عن طريق زوجة أخي والتي للعلم لم تحكي لأخي أي شئ خوفا من تأثير علاقته بها حين يعلم أن قريبتها ووالدة صديق عمره ترفضني كزوجة لابنها‏..‏

وهددت بأنه لو أكمل المشوار فسيكمله بمفرده دون أي مساعدة مادية أو معنوية منها‏,‏ متخيلة أن هذا سيرجعه عن تفكيره‏,‏ ولكنها فوجئت أنه مازال مصرا وبشدة‏.‏

تطورت الأمور وأصر هو علي أنه يريدني وأصرت هي علي الرفض‏,‏ متعللة بأنه يعصاها ويغضبها‏,‏ حتي أنه لجأ إلي دار الإفتاء ليأخذ منها الرأي السديد والذي أقر أن زواجه مني رغم عدم موافقة أمه ليس فيه عصيان لها وأنه بلغ سن الرشد ويستطيع أن يزوج نفسه بنفسه‏..‏

لم تفلح محاولاته معها ولا محاولات كل الأطراف التي تدخلت كي تغير رأيها‏,‏ حتي وصل الأمر إلي أنها تشاجرت مع الجميع وزادت اصرارا علي الرفض‏,‏ حتي انها انهارت في مناقشة من المناقشات واتهمته بأنها لوحدث لها شيء فسيكون بسببي وسبب إصراره علي عصيانها‏,‏ وبالطبع أنا أعرف كل ذلك‏,‏ وقلبي يتمزق من الحزن‏,‏ وأتساءل لماذا وهي التي لاتعرفني عن قرب ولكن تعرف أخي والبيت الذي خرج منه والتربية التي تربي عليها؟

وهل خطئي أنني لست بنت العشرين؟ وهل ذنبي أنه يريدني وأنا أريده؟

ماذا أفعل ياسيدي؟؟ لا أريد أن أبدأ حياتي بخلافات قوية كهذه‏,‏ وفي الوقت نفسه فكر هو في أن يأتيني بمفرده‏,‏ ولكن أعلم جيدا رأي أبي في هذا الموضوع‏,‏ فأبي لن يرتضي بأن يزوجني دون موافقة والدة العريس‏,‏ ولن يلقي بي في زيجة بدايتها رفض لابنته‏,‏ وأنا لا أعرف هل أستطيع أن أخطو مثل هذه الخطوة وادخل في معركة لإثبات انني جديرة بهذا الرجل‏,‏ واني لست طامعة‏,‏ ولست سيئة كما تتصور والدته؟

ماذا أفعل ولا أحد يعلم كل ما يجري من عائلتي حتي الآن‏,‏ وليست لدي الشجاعة أن أخبر والدتي بهذا الرفض المهين لابنتها‏.‏ لا أستطيع أن أضع أسرتي في هذا الموقف‏.‏

سافرت والدة حبيبي حاملة معها حلمنا الجميل وحطمت قلبينا وحولت أيامنا إلي كابوس مفزع‏,‏ هو منهار تماما من إصرار والدته علي الرفض‏,‏ وأنا أذبل وأنا أظلم دون ذنب جنيته‏,‏ والأيام تمر طويلة والليالي تمر ثقيلة وأنا أنتظر فرج ربي‏.‏

أريدك أن تدلني علي الطريق‏,‏ فأنا أحبه حقا وأريده وأراه رجلا يستحق الوقوف أمام الكون من أجله‏..‏ وهو يحبني ويعدني بأنه لن يتنازل عن حلمه بأن أكون زوجته وأم أولاده‏..‏ فما العمل؟ أرجوك أن تقول لها كلمات قد تؤثر فيها وتعلم أنها تقف في وجه سعادة اثنين لا ذنب لهما‏.‏

أرجو ألا تكون قاسيا في ردك‏,‏ فأنا عانيت من القسوة مرارا وأملي في رحمة ربي وحكمة ردودك التي شجعتني علي أن أكتب إليك‏..‏

{‏ عزيزتي‏..‏ للأسف‏,‏ تفكير هذه الأم المتعلمةالمثقفة‏,‏ هو تفكير الكثيرين في مجتمعاتنا بإدانة البنت عندما يتأخر بها سن الزواج‏,‏ وكأنها مسئولة عن هذا التأخير‏,‏ في حين ينسي كل فرد في المجتمع أن هذه مشكلة عامة نتيجة لظروف عديدة ليس من بينها أبدا البنت نفسها‏,‏ لذا لم يعد غريبا أن تتزوج البنت عند سن الثلاثين أو أكثر دون أن يدينها ذلك أو ينتقص من قدرها‏.‏

واسأل هذه الأم المتعلمة المثقفة التي أفنت عمرها ــ ولها كل التقدير والاحترام والطاعة علي تضحياتها ــ ماذا لو كانت لديك ابنة في مثل ظروف هذه الفتاة‏,‏ ووقفت منها أم شاب تحبه ويحبها نفس موقفك الآن؟ لا أعتقد أن اجابتك ستتوافق أبدا مع موقفك القاسي المنقاد إلي فكر جماعي غير ناضج‏.‏

سيدتي الأم‏,‏ نجحت في تربية ابنك‏,‏ ولك عليه كل الطاعة‏,‏ ولكن في أمر الزواج‏,‏ عليك النصح وإبداء الرأي‏,‏ فإذا رأيت منه تمسكا عن نضج ووعي وحب‏,‏ فليس أمامك إلا احترام رغبته ومساعدته في تحقيقها‏.‏ فلكل إنسان بالغ راشد‏,‏ حق إختيار حياته ومن يشاركه فيها‏,‏ وسيجني ثمار إختياره بالسعادة أو الشقاء‏,‏ لقد ارتبط ابنك من قبل وفشلت خطبته‏,‏ فلا تحرميه من سعادته‏,‏ ولاتدفعيه إلي عصيانك وهو الابن البار الحريص علي إرضائك‏,‏ وها هي دار الافتاء تؤيده فيما يريد أن يذهب إليه‏,‏ فلماذا تشقيه وتعذبي نفسك‏,‏ لمجرد تحقيق إرادتك‏,‏ أتمني أن تراجعي نفسك‏,‏ وتحتضني ابنك وفتاته‏,‏ وتباركي هذا الزواج‏,‏ بدلا من أن تندمي قبل فوات الأوان‏.‏ لقد عشت حياتك باختيارك‏,‏ وليس من حق الآباء‏,‏ أن يفرضوا علي أبنائهم أن يعيشوا حياتهم بنفس اسلوبهم وبطريقة تفكيرهم‏,‏ فالانسان يعيش مرة واحدة ولن يستطيع مهما فعل أن يعيش مرتين بالسطو علي حياة أبنائه‏,‏ إلا من خلال دعمهم وحبهم وطاعتهم ودعائهم لآبائهم‏.‏

أما أنت يا عزيزتي الشابة الصغيرة‏,‏ فتمسكي بموقفك‏,‏ ولا تتراجعي عنه‏,‏ ولا تخذلي هذا الشاب‏,‏ ولاتشعري بأي هوان‏,‏ فعمرك طبيعي وليس عارا عليك وعلي أسرتك‏,‏ فاتحي والديك في الموضوع بكل هدوء وأخبريهما بموقفك الواضح بأنك لن تتزوجي إلا هذا الشاب المتمسك بك إلي آخر مدي‏,‏ وأتمني أن يتفهم والدك‏,‏ ولايكون وجها آخر لوالدة تلك الشاب فيظلمكما هو الآخر‏.‏ وأتمني قبل ذلك أن تأتي الموافقة من والدة العريس لتدخل السعادة إلي كل القلوب المحبة‏.‏ ومبروك مقدما وإلي اللقاء بإذن الله‏.‏

قاتل بلا ثمن ... قصص حقيقيه



أنامحاسب شاب وناجح أبلغ من العمر‏30‏ عاما ومتزوج من عام ونصف العام تقريبا‏,‏ وقد رزقني الله بطفلة اعتبرها كل حياتي‏.‏ مشكلتي اني دائم الشك في زوجتي لأسباب مررت بها في حياتي‏.‏ نشأت في أسرة متدينة لأب‏,‏ موظف حكومي كبير كان يفقه في الدين كثيرا وقد رباني أنا وأخوتي منذ الصغر علي طاعة الله عز وجل وأم فاضلة كل همها في الحياة هو إسعاد زوجها والعبور بأولادها إلي بر الأمان‏,‏ فكانت لي المثل الأعلي ولكم تمنيت أن يرزقني الله بزوجة مثلها‏.‏

وحتي لا أطيل عليك فبالرغم من نشأتي الدينية تعرفت علي عدة فتيات أثناء مرحلة الثانوية ومرحلة الجامعة وللأسف كن جميعهن مستهترات ولا خجل لديهن ولا حياء حتي أنه كانت منهن المخطوبة والتي لا تتورع أن تصادق شبابا دون علم خطيبها‏,‏ إلي أن تعرفت علي زميلة لي في الكلية وأنا في السنة قبل النهائية من التخرج وكنت ألاحظ أن هذه الزميلة ليست ممن تقيم علاقات مع غيرها من الزملاء وكانت بيننا نظرات متبادلة فشعرت بحب واطمئنان من ناحيتها وكانت نظراتها الصامتة لي دافعا لأن أفاتحها في مشاعري‏,‏ وقد كان‏,‏ ونمت العلاقة بيننا ولكنها لم تتعد كلمات الحب البريئة من كلينا لتحفظها الشديد‏,‏ وقد أرجعت ذلك لتربيتها الحسنة‏.‏ مما زاد من تمسكي بها وعزمت بداخلي علي أن أقطع جميع علاقاتي بالفتيات الأخريات حفاظا علي مشاعر حبيبتي‏,‏ ولا أدري هل ستصدقني أم لا إذا قلت لك أن كل هذه البراءة والطهر والعفاف كان مجرد قناع تخفي به غشها وخداعها فقد كانت أذكي من غيرها من مثيلاتها من البنات حيث كانت تقيم علاقاتها خارج أسوار الجامعة حتي تحافظ علي صورتها واكتشفت ذلك بالمصادفة‏.‏

وقطعت علاقتي بها فورا وفقدت ثقتي في أي فتاة وترسخت بداخلي أن كل الفتيات طبعهن الخيانة والخداع‏,‏ طويت هذه الصفحة من حياتي إلي أن تعرفت علي زوجتي الحالية في العمل‏,‏ وبدأت ثقتي من جديد تعود في الجنس اللطيف بعد أن لمست منها تدينا وأدبا ملحوظا فتقدمت لخطبتها واستمرت فترة الخطبة خمس سنوات‏.‏ كانت أول أربع سنوات فيها من أسعد سنين عمري وزاد تعلقنا ببعض‏,‏ وللأسف رغم تدينها وأخلاقها تخطت علاقتنا في بعض المرات الخطوط الحمراء أحيانا في لحظات ضعف مني أو منها أو منا نحن الاثنين‏,‏ وكانت كل مرة تبكي ندما علي ما حدث وتحدثني بأن الله سيعاقبنا بسبب تهاوننا في حدوده وكنت أعدها بأن هذا لن يتكرر ثانية ونتجه إلي الله ونبتهل إليه ونستغفره وندعوه أن يهدينا ويغفر لنا‏.‏

ووجدتني وقد أصبحت شخصا آخر‏.‏ أحيانا أحبها بشدة وأحيانا أسخط عليها بيني وبين نفسي لتساهلها معي وأتمني بداخلي لو كانت نهرتني ولم تضعف أمامي حتي لا تعود صورة الفتاة اللعوب مرة أخري لمخيلتي‏,‏ ووجدتني أسترجع كل الأفلام التي تحدثت عن الخيانة وكل القصص التي تنشر عن خيانة الزوجات‏.‏ قد تسألني لماذا أتممت زواجي بها؟ سأقول لك اني رغم كل ما أعانيه من صراع بداخلي أحبها بشدة ولا أتخيل الحياة بدونها‏,‏ هذا بالاضافة اني لم أشهد عليها أي سوء قبل الزواج سوي التجاوزات التي حدثت بيننا وقد أجبرتها علي الانقطاع عن العمل بعد الزواج بحجة تفرغها لبيتها ولزوجها

ذلك لسد جميع الثغرات التي ممكن أن تجعلني أشك بها وبالرغم من ذلك يا سيدي لا يهنأ لي جفن وأصبحت لا أستطيع التركيز في عملي حتي استاء مني رؤسائي وهددوني بالفصل إذا استمررت علي هذه الحالة‏.‏ فإذا اتصلت بها من العمل ووجدت التليفون مشغولا جن جنوني وأحيانا كثيرة أعود إلي البيت فجأة بحجج واهية‏.‏ وأنا بداخلي يقين اني سأجدها مع رجل‏,‏ ومرة أخري تتوارد إلي جميع قصص خيانات الزوجات وأتخيل نفسي مكان أحد هؤلاء الأزواج المخدوعين‏,‏ وأصل البيت فأجدها إما أنها نائمة أو ترعي طفلتنا وإذا أتيت في أي مرة ووجدتها غير موجودة يجن جنوني‏.‏

حتي تأتي من الخارج فأجدها قد ذهبت لتشتري بعض حاجيات المنزل‏.‏ كل هذا يا سيدي وأنا لم أصارحها بما يعتمل في صدري حتي لا أجرح مشاعرها‏,‏ ولأني علي يقين أن العيب في أنا وليس فيها لا أدري هل هو عقاب علي علاقاتي وأنا شاب في مقتبل العمر‏,‏ رغم أنها كانت كلها علاقات لا تتعدي الخروج أو التنزه والمكالمات التليفونية‏.‏ أرجوك يا سيدي لا تستهن برسالتي ربما أجد عندك ما يطفيء لهيب صدري‏,‏ فلم أعد قادرا علي الاستمرار‏,‏ بهذه الصورة ولا أستمتع بأي شيء جميل في الحياة‏.‏ وأنتهزها فرصة وأنصح كل فتاة بألا تتساهلي مع خطيبك أو حبيبك مهما حدث ومهما شعرت أن تساهلك معه سيرضيه ويبقيه بجوارك‏.‏ فما تفعلينه يترك أثرا سيئا بداخله عنك حتي لو لم يظهره لك‏.‏

{‏ سيدي‏..‏ نعم العيب فيك وليس في زوجتك أم طفلتك‏,‏ ولكن قبل أن أفكر معك بصوت مرتفع‏,‏ يهمني أن ألفت انتباهك إلي أهمية توجهك إلي طبيب نفسي‏,‏ إذا لم تجد في نفسك تغييرا بعد حوارنا‏,‏ فقد يكون شكك مرضيا ويستدعي ماهو أكثر من الحوار عبر هذه المساحة المحدودة‏.‏

لقد نشأت ياعزيزي في أسرة طيبة متدينة‏,‏ رباك والداك علي طاعة الله ورسوله‏,‏ ولكنك في مرحلة الشباب‏,‏ لم تلتزم بهذه التربية‏,‏ ارتكبت أخطاء لم تكن راضيا عنها‏,‏ عشت في صراع بين سلوكك وتربيتك الدينية‏,‏ وبدلا من أن تراجع نفسك‏,‏ وتعترف بأنك شريك متضامن في أي معصية ترتكبها‏,‏ تفرغت لتوزيع الاتهامات علي الفتيات‏.‏ وأراد الله أن يلفت انتباهك إلي أنك قد تشرب من نفس الكأس‏,‏ فخطبت فتاة‏,‏ أراد الله أن يكشف لك حقيقتها قبل أن تتورط وتتزوجها‏,‏ وبدلا من أن تشكره علي نعمته وتتوب إليه‏,‏ أعلنت عن فقدان ثقتك في كل الفتيات‏,‏ فيما الحقيقة أنك غير واثق في نفسك‏,‏ ولا في توبتك‏,‏ لأنه إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه‏,‏ وها أنت عندما ذهبت من جديد لخطبة فتاة طيبة من أسرة محترمة‏,‏ كنت حريصا علي الذهاب إلي ما يريبك‏,‏ وهي صغيرة السن‏,‏ بحكم فترة الخطبة الطويلة‏,‏ والثقة فيك وفي أنها ستتزوجك حتما‏,‏ فرطت فيما لا تحب ولاترضي‏,‏ فكان بكاؤها وندمها‏,‏ لأنها كانت تقصد إرضاءك وأنت الأكبر صاحب الخبرة‏.‏

ما فعلته زوجتك معك أيام الخطبة‏,‏ كان خطأ منكما ومن أسرتيكما التي سمحت لكما بفرص تتيح هذا الخطأ‏,‏ ولكنه لايستحق أبدا أن تدمر حياتك وتشك في أم طفلتك بلا أدني مبرر‏,‏ فليس معني وجود امرأة خائنة أورجل خائن‏,‏ أن كل النساء والرجال خائنين‏.‏ ولتسمح لي هل يمكن أن تشك في أمك أو شقيقتك؟

الشك ياصديقي يقتله اليقين‏,‏ واليقين الأولي الآن أن تتأكد وتعلن توبتك‏,‏ فإذا أيقنت أنك إنسان صالح غير خائن ولا آثم‏,‏ وقتها فقط لن تشك في زوجتك حبيبتك‏.‏ ولن تغرق نفسك في خيالات وأوهام قصص وحكايات الآخرين‏,‏ فهناك مثلها قصص عن شرفاء وأتقياء‏,‏ أحسب أن زوجتك منهم‏,‏ فاعتصم بالله واستمتع بمابين يديك من سعادة ولاتستسلم لوسوسة الشيطان الذي يريد أن يحول استقرارك إلي جحيم‏.‏ وأدعوك أيضا إلي التحدث ببعض الصراحة مع زوجتك عن فترة الخطبة واسمع منها إحساسها عن تلك الفترة وستكتشف أنها لم تكن لتفعل هذا أبدا لولا ثقتها في أنك كنت ستصبح زوجها‏.‏

إن الشك ياعزيزي قاتل بلا ثمن‏,‏ فلا تستأجره‏,‏ وقم صل مع زوجتك جماعة في البيت‏,‏ وانفض عنك ظنونك‏,‏ فالحياة أقصر من أن نضيعها في الشكوك‏.‏ ونفرط في سعادة سهلة ومتاحة من أجل أوهام وخيالات‏..‏ وإلي لقاء بإذن الله‏.‏