توماس اديسون - شخصيات علميه

توماس ألفا إديسون (1847 – 1931م) مخترع أمريكي ولد في قرية ميلان بولاية أوهايو الأمريكية، ولم يتعلم في مدارس الدولة إلا ثلاثة أشهر فقط، فقد وجده ناظر المدرسة طفلا بليدا متخلفا عقليا!

وظهرت عبقريته في الاختراع وإقامة مشغله الخاص حيث أظهر سيرته المدهشة كمخترع، ومن اختراعاته مسجلات الإقتراع والبارق الطابع والهاتف الناقل الفحمي والمصدح (الميكرفون)و الحاكي (الفونوغراف)أو الفرامافون واعظم اختراعاته المصباح الكهربي، والكثير وأنتج في السنوات الأخيرة من حياته الصور المتحركة الناطقة، وعمل خلال الحرب العالمية الأولى لصالح الحكومة الأمريكية، وقد سجل أديسون باسمه أكثر من ألف اختراع، وتزوج أديسون مرتين وقد ماتت زوجته وهي صغيرة، وكان له ثلاثة أولاد من كل زوجة، أما هو فقد مات في نيوجرسي سنة 1931م.

حياته

توماس إديسون ولد في ميلان في الولايات الأميريكية المتحدة في الحادي عشر من شهر شباط 1847م. بدأ حياته العملية وهو يافع ببيع الصحف في السكك الحديدية، لفتت انتباهه عملية الطباعة فسبر غورها وتعلم أسرارها، في عام 1862م قام بإصدار نشرة أسبوعية سماها (Grand Trunk Herald). وكل شيء فعله كان بفضل امه السيدة ماري والتي تعمل كمدرسة للقراءة والأدب، قامت هذه الأم الرائعة بتعليم ابنها بنفسها احبته كثيرا

- عمل موظفا لإرسال البرقيات في محطة للسكك الحديدية مما ساعده عمله هذا لاختراع أول آلة تلغرافية ترسل آلياً، تقدم أديسون في عمله وأنتقل إلى بوسطن في ولاية ماساتشوستس، وأسس مختبره هناك في عام 1876م واخترع آلة برقية آلية تستخدم خط واحد في إرسال العديد من البرقيات عبر خط واحد ثم أخترع الغرامافون الذي يقوم بتسجيل الصوت آليا على أسطوانة من المعدن، وبعدها بسنتين قام باختراعه العظيم المصباح الكهربائيم 1887م نقل مختبره إلى ويست أورنج في ولاية نيو جيرسي، وفي عام 1888م قام باختراع الكينتوسكوب (kinetoscope) وهو أول جهاز لعمل الأفلام، كما قام باختراع بطارية تخزين قاعدية. في عام 1913م أنتج أول فيلم سينمائي صوتي. في الحرب العالمية الأولى اخترع نظام لتوليد البنزين ومشتقاته من النباتات. خلال هذه الفترة عين مستشارا لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية. وقد سجل أديسون أكثر من 1090 براءة اختراع.

قصة أديسون مع الكهرباء

كان لاختراع المصباح الكهربائي قصة مؤثرة في حياة أديسون، ففي أحد الأيام مرضت والدته مرض شديد، وقد استلزم الأمر إجراء عملية جراحية لها، إلا أن الطبيب لم يتمكن من إجراء العملية نظراً لعدم وجود الضوء الكافي، واضطر للانتظار للصباح لكي يجري العملية لها، ومن هنا تولد الإصرار عند أديسون لكي يضئ الليل بضوء مبهر فأنكب على تجاربه ومحاولاته العديدة من اجل تنفيذ فكرته حتى انه خاض أكثر من 999 تجربة في إطار سعيه من اجل نجاح اختراعه، وقال عندما تكرر فشله في تجاربه " هذا عظيم.. لقد أثبتنا أن هذه أيضا وسيلة فاشلة في الوصول للاختراع الذي نحلم به"، وعلى الرغم من تكرار الفشل للتجارب إلا انه لم ييأس وواصل عمله بمنتهى الهمة باذلاً المزيد من الجهد إلى أن كلل تعبه بالنجاح فتم اختراع المصباح الكهربائي في عام 1879م.

مواقف

يقال أنه حين أخبر توماس أديسون مكتب براءات الإختراع في واشنطن أنه يعمل على اختراع مصباح يعمل بالكهرباء نصحه المكتب بعدم الاستمرار في مشروع كهذا وكتبوا له خطاباً جاء فيه :"إنها بصراحة فكرة حمقاء حيث

يكتفي الناس عادة بضوء الشمس" فرد بخطاب قال فيه" ستقفون يوماً لتسديد فواتير الكهرباء"1 و في احد الايام ذهب توماس ليدفع الضرائب وعندما جاء دوره سأله جابي الضرائب عن اسمه ولكن توماس لم يستطع تذكر اسمه (لانه كان يفكر بعمق بأحد اختراعاته) وظل يحاول تذكر اسمه لكنه عجز كليا عن ذلك فلولا وجود رجل يعرفه وذكره باسمه لعاد توماس إلى بيته ليسال عن اسمه.

أيضا عندما كان صغيرا : قيل انه لم يستكمل تعليمه الحكومى، فبعد ايام قليله من الدراسة أرسله مدرسه إلى إلى امه وارسل معه خطابا يقول فيه بأن تجلسه قي المنزل أفضل له لأنه (غبى)على لسان مدرسه، ولما ذهب إلى المنزل وأعطى امه الخطاب قالت ابنى ليس غبيا بل هم الاغبياء، فأنتجت للبشريه رجلا أضاء لنا طرق المعرفه والنور في الحياه فهي قدوه لكل ام.

وفاته

توفي اديسون في ويست أورنج في 18أكتوبر عام 1931 ميلادي عن عمر يناهز 84 وعندما توفي أطفئت جميع أنوار ومصابيح أمريكا. بحيث قبله كان هكذا وكانت هذه نهاية حياة الرجل العظيم توماس اديسون





الإمام عبد الحليم محمود ... شخصيات دينيه


نبذة عن الإمام عبد الحليم محمود

وُلد الشيخ عبد الحليم محمود في قرية أبو احمد من ضواحي مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية في (2 من جمادى الأولى سنة 1328هـ= 12 من مايو 1910م)، ونشأ في أسرة كريمة مشهورة بالصلاح والتقوى، التحق بالأزهر، وحصل على الشهادة العالمية سنة (1932م)، ثم سافر على نفقته الخاصة لاستكمال تعليمه العالي في باريس، ونجح في الحصول على درجة الدكتوراه في سنة (1940م).

تولى أمانة مجمع البحوث الإسلامية، ثم تولى وزارة الأوقاف، وصدر قرارٌ بتعيينه شيخًا للأزهر في (22 من صفر 1393هـ= 27 من مارس 1973م).

ومن مواقفه أنه بعد عودته من فرنسا كان يرتدي البدلة غير أنه بعد سماع خطبة للرئيس عبد الناصر يتهكَّم فيها على الأزهر وعلمائه بقوله: "إنهم يُفتون الفتوى من أجل ديكٍ يأكلونه" فغضب الشيخ الذي شعر بالمهانة التي لحقت بالأزهر، فما كان منه إلا أنه خلع البدلة ولبس الزيَّ الأزهريَّ، وطالب زملاءَه بذلك، فاستجابوا له تحديًا للزعيم، ورفع المهانة عن الأزهر وعلمائه.

كما كان له موقفه الشجاع نحو قانون الأحوال الشخصية الذي روَّج له بعضُ المسئولين بتعديله؛ بحيث يقيَّد الطلاق، ويُمنَع تعدد الزوجات، فانتفض الشيخ فقال: "لا قيودَ على الطلاق إلا من ضمير المسلم، ولا قيودَ على التعدد إلا من ضمير المسلم ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (آل عمران: من الآية 101) ولم يهدأ حتى أُلغي القرار.

وفي يوليو 1974م صدر قرارٌ جمهوري رقم 1098/1974م بتنظيم شئون الأزهر وتحديد مسئولياته على أن يكون الأزهر تابعًا لمسئولية وزير شئون الأزهر؛ مما أفقد الأزهر استقلالَه، فأسرع الشيخ بتقديم استقالته في 1 من أغسطس؛ احتجاجًا على القرارِ ولم يعُد لمنصبه إلا بعد إلغاء القرار وصدور اللائحة التنفيذية التي تخوِّل للأزهر شئونه.

كما لا ينسى أيُّ أحد مواقفَه من المحاكمات العسكرية ضد جماعات التكفير، وموقفه الشديد ضد قانون الخمر؛ حيث ندَّد به في كل مكان، وموقفه أيضًا من الشيوعية والإلحاد، وموقفه العظيم من الوفد البابوي.

لقد حاول الشيخ إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء من الأكفاء ومِن حِسَان السمعة والعدول، وكانت حياة الشيخ عبد الحليم محمود جهادًا متصلاً وإحساسًا بالمسئولية التي يحملها على عاتقه، حتى لَقِي الله بعدها في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق (15 من ذي القعدة 1397هـ= 17 من أكتوبر 1978م).

تحميل بعض مؤلفات الامام عبد الحليم محمود

المؤلفات بصيغة pdf

القرآن و النبي صلى الله عليه سلم للتحميل اضغط هنا

الحج إلى بيت الله الحرام (الحج المبرور) للتحميل اضغط هنا

الإسلام و العقل للتحميل اضغط هنا

التفكير الفلسفي في الإسلام للتحميل اضغط هنا

الرسول صلى الله عليه وسلم لمحات من حياته للتحميل اضغط هنا

الصلاة أسرار و أحكام للتحميل اضغط هنا

الإمام عبد الله بن المبارك للتحميل اضغط هنا

المنقذ من الضلال للتحميل اضغط هنا

المدرسة الشاذلية للتحميل اضغط هنا

الطريق الى الله - كتاب الصدق لأبي سعيد الحراز للتحميل اضغط هنا

فأذكروني أذكركم للتحميل اضغط هنا

الحمد لله هذه حياتي للتحميل اضغط هنا

لطائف المنن للتحميل اضغط هنا

أبو بكر الشبلي للتحميل اضغط هنا

سفيان الثوري للتحميل اضغط هنا

السيد أحمد البدوي للتحميل اضغط هنا

أبو مدين الغوث للتحميل اضغط هنا

أبو اليزيد البسطامي للتحميل اضغط هنا

سهل التستري للتحميل اضغط هنا

عبد السلام مشيش للتحميل اضغط هنا

بشر الحافي للتحميل اضغط هنا

أبو ذر الغفاري و الشيوعية للتحميل اضغط هنا

حكم بن عطاء الله للشيخ زروق للتحميل اضغط هنا

فلسفة بن طفيل للتحميل اضغط هنا

يارب للتحميل اضغط هنا

السنة و مكانتها في التشريع الإسلامي للتحميل اضغط هنا

طلعت حرب .. شخصيات اقتصاديه


محمد طلعت بن حسن محمد حرب (25 نوفمبر 1867 - 13 أغسطس 1941) مؤسس بنك مصر ومجموعة شركاته. يعتبر من أعلام الاقتصاد في العصر الحديث في مصر فقام بتأسيس بنك مصر والتي ساهمت في إنشاء العديد من الشركات التي تحمل اسم مصر مثل شركة مصر للغزل والنسيج ومصر للطيران ومصر للتامين ومصر للسياحة واستديو مصر وغيرها.

نشأته

ولد طلعت حرب في 25 نوفمبر 1867 بمنطقة قصر الشوق في حي الجمالية وفي رحاب مسجد الحسين، وكان والده موظفاً بمصلحة السكك الحديدية الحكومية، وينتمي إلى عائلة حرب بناحية ميت أبو علي من قرى منيا القمح بمحافظة الشرقية، كما كانت والدته تنتسب إلى عائلة صقر لقرية تابعة لمنيا القمح أيضاً.
حفظ طلعت حرب القرآن في طفولته ثم التحق بمدرسة التوفيقية الثانوية بالقاهرة. والتحق بمدرسة الحقوق الخديوية في أغسطس 1885 وحصل على شهادة مدرسة الحقوق في 1889.
استقبل في شبابه الباكر الثورة العرابية ضد الخديوي وضد الإنجليز الذين احتلوا مصر في 1882، وقد ساعد هذا على تأجيج الحس الوطني داخل طلعت حرب مثل كل الشباب المصري في ذلك الوقت. ليشتغل مترجماً بالقسم القضائي "بالدائرة السنية" ـ وهي الجهة التي كانت تدير الأملاك الخديوية الخاصة ,
ثم أصبح رئيسا لإدارة المحاسبات ثم مديراً لمكتب المنازعات خلفا للزعيم الوطني محمد فريد وذلك في عام 1891 ثم تدرج في السلك الوظيفي حتى أصبح مديراً لقلم القضايا.

في عام 1905 انتقل ليعمل مديراً لشركة كوم إمبو بمركزها الرئيس بالقاهرة كما أسندت له في نفس الوقت إدارة الشركة العقارية المصرية التي عمل على تمصيرها حتى أصبحت غالبية أسهمها في يد المصريين. كانت هذه الشركة بداية ثورة طلعت حرب لتمصير الاقتصاد ليمتلك القدرة على مقاومة الإنجليز، وقد اتجه طلعت حرب إلى دراسة العلوم الاقتصادية كما عكف على النهل من العلوم والآداب فدرس اللغة الفرنسية وأتقنها وتواصل مع كافة التيارات العلمية والثقافية وامتزج بالكثير من أقطابها.
طلعت حرب في فترة الثلاثينيات

حياته

كان طلعت حرب متعدد المواهب ولولا إخلاصه وتفرغه لدعم ومساندة ثورته الاقتصادية لأصبح واحدا من كبار المفكرين والكتاب العرب حيث بدأ حياته بتأليف الكتب خاصة وهو يمتلك الموهبة والأسلوب الجميل والفكر القوى وقد اشتغل بالصحافة وكانت له آثار صحفية وأدبية بارزة، كما كانت له معاركة الفكرية الكبيرة والمؤثرة حيث خالف اجتهادات قاسم أمين في قضية تحرير المرأة حيث كان طلعت حرب محافظا في أفكاره ويقدس تقاليد الآباء والأجداد مع ميل إلى التجديد والإقتباس من كل مايفيد وينفع من مخترعات الأوروبيين وأفكارهم.

معاصرته للثورة العرابية كانت بمثابة الشرارة التي ايقدت الوطنية بداخله وبداخل كافة الشباب وقتها مثل سعد زغلول وقاسم امين وغيرهم. في عام 1907 كتب مقالا على صفحات الجريدة قال فيه: "نطلب الاستقلال العام ونطلب أن تكون مصر للمصريين وهذه أمنية كل مصري ولكن مالنا لانعمل للوصول إليها؟ وهل يمكننا أن نصل إلى ذلك إلا إذا زاحم طبيبنا الطبيب الأوروبي ومهندسنا المهندس الأوروبي والتاجر منا التاجر الأجنبي والصانع منا الصانع الأوروبي وماذا يكون حالنا ولا (كبريته) يمكننا صنعها نوقد بها نارنا ولا إبرة لنخيط بها ملبسنا ولا فابريقة ننسج بها غزلنا ولا مركب أو سفينة نستحضر عليها مايلزمنا من البلاد الأجنبية فما بالنا عن كل ذلك لاهون ولانفكر فيما يجب علينا عمله تمهيدا لاستقلالنا إن كنا له حقيقة طالبين وفيه راغبين، وأرى البنوك ومحلات التجارة والشركات ملأى بالأجانب وشبابنا إن لم يستخدموا في الحكومة لايبرحون القهاوي والمحلات العامة وأرى المصري هنا أبعد مايكون عن تأسيس شركات زراعية وصناعية وغيرها وأرى المصري يقترض المال بالربا ولايرغب في تأسيس بنك يفك مضايقته ومضايقة أخيه وقت الحاجة، فالمال هو (أس) كل الأعمال في هذا العصر وتوأم كل ملك".


حياته الشخصية

تزوج طلعت حرب في سن مبكرة. أنجب أربع بنات هن فاطمة وعائشة وخديجة وهدى

فكره الاقتصادي

في عام 1911 قدم طلعت حرب رؤيته الفكرية واجتهاداته النظرية عن كيفية إحداث ثورته الثقافية وذلك من خلال كتابه "علاج مصر الاقتصادي وإنشاء بنك للمصريين". في عام 1912 قدم طلعت حرب كتابه "قناة السويس" وذلك لتفنيد دعاوي إنجلترا وفرنسا لتمديد عقد احتكار القناة لمدة 40 سنة أخرى بعد الـ 99 سنة التي تنتهي في عام 1968 وقد نجحت حملة طلعت في القضاء على هذا المخطط الاستعماري في مهده.

كان طلعت حرب ميالا (بشكل واع) للفلاحين والغلابة ويدافع عنهم فعند تصفية الدائرة السنية سعى إلى بيع الأراضي إلى الفلاحين الذين يزرعونها. بعد أن أعلن طلعت حرب عن فكرته في ضرورة إنشاء بنك للمصريين انعقد المؤتمر الوطني عام 1911 للنظر في مشكلات مصر الإجتماعية وقرر المجتمعون تنفيذ فكرة حرب في إنشاء بنك مصر وقد تعطلت عملية إنشاء البنك بسبب الحرب العالمية الأولى.

عندما انتهت الحرب دون أن تحصل مصر على استقلالها السياسي انفجرت ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول وأثناء الثورة دعا طلعت حرب أبناء مصر إلى الكفاح ضد سيطرة الأجانب الاقتصادية على المقدرات المصرية وتعود فكرة إنشاء بنك مصر وينجح طلعت حرب في إنشاء البنك عام 1920 حيث تم الإحتفال بتأسيسه مساء الجمعة 7 مايو 1920 في دار الأوبرا السلطانية المصرية.
كان طلعت حرب شخصية شديدة الحيوية والديناميكية ينهض مبكراً ويبدأ العمل في السادسة صباحا ويصدر التعليمات إلى رجاله وظل يعمل لمدة خمس سنوات لمدة 15 ساعة يوميا وبدون مقابل. وقد استفاد طلعت حرب كثيراً عندما ارتبط في بداية حياته بعلاقة وثيقة مع عمر باشا سلطان مما أكسبه الكثير من الخبرات الاقتصادية والإدارية وفي اتصاله بالحركة الوطنية أيام الخديوي عباس حلمي الثاني.
كان ينظر إلى المال كخدمة عامة يساعد في الحفاظ على الثروة الوطنية وتصنيع البلاد، وقد أكد ذلك في خطبة افتتاح بنك مصر حيث ذهب إلى أنه ليس بنكا تجاريا حيث إن مهمته الأساسية هي إدخال التصنيع إلى مصر وتشجيع التجارة، وقبل أن ينشئ بنك مصر أنشأ مع صديقه فؤاد الحجازي محلا للبقالة حتى يشجع المصريين على التجارة ورغم أنتقادات المحيطين به إلا أن التجربة نجحت وشجعت الكثيرين على خوض مجال التجارة وقد تنازل بعد ذلك عن المحل لبعض المصريين.

إسهاماته الاقتصادية

تأسيس بنك مصر

يعتبر بنك مصر هو نقطة البداية لمرحلة الإصلاح الاقتصادي وخطوة علي طريق الحرية من الاستعمار الانجليزي. رأى طلعت حرب أن السبيل لتحرير اقتصاد مصر هو إنشاء بنك مصري برءوس أموال مصرية
في المؤتمر المصري الأول انتهز محمد طلعت حرب باشا اجتماع أعيان البلاد وكبرائها وعرضت لجنة المؤتمر فكرة إنشاء بنك مصري وقرر المؤتمر بالإجماع وجوب إنشاء بنك مصري برؤوس أموال مصرية، كما قرر اختيار محمد طلعت حرب باشا للسفر إلى أوربا لدراسة فكرة إنشاء البنك بعد عمل دراسة كافية عن المصارف الوطنية وأسلوب عملها في الدول الأوربية، فلما صدر كتاب محمد طلعت حرب باشا بعد هذا، آمن كل مصري بالفكرة التي يدعوا لها وإلى تنفيذها، لكن الحرب العالمية الأولى التي أعلنت في 4 أغسطس سنه 1914 وقفت بالفكرة حيث هي: كلمات في كتاب، وانتهت الحرب قبيل نهاية سنه 1918 وشبت الثورة المصرية في سنه 1919، فكان انطلاقها الطلقة الأولى في وجوب إنشاء البنك حتى يتحقق استقلال الوطن الاقتصادي، ليكون عضداً وسنداً للاستقلال السياسي· وعاد محمد طلعت حرب باشا يدعوا لمشروعه أو لفكرته عند بعض المسئولين فحاولت سلطات الاحتلال معه كل الأساليب للتشكيك في قيمة المشروع وفى عدم أهلية المصريين للقيام بمثل هذه المشاريع المالية.

أقنع محمد طلعت حرب باشا مائة وستة وعشرين من المصريين الغيورين بالاكتتاب لإنشاء البنك، وبلغ ما اكتتبوا به ثمانون ألف جنيه، تمثل عشرين ألف سهم، أي أنهم جعلوا ثمن السهم أربعة جنيهات فقط، وكان أكبر مساهم هو عبد العظيم المصري بك من أعيان مغاغة، فقد أشترى ألف سهم· وفى الثلاثاء 13 ابريل سنه 1920 نشرت الوقائع المصرية في الجريدة الرسمية للدولة مرسوم تأسيس شركة مساهمة مصرية تسمى "بنك مصر"· كان قد تم قبل ذلك عقد تأسيس الشركة بين ثمانية من المائة والستة والعشرون مساهماً جميعهم مصريون، وحرر بصفه عرفيه في 8 مارس سنه 1920 - أي بعد سنة على نشوب الثورة العرابيه - ثم سجل في 3 إبريل - أي بعد أقل من شهر وهؤلاء الثمانية هم: أحمد مدحت يكن باشا، يوسف أصلان قطاوي باشا، محمد طلعت بك، عبد العظيم المصري بك، الدكتور فؤاد سلطان، عبد الحميد السيوفى أفندي، اسكندر مسيحه أفندي، عباس بسيونى الخطيب أفندي، والمذكورون يمثلون الأديان الثلاثة·

نص عقد الشركة الابتدائي، على أن الغرض من إنشاء البنك هو القيام بجميع أعمال البنوك، من خصم وتسليف على البضائع والمستندات والأوراق المالية والكامبيو والعمولة، وقبول الأمانات والودائع، وفتح الحسابات والاعتمادات، وبيع وشراء السندات والأوراق المالية، والاشتراك في إصدار السندات، وغير ذلك مما يدخل في أعمال البنوك بلا قيد أو تحديد·
وأنه يجوز زيادة رأس المال بقرار من الجمعية العمومية للمساهمين، على أن يقوم بإدارة الشركة أو البنك مجلس إدارة مكون من تسعة أعضاء على الأقل ومن خمسة عشر عضواً على الأكثر تنتخبهم الجمعية العمومية· استثناء من هذه القاعدة عين أعضاء مجلس الإدارة الأول من: أحمد مدحت يكن باشا، يوسف أصلان قطاوى باشا، محمد محمد طلعت حرب باشا بك، عبد العظيم المصري بك، الدكتور فؤاد سلطان، علي ماهر بك، يوسف شيكوريل بك، عبد الحميد السيوفى أفندي، عباس بسيونى الخطيب أفندي· انتخب المجلس أحمد مدحت يكن باشا رئيساً، ومحمد محمد طلعت حرب باشا بك نائباً للرئيس وعضواً منتدباً، وظل شاغلاً كرسيه كذلك إلى سنه 1939·

اشترط العقد أن يملك عضو مجلس الإدارة مائتين وخمسين سهماً على الأقل، ولا يجوز له التصرف فيها طول مدة عضويته، وأن لا يكون عضواً بالجمعية العمومية من يملك أقل من خمسة أسهم، وفي مساء يوم الجمعة 7 مايو سنة 1920، احتفل بتأسيس البنك·

تأسس بنك مصر حول المحاور الرئيسية الآتية:

* إنشاء بنك مصري برأسمال مصري وإدارة مصرية وكوادر مصرية ولغة تعامل عربية·
* تحويل تنموي للاقتصاد الوطني من الاستثمار الزراعي إلى الاستثمار الصناعي وإثبات القدرات العقلية للإنسان المصري·

حيث تأكد لمحمد طلعت حرب باشا نظريته في إن فشل المحاولات الصناعية لا يرجع بحال من الأحوال إلى نقص إمكانيات البلد أو إلى طبيعتها الزراعية، وبدأت تتبلور لديه الرؤية حول إمكانية تأسيس قطاع صناعي تنبثق منه قنوات صحية توجه فيها مدخرات المصريين بتجميعها في بنك وطني مصري ليخلق بهذا الوعي الصناعي المفقود، ومن ناحية أخرى الوعي الادخاري والاستثماري بدلاً من عادة الاكتناز المتخلفة وبذلك تبلورت أهداف تأسيس بنك مصر ليصبح همزة الوصل بين أفراد الشعب وشتى القطاعات الاقتصادية بالبلد فوجود قطاع صناعي يعتبر أساسي ورئيسي لإتاحة الفرصة للقطاعات المساعدة ومنها النقل والتجارة والمال كي تزاول إنتاجها في كفاية أكبر·

اتبع محمد طلعت حرب باشا سياسة تخطيطية من الطراز الأول مبنية أساسا على إيمانه بأهمية الكيان الاقتصادي الذي أسسه في القيام بدور البنك القابض الذي يؤسس مجموعة من الشركات المستقلة التي تدور في فلكه فترفعه والقطاعات الاقتصادية الأخرى تدريجياً نتيجة التفاعل الطبيعي بينها جميعاً وأدت سياسته الرشيدة إلى الكثير من التطورات التي شوهدت في الاقتصاد الوطني والتي كانت مرتبطة إلى حد كبير بنشاط بنك مصر وشركاته أو كانت تمثل نتيجة من نتائجه·


توالي المشاريع الأخرى
بعد عامين فقط من إنشاء بنك مصر قام طلعت حرب عام 1922م بإنشاء أول مطبعة مصرية برأس مال قدره خمسة آلاف جنيه وذلك ليدعم الفكر والأدب ويقوي المقاومة الوطنية حيث كان يؤكد على أهمية أن تكون القراءة بأيدينا وليس بيد الأجنبي.
بعد إنشاء المطبعة توالت الشركات المصرية التي ينشئها البنك مثل شركة مصر للنقل البري التي قامت بشراء أول حافلات لنقل الركاب والتي ظهرت في فيلم "الوردة البيضاء" للموسيقار محمد عبد الوهاب، كما قامت الشركة بشراء الشاحنات الكبيرة لنقل البضائع من الموانئ كما أنشأ البنك شركة مصر للنقل النهري ثم شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى واستقدم طلعت حرب خبراء هذه الصناعة من بلجيكا وأرسل بعثات العمال والفنيين للتدريب في الخارج. كما أقام مصنعا لحلج القطن في بني سويف، وأنشأ البنك مخازن (شون) لجمع القطن في كل محافظات مصر.

تواصلت عطاءات طلعت حرب فأنشأ شركات مصر للملاحة البحرية، ومصر لأعمال الاسمنت المسلح، ومصر للصباغة، ومصر للمناجم والمحاجر، ومصر لتجارة وتصنيع الزيوت، ومصر للمستحضرات الطبية، ومصر للألبان والتغذية، ومصر للكيمياويات، ومصر للفنادق، ومصر للتأمين، كما أنشأ طلعت حرب شركة بيع المصنوعات المصرية لتنافس الشركات الأجنبية بنزايون - صيدناوي وغيرهم.

سعى طلعت حرب لإنشاء شركة مصرية للطيران إلى أن صدر في 27 مايو 32 مرسوم ملكي بإنشاء شركة مصر للطيران كأول شركة طيران في الشرق الأوسط برأس مال 20 ألف جنيه، وبعد عشرة أشهر زاد رأس المال إلى 75 ألف جنيه، وقد بدأت الشركة بطائرتين من طراز دراجون موت ذات المحركين تسع كل منها لثمانية ركاب، وكان أول خط من القاهرة إلى الإسكندرية ثم مرسى مطروح، وكان الخط الثاني من القاهرة إلى أسوان. في عام 1934 بدأ أول خط خارجي للشركة من القاهرة إلى القدس.

النهضة الفنية
كان طلعت حرب يؤمن بأن تجديد الاقتصاد في مصر في بلد زراعي متخلف لن يتم إلا إذا ازدهرت الثقافة واستنارت العقول بالأفكار الجديدة والثقافة الرفيعة، وكان يؤمن أيضا بأن الثقافة استثمار كبير. إيمانا منه بضرورة تدعيم الثقافة والفنون ونشر الوعي قام بتأسيس شركة مصر للتمثيل والسينما "أستديو مصر" لإنتاج أفلام مصرية لفنانين مصريين مثل أم كلثوم، عبد الوهاب وغيرهما، وقد أنتج أستوديو مصر فيلما قصيرا لمدة عشر دقائق للإعلان عن المنتجات المصرية. كما أنتج نشرة أخبار أسبوعية عن الأحداث في مصر يتم عرضها في دور العرض قبل بداية أي فيلم، وقام أستوديو مصر بإرسال البعثات الفنية من المصريين إلى أوروبا لتعلم فنون التصوير والإخراج والديكور والمكياج فسافر أحمد بدرخان - موريس كساب (إخراج)، حسن مراد - محمد عبد العظيم (تصوير) - مصطفى والي (صوت)، ولي الدين سامح (ديكور)، نيازي مصطفى (مونتاج)، وتم تعيين الفنان أحمد سالم مديراً لاستوديو مصر. أكد طلعت حرب على أهمية السينما وخطورة دورها عندما قال "إننا نعمل بقوة اعتقادية وهي أن السينما صرح عصري للتعليم لا غنى لمصر عن استخدامه في إرشاد سواد الناس".


المشروعات

قائمة المشروعات التي ساهم فيها طلعت حرب بالترتيب الزمني

* 1907:ساهم في تأسيس النادي الاهلي المصري 100 جنية
* 1920: بنك مصر، رأس مال 80,000 جنية
* 1922: شركة مصر للطباعة، رأس مال 5,000 جنية
* 1923: شركة مصر لصناعة الورق، رأس مال 30,000 جنية
* 1923: شركة مصر لحلج القطن، رأس مال30,000 جنية
* 1925: شركة مصر لصناعة السينما (استديو مصر)، رأس مال 15,000 جنية
* 1926: الشركة المصرية العقارية، رأس مال 116,000 جنية
* 1926: بنك مصر الفرنسي رأس مال 5 مليون جنية
* 1927: شركة مصر للغزل والنسيج، رأس مال 300,000 جنية
* 1927: شركة مصر لمصايد الاسماك، رأس مال 20,000 جنية
* 1927: شركة مصر لغزل الحرير، رأس مال 10,000جنية
* 1927: شركة مصر للكتان، رأس مال 45,000 جنية
* 1929: بنك مصر سوريا، رأس مال مليون ليرة سوري
* 1930: شركة مصر للنقل والشحن، رأس مال 160,000 جنية
* 1932: شركة المصنوعات المصرية، رأس مال 5,000 جنية
* 1932: شركة مصر للطيران، رأس مال40,000 جنية
* 1934: شركة مصر للسياحة، رأس مال7,000 جنية
* 1934: شركة المصريون للجلود والدباغة
* 1935: شركة مصر للمناجم والمحاجر، رأس مال 40,000 جنية
* 1937: شركة مصر لصناعة وتكرير البترول، رأس مال 30,000 جنية
* 1938: شركة مصر للصباغة (بالتعاون مع برادفورد)، رأس مال 250,000 جنية
* 1940: شركة مصر للمستحضرات الطبية والتجميل، رأس مال 10,000 جنية

استقالته

على الرغم من النجاح الذي حققه طلعت حرب من خلال بنك مصر والإنجازات الاقتصادية الهائلة التي تم تحقيقها، إلا أن البنك تعرض لأزمة مالية كبيرة، كان الاحتلال البريطاني ورائها، حيث تسارع آلاف المودعين بسحب أموالهم من البنك ومما زاد الأزمة سحب صندوق توفير البريد لكل ودائعه من بنك مصر، ورفض البنك الأهلي أن يقرضه بضمان محفظة الأوراق المالية، وعندما ذهب طلعت حرب إلى وزير المالية حينذاك حسين سري باشا لحل هذه المشكلة، كان الشرط الوحيد الذي قدمه الوزير لحل أزمة البنك هو تقديم طلعت حرب لاستقالته.

بالفعل قدم طلعت حرب استقالته للمحافظة على البنك هذا الإنجاز العظيم الذي قام بتقديمه للمصريين، والذي أستمر إلى يومنا هذا يقدم خدماته إلى المواطن المصري ورمزاً وتخليداً لذكرى واحد من أبرز الاقتصاديين الذين عرفتهم مصر. ومن أقواله الشهيرة في هذا الموقف هو "فليذهب طلعت حرب وليبق بنك مصر".

إنتاجه الأدبي

بدأ حياته الفكرية بالكتابة في الصحف, وقام باصدار كتاب "تاريخ دول العرب والإسلام"، والتي صدرت طبعته الأولى عام 1897، وطبعته الثانية عام 1905، ثم كتاب كلمة حق عن الإسلام والدولة العثمانية ، أما كتابه الثالث فقد أصدره عام 1899، وهو بعنوان "تربية المرأة والحجاب" والذي كتبه رداً على كتاب "تحرير المرأة" منتقداً فيه رأي قاسم أمين، كما له كتاب بعنوان "فصل الخطاب في المرأة والحجاب" أصدره في عام 1901، رداً على الكتاب الثاني لقاسم أمين "المرأة الجديدة".
كانت خصومته الفكرية مع قاسم أمين لم تكن على قضية التحرير الأدبي للنساء وإنما كانت تتمركز حول مخاطر هذه الطفرة الطارئة التي لامبرر لها في حياة نسائنا وماوراء هذه الطفرة من شر قد يستغله الدخلاء لتحقيق مصالح مادية ومعنوية غير أنه من الملاحظ أن طلعت حرب الذي دافع عن حجاب المرأة انفتح في مشروعاته الاقتصادية الوطنية لعمل المرأة بكثافة نسبية واضحة، وذلك من عشرينيات القرن العشرين وما بعدها.

ماكتب عنه الاخرون

جاك بيرك


كتب عنه جاك بيرك (إن ميزته الأولى كانت في إدراكه للقوة الكامنة والإمكانات الهائلة التي لم تستغل بعد عند مواطنيه) وهذا كلام صادق تماما حيث دأب الاحتلال الإنجليزي على ترويج أن الشعب المصري لايعرف إلا الزراعة وأنه لايجيد الأعمال الاقتصادية أو الصناعية وقد أثبت طلعت حرب فساد وخطأ هذه المقولات حيث ساهم بنك مصر في تجميع أموال المصريين التي ادخروها خلال الحرب العالمية الأولى والتي كانت حائرة عاطلة بعد ارتفاع أسعار العقارات. وقد قام بنك مصر برسالته الوطنية في تنمية الودائع علاوة على أرباحه التي استثمرها في إنشاء أكثر من عشرين شركة مصرية ومع تأسيس البنك رفض طلعت حرب رئاسة بنك مصر وترك المنصب لأحمد مدحت باشا يكن واكتفى هو بمنصب نائب الرئيس والعضو المنتدب، وقد استدعى الخبير الألماني فون أنار لوضع النظم الداخلية للبنك وفي نفس الوقت أرسل بعثات من شباب مصر إلى إنجلترا وسويسرا وألمانيا للتدريب العملي على العمل المصرفي، وقد عاد جميع المصريين ليعملوا في بنك مصر، وسريعا ماانتقل بنك مصر من مقره المتواضع إلى مقره الحالي في شارع محمد فريد وسريعا ماانتشرت فروع البنك لتصل إلى 37 وحدة مصرفية في عام 1938، وقد اهتم طلعت حرب بالمظهر الخارجي لمنشآت بنك مصر فجعل جميع مباني البنك ذات نمط معماري واحد. استطاع بنك مصر وشركاته امتصاص جزء كبير من البطالة حيث زادت ودائع البنك مقارنة بكل البنوك الأجنبية العاملة في مصر مما أنهى مقولة الاستعمار والتي كانت تردد في ذلك الوقت "المصري لايعرف إلا الإستدانة" حيث استطاع بنك مصر تحفيز الإدخار لدي كل المصريين حتى الأطفال بعد أن وزع البنك حصالات على تلاميذ المدارس الابتدائية ثم يأخذ مافيها ويفتح للأطفال دفاتر توفير بالبنك. كما كان طلعت حرب يراعي دائما البعد الأخلاقي في معاملاته وتعاملاته حيث أصدر قراراً بعدم تمويل بنك مصر لأية مشروعات تسيء إلى الخلق العام، وكرامة الإنسان، كما حرص البنك على مساعدة صغار الصناع والحرفيين للصمود أمام سيطرة المنتجات الإنجليزية على السوق المصرية ومنافستها وكما شجع البنك قيام شركات المقاولات المصرية ودعمها ماليا بكسر احتكار الأجانب لهذه المشروعات حيث كان الأجانب يقرضون الفلاحين والجمعيات التعاونية بضمان الأرض فإن عجزوا عن السداد يتم الاستيلاء على الأرض المرهونة، وقد استطاع طلعت حرب أن يتصدى لهذه السياسة الاستعمارية ليتم الحفاظ على ثروة مصر من الأرض الزراعية، وقد طلب البنك من الحكومة المصرية إنشاء البنك العقاري المصري ليتولى عمليات الدعم للنشاط الزراعي في جميع أنحاء مصر.

ايريك ديفيز
كتب إيريك ديفيز عن طلعت حرب : تجربة طلعت حرب في التنمية جديرة حقا بالتأمل والدراسة‏,‏ إذ نجح الرجل عبرها في عقد تزاوج ناجح ومثمر بين الصناعة والبنوك حيث قام بنك مصر بتمويل الشركات الصناعية والإنتاجية ونهض بها مؤسسا قلعة مصر الاستثمارية ومقدما في الوقت نفسه منظومة اقتصادية متكاملة عاشت مصر في رحابها في النصف الأول من القرن الماضي‏.‏

والدراسة التي نعرض لها اليوم ترصد دور بنك مصر منذ نشأته في أبريل عام ‏1920‏ وتطوره عبر السنوات‏,‏ إذ لم يكن الهدف من إنشاء هذا البنك مجرد هدف تجاري عادي شأن بقية البنوك‏,‏ وإنما كان مؤسسوه يأملون قيامه بدور ممول للصناعة الوطنية المصرية وكمركز لمجموعة عملاقة من الشركات‏,‏ كلها يحمل اسم مصر‏,‏ حيث يصبح البنك بمثابة القوة المحركة لوجود قطاع صناعي حديث في الاقتصاد المصري‏..‏ تعرض الدراسة إذن لدور بنك مصر خلال فترة ما بين الحربين مقدمة تفاصيل المشروع الاقتصادي الناجح الذي اداره طلعت حرب باقتدار‏,‏ حيث تم تأسيس مجموعة الشركات التي ضمت أكبر شركة لصناعة النسيج في الشرق الاوسط وشركة للنقل واخري لحلج القطن وثالثة للتأمين‏,‏ هذا فضلا عن أول شركة طيران مصرية ومجموعة اخري من الشركات الاصغر حجما‏.‏

وظل دور بنك مصر يتنامي ويتعاظم مع نجاح التجربة‏..‏ البداية كانت لا تزيد علي الثمانين ألف جنيه مصري عام‏1920,‏ لتصل قيمة رأس مال مجموعة شركاته عند اندلاع الحرب العالمية الثانية الي خمسة ملايين جنيه‏,‏ ولم يقتصر تأثير البنك علي مجموعة شركاته فقط وانما لعب دورا رئيسيا في تشكيل السياسة المالية للحكومة خلال عقدي العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين كما كان مؤثرا في مجال تنمية الاقتصاد المصري حيث امتدت انشطته خارج القطر المصري الي دول الوطن العربي‏.‏

وتعرض الدراسة كذلك والتي تحمل عنوان‏(‏ طلعت حرب وتحدي الاستعمار ـ دور بنك مصر في التصنيع‏1920‏ ـ‏1941)‏ للمشاكل والأزمات والحروب التي واجهها طلعت حرب خلال تصديه لمشروعه‏..‏ فلم يكن الطريق مفروشا بالورد والرياحين‏,‏ بل كان وعرا فقد واجه الرجل تحالفات قوية وقفت أمام طريقه‏..‏ هناك كبار الملاك المصريين والجاليات الاجنبية المقيمة في مصر وهناك اصحاب التطلعات السياسية‏..‏ جبهات عديدة كان عليه مواجهتها وربما من هنا تحديدا اكتسبت تجربته قوة وصلابة واستطاعت ان تصنع لنفسها مكانة في قلب الاقتصاد المصري‏.‏

وربما أهم ما تشير اليه الدراسة في فصولها هو ضرورة دراسة الحالة الاقتصادية في إطار محيطها المجتمعي وليس بمعزل عنها‏,‏ بحيث تأتي التجارب الاقتصادية لخدمة المجتمع‏,‏ لا ان يتم استغلال البشر لدفع تكلفة نمو الاقتصاد‏,‏ وهو حال معظم تجارب النمو الاقتصادي التي تتبناها المنظمات الرأسمالية العالمية من جانب الصندوق والبنك الدوليين فتجربة طلعت حرب الاقتصادية هنا تمخضت عنها مجموعة اقتصادية ناجحة عملت علي خدمة المجتمع والشعب بمختلف فئاته فضلا عن الاقتصاد المصري بمختلف عناصره‏,‏ ومن هنا تكتسب أهميتها وتأثيرها الايجابي‏.‏ تفاصيل اقتصادية عديدة يخوض فيها المؤلف ايريك دافيز وهو باحث امريكي نال عن بحثه هذا رسالة الدكتوراه من جامعة شيكاغو تحلل جميعها تجربة طلعت حرب الاقتصادية ودور بنك مصر واسهاماته في التنمية الاقتصادية العربية وفي صنع القلعة الاقتصادية المصرية‏.‏

وفاته
توفى طلعت حرب في الثالث عشر من أغسطس عام 1941 عن عمر يناهز 74 عاما بعد أن ترك علامات اقتصادية واجتماعية واضحة وبصمات لا تنسى في تاريخ مصر. نعاه العديد من الشعراء بقصائد رثاء مثل عباس العقاد واحسان عبد القدوس وصلاح جودت وجبران خليل جبران.

تكريمه

في عام 1980 وفي الذكري الستين لتأسيس بنك مصر تم تكريم اسم طلعت حرب حيث قام الرئيس الراحل محمد انور السادات منح طلعت حرب قلادة النيل العظمى تكريما لمجهوداته العظيمة في الاقتصاد المصري
تم إطلاق اسم طلعت حرب علي أهم وأشهر الميادين بوسط القاهرة "ميدان طلعت حرب" والذي يقع علي تقاطع شارع طلعت حرب وقصر النيل ومحمد صبري أبو علم ومحمد بسيوني.
وله شارع أيضا بوسط القاهرة يحمل اسمه. يوجد مركز ثقافي يحمل اسمه "مركز طلعت حرب الثقافي" . وله ميدان اخر باسمه في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية. واطلق اسمه علي العديد من المدارس الحكومية.
وقامت مصلحة البريد باصدار طابع بريد تخليدا لذكراه.

يحى حقى ... شخصيات ادبيه





ولد يحيى حقي (1905 - 1992) لأسرة من أصل تركي تقطن حي السيدة زينب بالقاهرة, وهو الحي الذي قضى فيه سني طفولته, فكانت الولادة والنشأة سببًا لارتباط لازمه طوال حياته بالأحياء القاهرية الشعبية القديمة وبأهلها وبتقاليدهم.
ويتضح هذا الارتباط الوثيق في كثير من قصصه وكتاباته.
عمل يحيى حقي بعد تخرجه, في مدرسة الحقوق العليا عام 1925, محاميًا ثم معاونًا للإدارة بصعيد مصر, الذي قضى فيه عامين قبل أن يلتحق بالسلك الدبلوماسي.
وفي عام 1955, اختير مديرًا لمصلحة الفنون (النواة الأولى لوزارة الثقافة فيما بعد), فكان له دور مؤسس في النهضة الثقافية التي عرفتها مصر في تلك السنوات وما بعدها.
وفي عام 1962, تولى يحيى حقي رئاسة تحرير مجلة (المجلة) الشهرية لثماني سنوات, نجح خلالها في تحويل تلك الدورية إلى منبر ثقافي مؤثر, قدم من خلاله الكثير من المواهب الجديدة في ميادين القصة القصيرة والرواية والشعر والنقد.
خلال دراسته للحقوق, كتب يحيى حقي القصة القصيرة متأثرًا بالأدب الروسي.

وصدرت مجموعته القصصية (قنديل أم هاشم) كأول كتاب ليحيى حقي عام 1944, فقد نشر في الصحف والمجلات منذ أواسط العشرينيات, وخاصة في صحيفة "الفجر" لسان حال "المدرسة الحديثة" وليدة ثورة 1919 الوطنية, ولهذه "المدرسة الحديثة" فضل كبير بتعريف البيئة المصرية بالقصة في مفهومها الحديث, التي كان يحيى حقي من أوائل مَنْ كتبوها بالعربية.

وإلى جوار القصة والرواية, أسهم يحيى حقي في كتابة المقال الأدبي, والنقد الأدبي والفني, والدراسات الأدبية, والسيرة الذاتية. وله ثمانية وعشرون كتابًا, غير القصص والمسرحيات والكتب التي ترجمها.

وطوال سنوات الغربة التي عمل فيها خارج وطنه, كانت الحياة في الحي القاهري الشعبي, وفي قرى ومدن الصعيد, والروح الشعبية الصابرة لأهلها, ما تزال تشغل تفكيره, وقد كتب عن نفسه: [ كنت دائم الحنين إلى تلك الجموع الغفيرة من الغلابة والمساكين الذين يعيشون على رزق يوم بيوم ]... [ وحين عدت إلى مصر سنة 1939, شعرت بجميع الأحاسيس التي عبّرت عنها في"قنديل أم هاشم".

إن بطل القصة شاب يريد أن يهز الشعب المصري هزّا عنيفًا ويقول له: "اصْح: تحرك, فقد تحرك الجماد!" (....) ].

[ إن اسمي لا يكادُ يُذكر إلاّ وتُذكر معه "قنديل أم هاشم" كأني لم أكتب غيرها. وكنت أحيانًا أضيق بذلك ].

ويكتب حقي في مقام آخر:
[أما الظاهرة الغريبة التي أحار كثيرًا في تحليلها وأنا أتأمل حياتي وإنتاجي, فهي أني, وإن كنت من أصل تركي قريب, أحسّ بأني شديد الاندماج بتربة مصر وأهلها, وفي بعض الأحيان يرجّني هذا الشعور رجّا عنيفًا. ومعرفتي باللغة العامية المصرية وتعبيراتها تفوق ما حصّلته منها مباشرة. وقد يكون ذلك راجعًا إلى الفطرة والحدس والإحساس غير الواعي.

ولعل هذا الحب هو الذي يميل بي إلى استخدام بعض الكلمات العامية في كتاباتي رغم أني من المهووسين بالفصحى ].

يحيى حقي.. الأديب والإنسان

يعد الأديب المبدع يحيى حقي رائد فن القصة القصيرة العربية؛ فهو أحد الرواد الأوائل لهذا الفن الذي يدين له بالكثير مما وصل إليه من نضج، وما بلغه من انتشار واسع، وقد خرج من تحت عباءة ذلك الرائد المبدع الذي كان يعمل في صمت ويكتب في هدوء كثير من الكتاب والمبدعين في العصر الحديث، وكانت له بصمات واضحة في أدب وإبداع العديد من أدباء الأجيال التالية.


المولد والنشأة

ولد "يحيى محمد حقي" في [1 من ذي القعدة 1322هـ=7 من يناير 1905م]، ونشأ في "درب الميضة" بحي "السيدة زينب"، وكانت عائلته ذات جذور تركية قديمة، وقد استوطنت مصر نحو عام [ 1282هـ=1865م].
وشب "يحيى حقي" في جو مشبع بالأدب والثقافة، فقد كان كل أفراد أسرته يهتمون بالأدب مولعين بالقراءة، فخاله "حمزة بك" كان يشغل وظيفة رئيس القلم العربي في ديوان الخديو إسماعيل، وله نماذج من الإنشاء حواها كتاب "جواهر الأدب"، وعمه هو "محمود طاهر حقي" الذي امتلك في شبابه مجلة "الجريدة الأسبوعية"، وكان أحد رواد فن الرواية، وقد كتب عدة روايات منها: "عذراء دنشواي"، و"غادة جمانا".
أما والده "محمد حقي" فقد كان موظفًا بوزارة الأوقاف، وكان محبًا للقراءة والثقافة، وكان مشتركًا في عدد كبير من المجلات الأدبية والعلمية والثقافية، وكانت أمة كذلك حريصة على قراءة القرآن الكريم ومطالعة الكتب الدينية.
في هذا الجو الديني الذي يظله الحب ويشع فيه التفاهم وترفرف فيه السعادة نشأ "يحيى حقي" لتتشبع روحه ووجدانه بالقيم الدينية الأصيلة، وتتشرب بالأخلاق الفاضلة، والقيم الإنسانية النبيلة والمثل العليا.


أسماء الأنبياء

وكان "يحيى حقي" ثالث سبعة إخوة: خمسة ذكور، وبنتان، وكان إخوته الذكور يحملون جميعًا أسماء أنبياء؛ فأكبرهم "إبراهيم" الذي بدأ حياته بالكتابة الأدبية في مجلة "السفور"، وثاني إخوته "إسماعيل" الذي عمل بالتدريس في بعض المعاهد المصرية وجامعة الملك سعود، وترجم كتبًا في الفلك والفضاء، ثم "زكريا" الذي عمل طبيبًا، و"موسى" الذي تخرج في كلية التجارة ثم حصل على ماجستير في السينما، أما الأختان فهما "فاطمة"، و"مريم".

في هذا الجو نشأ "يحيى حقي" متأثرًا بالأدب القديم والحديث، فقرأ لعدد كبير من أدباء العرب القدامى كالجاحظ وأبي العلاء، كما تأثر بعدد من الكتاب الغربيين مثل "فرجينيا وولف"، و"أناتول فرانس".

يحيى حقي في صعيد مصر


عمل "يحيى حقي" معاونًا للنيابة في الصعيد لمدة عامين من [1346هـ=1927م] إلى [1347هـ=1928م]، وكانت تلك الفترة على قصرها أهم سنتين في حياته على الإطلاق، وهو يفسر ذلك بقوله: "أتيح لي أن أعرف بلادي وأهلها، وأخالط الفلاحين عن قرب، وأهمية هاتين السنتين ترجع إلى اتصالي المباشر بالطبيعة المصرية والحيوان والنبات، والاتصال المباشر بالفلاحين والتعرف على طباعهم وعاداتهم".

وقد انعكس ذلك على أدبه، فكانت كتاباته تتسم بالواقعية الشديدة وتعبر عن قضايا ومشكلات مجتمع الريف في الصعيد بصدق ووضوح، وظهر ذلك في عدد من أعماله القصصية مثل: "البوسطجي"، و"قصة في سجن"، و"أبو فروة".

كما كانت إقامته في الأحياء الشعبية من الأسباب التي جعلته يقترب من الحياة الشعبية البسيطة ويصورها ببراعة وإتقان، ويتفهم الروح المصرية ويصفها وصفًا دقيقًا وصادقًا في أعماله، وقد ظهر ذلك بوضوح في قصة "قنديل أم هاشم"، و"أم العواجز".

في السلك الدبلوماسي

والتحق "يحيى حقي" بعد ذلك بالسلك الدبلوماسي، وقضى نحو خمسة عشر عامًا خارج مصر، وقد بدأ عمله الدبلوماسي في جدة، ثم انتقل إلى تركيا، ثم إلى روما، وعندما عاد إلى مصر إبان الحرب العالمية الثانية عين سكرتيرًا ثالثًا في الإدارة الاقتصادية لوزارة الخارجية، وظل بها نحو عشر سنين.
وفي تلك الفترة تزوج من السيدة "نبيلة" ابنة "عبد اللطيف بك سعودي" عضو مجلس النواب، وكان ذلك في [ذي الحجة 1362هـ=ديسمبر 1943م].

وبدخوله هذه الأسرة وجد "يحيى حقي" نفسه في غمار التاريخ، يقول: "دخلت في هذه الأسرة فإذا بي أدخل في بحر خضم لا شاطئ له من تاريخ مصر وأجيال مصر منذ حكم إسماعيل إلى الفترة التي أعيش فيها، تروى لي بأدق التفاصيل وبأدق الأسرار من حمايا المرحوم الأستاذ عبد اللطيف سعودي.. فكان لهذا الرجل فضل كبير علي في أنه بصرني بأشياء كثيرة لا يعلمها إلا هو في تاريخ مصر الحديث".

ميلاد ووفاة

تعرضت السيدة "نبيلة" لمتاعب شديدة في شهور حملها الأخيرة، وكانت قد أصيبت في صغرها بحمى روماتيزمية، فأثرت عليها في شبابها، وقد نالت منها في شهور حملها؛ وهو ما أجهدها، خاصة وقد تبين إصابتها بالتهاب عضلة القلب الذي لم يكن له علاج، حتى ظهرت تباشير علاج جديد اسمه "البنسلين"، وكان علاجًا نادرًا يصعب الحصول عليه إلا عن طريق وزارة الخارجية أو قوات الحلفاء، كما أن سعره كان مرتفعًا للغاية، ولكن استطاع يحيى حقي –من خلال عمله بوزارة الخارجية- الحصول على هذا الدواء، ولكن بعد فوات الأوان، فقد وصلت حالة الزوجة إلى مرحلة حرجة خطيرة لا تستجيب معها للعلاج، وما لبثت الزوجة أن ماتت بعد أن وضعت مولودتها "نهى" بستة أشهر.

وبالرغم من زواج "يحيى حقي" من السيدة "جان" الإنجليزية بعد وفاة زوجته الأولى بفترة طويلة فإنه ظل يذكر تلك السيدة التي عرف معها السعادة ولم تجنِ غير الألم، وكان كلما تذكرها بكى بحزن وتأثر، وكأنها لم تمت إلا في تلك اللحظة.

بين يحيى وشاكر


كان "يحيى حقي" متواضعًا أشد ما يكون التواضع، عطوفًا على أصدقائه مخلصًا في صداقته لهم، وقد ربطته صداقات وطيدة بعدد كبير من أعلام عصره، من أجيال مختلفة واتجاهات متعددة، ولكن كان الحب دائمًا هو الرباط الذي يجمع بينهم، والأدب هو الصلة التي تضمهم، ومن هؤلاء: محمود محمد شاكر، وعثمان عسل، ومحمد عصمت، وفؤاد دوارة، ومصطفى ماهر، وعطية أبو النجا، ونعيم عطية، وسامي فريد، وسمير وهبي، وأحمد تيمور وغيرهم.
وكان شاكر من أكثرهم قربًا منه فقد عرفه منذ عام [1358هـ=1939م] واستمرت صداقتهما لأكثر من (53) عامًا.

فقد كان لشاكر أكبر الأثر في الارتقاء بلغة يحيى حقي، وتحويله من رجل تتعثر يده لم يتعمق علمه بالعربية إلى ذلك الأديب المبدع الذي تشي كتاباته بأسرار العربية في تمكن واقتدار، ويكشف "يحيى حقي" بحب وتواضع عن جوانب خفية في علاقته بصديقه "شاكر" فيقول:
"من سنة 1939 إلى الآن هذه الصداقة متصلة، بل له علي فضل كبير، فهو الذي يدفع لي فاتورة التليفون، وهو الذي يدفع عني كثيرًا من الديون، وإذا تعثرت في الفلوس يعطيني لوجه الله".

ويقول عن تأثيره فيه وتأثره به:

"أثناء عملي بديوان وزارة الخارجية توثقت صلتي بالمحقق البحاثة الأستاذ محمود شاكر، وقرأت معه عددًا من أمهات كتب الأدب العربي القديم ودواوين شعره. ومنذ ذلك الحين وأنا شديد الاهتمام باللغة العربية وأسرارها، وفي اعتقادي أنها لغة عبقرية في قدرتها على الاختصار الشديد مع الإيحاء القوي".
وقد أشاد "شاكر" بموهبة حقي الأدبية وبراعته وحسه الأدبي المرهف "وتنبهه إلى جمال العبارة العربية، واكتشافه المبكر لأسرار بلاغة العرب، وقدرته الفائقة على اختزان كل ما يعرف وتمثله فيما يكتب بأسلوبه وعباراته بغير محاكاة أو تقليد، وإنما باقتدار وفن. براعة جعلته لا يقع فيما يقع فيه غيره من النقاد والأدباء، وهو ما أكسبه شخصية متميزة ومستقلة قائمة بذاتها.

ريادة فن القصة القصيرة

وبالرغم من قلة الأعمال القصصية ليحيى حقي فإنه يعد بحق هو الرائد الأول لفن القصة القصيرة، كما أثرى فن اللوحة الأدبية في مقالاته الأدبية العديدة التي لا تقل فنًا وبراعة عن القصة.

وقد صدرت الأعمال الكاملة ليحيى حقي في (28) مجلدًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وقام بإعدادها ومراجعتها الناقد "فؤاد دوارة".
وقد ترجمت بعض قصصه إلى الفرنسية، فترجم "شارل فيال" قصة "قنديل أم هاشم"، وترجم "سيد عطية أبو النجا" قصة "البوسطجي"، وقدمت تلك القصة الأخيرة في السينما وفازت بعدد كبير من الجوائز.

ومن أشهر أعمال "يحيى حقي": مجموعته القصصية "دماء وطين"، و"قنديل أم هاشم"، و"يا ليل يا عين"، و"أم العواجز"، و"خليها على الله"، و"عطر الأحباب"، و"تعالى معي إلى الكونسير"، و"كناسة الدكان".

يحيى حقي.. نبض للحياة

كان "يحيى حقي" أكثر أدباء جيله تأثيرًا على الأجيال اللاحقة من الكتاب، فقد كرَّس حياته لإرساء القيم الأدبية والفكرية والأخلاقية، وظل يرسي تلك المبادئ والقيم ويبثها في تلاميذه من خلال إبداعاته حتى آخر لحظة في حياته.
ولقد كان "يحيى حقي" ذاكرة حية لواقع الحياة المصرية، وقد سجلت كتاباته نبض الحياة المصرية، وعكست أنماط الحياة والتقاليد الاجتماعية في صعيد مصر وريفها، كما حرص على نقد الواقع الاجتماعي للأمة.
واستطاع كذلك أن يرسي أسس الدرس النقدي منذ وقت مبكر، فكان كتابه "فجر القصة المصرية" – على صغر حجمه – تأصيلاً مبكرًا للأسس الفنية للنقد الأدبي لفن القصة.

وكان للإبداع الأدبي لدى "يحيى حقي" قيمة فنية وفكرية وجمالية، فقد كانت لديه قدرة عجيبة على استشراف آفاق المستقبل الأدبي، كما كان متمكنًا من الأداة اللغوية، عارفًا بتراث أمته وتاريخها، وهو ما أضفى على أدبه سحرًا فريدًا.
فهو يجمع بين جمال الصياغة وروعة الفكرة والإحساس المرهف، مع الاهتمام بالقيم الدينية والأخلاق السامية وإعلاء المثل العليا.
وقد خرجت كتاباته في لغة قصصية متميزة في إيقاعها وتراكيبها، متوهجة بالمشاعر والأحاسيس، متدفقة بالحركة، نابضة بالحياة، ذات قدرة فائقة على الإيحاء والتجسيد، والتأثير في المتلقي.

وتأثير "يحيى حقي" واضح على القصة العربية ليس فقط في مصر وحدها، وإنما في الأدب العربي عامة، ودوره في إرساء تقاليد هذا الفن الأدبي وإنضاجه هام وكبير بالرغم من قلة أعماله، وذلك لا يعني ضيق عالمه أو محدوديته، وإنما على العكس فقد كان يحيى حقي مدرسة لكثير من الأدباء، وعالمًا رحبًا حلق فيه العديد من الأدباء ينهلون من فنه وأدبه.

وتوفي "يحيى حقي" في [سنة 1412هـ=1992م] عن عمر بلغ سبعًا وثمانين سنة، بعد رحلة معاناة مع المرض، ولكنه كان دائمًا ثابت الجنان راضيًا مستسلمًا لقضاء الله.

يوسف ادريس .. شخصيات ادبيه


يوسف إدريس علي، كاتب قصصي، مسرحي، وروائي مصري ولد سنة 1927 في البيروم التابعة لمركزفاقوس، مصر وتوفي في 1 أغسطس عام 1991 عن 64 عام. وقد حاز على بكالوريوس الطب عام 1947 وفي 1951 تخصص في الطب النفسي.
طبيب بالقصر العيني، القاهرة، 1951-1960؛ حاول ممارسة الطب النفساني سنة 1956، مفتش صحة، صحفي محرر بالجمهورية، 1960، كاتب بجريدة الأهرام، 1973 حتى عام 1982. حصل على كل من وسام الجزائر (1961) ووسام الجمهورية (1963 و 1967) ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى (1980). سافر عدة مرات إلى جل العالم العربي وزار (بين 1953 و 1980) كلاً من فرنسا، إنجلترا، أمريكا واليابان وتايلندا وسنغافورة وبلاد جنوب شرق آسيا. عضو كل من نادي القصة وجمعية الأدباء واتحاد الكتاب ونادي القلم الدولي. متزوج من السيدة رجاء الرفاعي وله ثلاثة أولاد المهندس سامح والمرحوم بهاء والسيدة نسمة.

السيرة

ولد يوسف إدريس في 18 مايو 1927 وكان والده متخصصاً في استصلاح الأراضي ولذا كان متأثراً بكثرة تنقل والده وعاش بعيداً عن المدينة وقد أرسل ابنه الكبير (يوسف) ليعيش مع جدته في القرية.

لما كانت الكيمياء والعلوم تجتذب يوسف فقد أراد أن يكون طبيباً. وفي سنوات دراسته بكلية الطب اشترك في مظاهرات كثيرة ضد المستعمرين البريطانيين ونظام الملك فاروق. وفي 1951 صار السكرتير التنفيذي للجنة الدفاع عند الطلبة، ثم سكرتيراً للجنة الطلبة. وبهذه الصفة نشر مجلات ثورية وسجن وأبعد عن الدراسة عدة أشهر. وكان أثناء دراسته للطب قد حاول كتابة قصته القصيرة الأولى، التي لاقت شهرة كبيرة بين زملائه.

منذ سنوات الدراسة الجامعية وهو يحاول نشر كتاباته. وبدأت قصصه القصيرة تظهر في المصري وروز اليوسف. وفي 1954 ظهرت مجموعته أرخص الليالي. وفي 1956 حاول ممارسة الطب النفسي ولكنه لم يلبث أن تخلى عن هذا الموضوع وواصل مهنة الطب حتى 1960 إلى أن انسحب منها وعين محرراً بجريدة الجمهورية وقام بأسفار في العالم العربي فيما بين 1956-1960. في 1957 تزوج يوسف إدريس.

في 1961 انضم إلى المناضلين الجزائريين في الجبال وحارب معارك استقلالهم ستة أشهر وأصيب بجرح وأهداه الجزائريون وساماً إعراباً عن تقديرهم لجهوده في سبيلهم وعاد إلى مصر، وقد صار صحفياً معترفاً به حيث نشر روايات قصصية، وقصصاً قصيرة، ومسرحيات.

وفي 1963 حصل على وسام الجمهورية واعترف به ككاتب من أهم كتّاب عصره. إلا أن النجاح والتقدير أو الاعتراف لم يخلّصه من انشغاله بالقضايا السياسية، وظل مثابراً على التعبير عن رأيه بصراحة، ونشر في 1969 المخططين منتقداً فيها نظام عبد الناصر ومنعت المسرحية، وإن ظلت قصصه القصيرة ومسرحياته غير السياسية تنشر في القاهرة وفي بيروت. وفي 1972، اختفى من الساحة العامة، على أثر تعليقات له علنية ضد الوضع السياسي في عصر السادات ولم يعد للظهور إلا بعد حرب أكتوبر 1973 عندما أصبح من كبار كتّاب جريدة الأهرام.

مؤلفاته
قصص

* أرخص ليالي
* جمهورية فرحات
* البطل
* حادثة شرف
* أليس كذلك؟، القاهرة، مركز كتب الشرق الأوسط، 1958. وصدرت بعدها تحت عنوان: قاع المدينة، عن الدار نفسها.
* آخر الدنيا
* العسكري الأسود
* قاع المدينة، القاهرة
* لغة الآي آي
* النداهة،
* بيت من لحم
* المؤلفات الكاملة
* ليلة صيف، بيروت، الكتاب بمجمله مأخوذ من مجموعة: أليس كذلك؟
* أنا سلطان قانون الوجود،
* أقتلها
* العتب على النظر

روايات

* الحرام
* العيب
* رجال وثيران
* البيضاء
* السيدة فيينا
* نيويورك 80
* (نظرة) حارة في القاهرة

مسرحيات

1- ملك القطن (و) جمهورية فرحات، القاهرة، المؤسسة القومية. 1957 مسرحيتان.

2- اللحظة الحرجة

3- الفرافير
4- المهزلة الأرضية

5- المخططين

6- الجنس الثالث

7- نحو مسرح عربي، ويضم الكتاب النصوص الكاملة لمسرحياته: جمهورية فرحات، ملك القطن، اللحظة الحرجة، الفرافير، المهزلة الأرضية، المخططين والجنس الثالث.

8- البهلوان
9- أصابعنا التي تحترق

مقالات

1- بصراحة غير مطلقة، القاهرة، سلسلة "كتاب الهلال"، 1968.

2- مفكرة يوسف إدريس، القاهرة، مكتبة غريب، 1971.

3- اكتشاف قارة، القاهرة، سلسلة "كتاب الهلال"، 1972.

4- الإرادة، القاهرة، مكتبة غريب، 1977.

5- عن عمد اسمع تسمع، القاهرة، مكتبة غريب، 1980.

6- شاهد عصره، القاهرة، مكتبة مصر، 1982.

7- "جبرتي" الستينات، القاهرة، مكتبة مصر، 1983، وهو متضمن حوار بينه وبين الأستاذ محمد حسنين هيكل.

8- البحث عن السادات، طرابلس (ليبيا)، المنشأة العامة. 1984.

9- أهمية أن نتثقف.. يا ناس، القاهرة، دار المستقبل العربي، 1985.

10- فقر الفكر وفكر الفقر، القاهرة، دار المستقبل العربي، 1985.

11- خلو البال، القاهرة، دار المعارف، 1986.

12- انطباعيات مستفزة، القاهرة، مركز الأهرام للترجمة والنشر، 1986.

13- الأب الغائب، القاهرة، مكتبة مصر، 1987.

14- عزف منفرد، القاهرة، دار الشروق، 1987.

15- الإسلام بلا ضفاف، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1989.

16- مدينة الملائكة، القاهرة، الهيئة المصرية…، 1989.

17- الإيدز العربي، القاهرة، دار المستقبل العربي، 1989.

18- على فوهة بركان، محمود فوزي، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 1991. حوار.

19- ذكريات يوسف إدريس، القاهرة، المركز المصري العربي للنشر والصحافة والتوزيع، 1991.


لمحة عنه


ولد "يوسف إدريس" لأسرة متوسطة الحال بإحدى قرى محافظة الشرقية عام 1927، التحق بالمدارس الحكومية حتى المرحلة الثانوية، ليكمل بعدها مشواره التعليمي بكلية الطب جامعة القاهرة ثم ليتخرج فيها عام 1951.

على هذا فقد عايش في مرحلة الشباب فترة حيوية من تاريخ مصر من جوانبه الثقافية والسياسية والاجتماعية، حيث الانتقال من الملكية بكل ما فيها من متناقضات، إلى الثورة بكل ما حملته من آمال، ثم النكسة وما خلفته من هزائم نفسية وآلام، ثم النصر في 73 بكل ما كان ينطوي عليه من استرداد لعزة وكرامة الشخصية المصرية، ثم الانفتاح وما تبع ذلك من آثار على المجتمع المصري من تخبط وتغير في بنيته الثقافية والنفسية والاجتماعية.. إنه رجل عاش كل هذه التقلبات، ليس كما يعيشها الإنسان العادي، بل كما يعيشها الفنان المبدع الذي تؤثر فيه تفاصيل الأحداث، ويعمل على أن يرصدها ليتمكن من تأثيره عليها، فجاء أدبه معبرا عن كل مرحلة من هذه المراحل، وناطقا برأيه عما يتغير ويحدث حولنا في هذا البلد وما يحدث في أبنائها، ولاسيما أنه كان في مطلع شبابه متأثرا بالفكر الماركسي بكل ما يحمله من هموم اجتماعية.

كان كاتبنا غزير الثقافة واسع الاطلاع بالشكل الذي يصعب معه عند تحديد مصادر ثقافته أن تقول إنه تأثر بأحد الروافد الثقافية بشكل أكبر من الآخر.. حيث اطلع على الأدب العالمي وخاصة الروسي وقرأ لبعض الكتاب الفرنسيين والإنجليز، كما كان له قراءاته في الأدب الآسيوي وقرأ لبعض الكتاب الصينيين والكوريين واليابانيين، وإن كان مما سجله النقاد عليه أنه لم يحفل كثيرا بالتراث الأدبي العربي وإن كان قد اطلع على بعض منه.

هذا من ناحية أدبية وفنية وثقافية عامة ساهمت في تشكيل وعيه العقلي والأدبي، ولعل ممارسته لمهنة الطب وما تنطوي عليه هذه الممارسة من اطلاع على أحوال المرضى في أشد لحظات ضعفهم الإنساني، ومعايشته لأجواء هذه المهنة الإنسانية ما أثر في وعيه الإنساني والوجداني بشكل كبير، مما جعل منه إنسانا شديد الحساسية شديد القرب من الناس شديد القدرة على التعبير عنهم، حتى لتكاد تقول إنه يكتب من داخلهم وليس من داخل نفسه.

بدأ نشر قصصه القصيرة منذ عام 1950، ولكنه أصدر مجموعته القصصية الأولى "أرخص ليالي" عام1954، لتتجلى موهبته في مجموعته القصصية الثانية "العسكري الأسود" عام1955، الأمر الذي دعا عميد الأدب العربي "طه حسين" لأن يقول: "أجد فيه من المتعة والقوة ودقة الحس ورقة الذوق وصدق الملاحظة وبراعة الأداء مثل ما وجدت في كتابه الأول (أرخص ليالي) على تعمق للحياة وفقه لدقائقها وتسجيل صارم لما يحدث فيها.."

وهي ذات المجموعة التي وصفها أحد النقاد حينها بقوله: "إنها تجمع بين سمات ديستوفسكي وسمات كافكا معا". لم يتوقف إبداع الرجل عند حدود القصة القصيرة والتي صار علما عليها، حتى إنها تكاد تعرف به وترتبط باسمه، لتمتد ثورته الإبداعية لعالمي الرواية والمسرح.

القصة بين الواقعية والعامية

تميزت القصة عند "يوسف إدريس" بالواقعية، حيث أخذ يصور الحياة اليومية ولاسيما للمهمشين من طبقات المجتمع، كما أنه جنح إلى استخدام العامية في قصصه، وإلى استخدام لغة سهلة بسيطة، وكان يرى أن الفصحى لا يمكن أن تعبر عن توجهات الشعب وطموحاته، كما أن الحوار يعد ركنا هاما من أركان القصة عنده، ويمثل جزءا من التطور الدرامي للشخصيات، والتي غالبا ما كانت من البسطاء الذين يصارعون من أجل الصمود أمام مشاق الحياة، ولعل في الظروف التي كان يعيشها الشعب المصري حينها، وضغط الفقر والحرمان من أبسط حقوقه الإنسانية ما يفسر اتجاه كاتبنا نحو هذا النوع من الأبطال في قصصه ومن الأسلوب الذي اتخذه للتعبير عنهم من خلال الحوار والذي جاء لتقريب ما يدور داخل شخصياته من تصعيد نفسي وتصعيد للأحداث.

عمد "يوسف" إلى التكثيف والتركيز في قصصه القصيرة حتى كان يقول عن تعمده هذا المنحى: "إن الهدف الذي أسعى إليه هو أن أكثف في خمس وأربعين كلمة.. أي في جملة واحدة تقريبا- الكمية القصوى الممكنة من الإحساس، باستخدام أقل عدد ممكن من الكلمات". وعليه فقد كان "يوسف إدريس" يعتبر الإيجاز في القصة القصيرة من أهم الخصائص الأسلوبية التي على الكاتب أن يناضل من أجل تحقيقها، وفي ذلك يقول: "فالقصة القصيرة أكثر الأشكال الأدبية إيجازا فعبارة "أهلا حمادة" تشبه القنبلة الذرية في صغرها وفعاليتها ومع ذلك فهذه القنبلة يمكن تصنيعها-فقط-على أيدي أناس ذوي موهبة"

أنيس منصور .. شخصيات ادبيه



أنيس محمد منصور، كاتب صحفي, فيلسوف وأديب نابغ مصري مخضرم، ولد في 18 أغسطس 1924
نشأته

ولد أنيس منصور ونشأ بمدينة شربين بمحافظة الدقهلية، وتأثر بالريف المصري جدا، وأعجب بحياة الغجر الذين كانوا أحيانا يزورون قريته، ومنذ صغره كان أنيس منصور متفوقا في كل ما تعلم، وعن أبيه تعلم ألا يقرأ إلا ما يمتعه، فقرأ وقرأ وقرأ، حتى أنهى مكتبات عديدة، وكون ثقافة واسعة وسافر وأبحر بسفن الخيال إلى بحور المعرفة الواسعة ليعود من تلك الرحلات بخبرات ومواقف وآراء ما زال حتى اليوم يعبر عنها.
دراسته

حفظ أنيس منصور القرآن الكريم في سن صغيرة في كُتّاب القرية وكان له في ذلك الكُتّاب حكايات عديدة حكى عن بعضها في كتابه عاشوا في حياتي، وفي دراسته الثانوية كان الأول على كل طلبة مصر حينها، وهذا تتمة تفوقه في السنين السابقة، التي أتشهر فيها بالنباهة والتفوق حتى أنه إذا جاءت حصص اللياقة البدنية كان المدرسون يقولون له - كما ذكر هو في كتابه عاشوا في حياتي - : "بلاش كلام فارغ، انتبه لدروسك ومذاكرتك، الأولاد دول بايظين"، لأنهم كانوا يرون فيه مستقبل باهر وشخصية فريدة.

التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة برغبته الشخصية، دخل قسم الفلسفة الذي تفوق فيه، وحصل على ليسانس آداب عام 1947، وعمل مدرساً في القسم ذاته، لكن في جامعة عين شمس لفترة، ثم تفرغ للكتابة والعمل الصحفي في مؤسسة أخبار اليوم والإبداع الأدبي في شتى صوره. وقد ذكر محمود بن جامع في كتاب وعرفت الإخوان أن أنيساً انضم إليهم.
تأثره بأساتذته

أحس أنيس منصور بأنه منعزل تماما عن الدنيا في فترة حياته الجامعيه، وظل كذلك لفترة لاهم له إلا شراء الكتب ودراسة الفلسفة بنهم شديد حتى حدث له تغيير كبير وهو ذهابه إلى صالون العقاد وانفتاحه على دنيا لم يعرف لها وجودا من قبل، وسجل كل ذلك في كتاب "في صالون العقاد كانت لنا أيام"، وسجل فيه مشاكل جيله وعذاباته وقلقه وخوفه وآرائه في مواجهة جيل العمالقه من أمثال طه حسين، العقاد، توفيق الحكيم، سلامة موسى، وغيرهم الكثير من أعلام الفكر والثقافة في مصر في ذلك الوقت.

ولو أنه يكفي لتكون نابغة أن تكون تلميذا لهؤلاء وتعاصرهم إلا أن أنيس منصور عرف غيرهم كثيرون كـ الرافعي، وغيرهم من الأساتذة بالعربية والأجنبية.


ثقافته

يجيد أنيس منصور عدة لغات منها: العربية والإنجليزية والألمانية والإيطالية. اطلع أنيس منصور على كتب عديدة في هذه اللغات وترجم بعضا من الكتب والمسرحيات نذكر منها:

* رومولوس العظيم.
* زواج السيد مسيسبى.
* هي وعشيقها.
* أمير الأرض البور.
* مشعلوا النيران.
* من أجل سواد عينيها.
* فوق الكهف.
* تعب كلها الحياة.
* الخالدون مائة.. أعظمهم محمد

سافر أنيس منصور ودار الدنيا في كل اتجاه، فكتب الكثير في أدب الرحلات، وربما كان الأول في أدب الرحلات، وألف كتبا عديدة نذكر منها:

* حول العالم في 200 يوم.
* بلاد الله لخلق الله – غريب في بلاد غريبة.
* اليمن ذلك المجهول.
* أنت في اليابان وبلاد أخرى.
* أطيب تحياتى من موسكو.
* أعجب الرحلات في التاريخ.

وكتابه حول العالم في 200 يوم هو الأكثر انتشارا باللغة العربية.

وفي فترة من الفترات كانت كتابات أنيس منصور في ماوراء الطبيعة هي الكتابات المنتشرة بين القراء والمثقفين، ومن أشهر كتبه في هذا المجال الذين هبطوا من السماء، الذين عادوا إلى السماء، لعنة الفراعنة.


مما عمل به

* رئيس تحرير العديد من المجلات منها: الجيل، هي، آخر ساعة، أكتوبر، العروة الوثقى، مايو، كاريكاتير، الكاتب.
* عمل مدرسا للفلسفة الحديثة بكلية الآداب، جامعة عين شمس من عام 1954 حتى عام 1963، وعاد للتدريس مرة أخرى عام 1975.
* الآن يكتب في جريدة الأهرام المقال اليومي الأكثر قراءة: مواقف، ويكتب آيضا في جريدة الشرق الأوسط مقال يومي معنون.

أسس مجله أكتوبرفى 31 أكتوبر 1976م وهى مجله عربيه سياسية اجتماعيه شامله.


وظائفه

كانت بداية أنيس منصور في عالم الصحافه في مؤسسة أخبار اليوم إحدى أكبر المؤسسات الصحفية المصرية حينما انتقل إليها مع كامل الشناوى، ثم مالبث أن تركها وتوجه إلى مؤسسة الأهرام في مايو عام 1950 حتى عام 1952، ثم سافر أنيس منصور وكامل الشناوى إلى أوروبا، وفي ذلك الوقت قامت ثورة 23 يوليو 1952، وقام أنيس منصور بإرسال أول مواضيعه إلى أخبار اليوم وهو نفسه كان يقول: "كانت بدايتى في العمل الصحفى في أخبار اليوم، وهذا بالضبط ما لاأحب ولاأريد، فأنا أريد أن أكتب أدبا وفلسفة، فأنا لاأحب العمل الصحفى البحت، فأنا أديب كنت وسأظل أعمل في الصحافه".

ظل يعمل في أخبار اليوم حتى تركها في عام 1976 ليكون رئيسا لمجلس إدارة دار المعارف، وثم أصدر مجلة الكواكب. عاصر فترة جمال عبد الناصر وكان صديقا مقربا لـمحمد أنور السادات، وكلاهما من رؤساء مصر في القرن العشرين.


عادات خاصة جدا

عرف أنيس منصور بأن له عادات خاصة، فهو يقوم ليكتب في الرابعة صباحاً ولايكتب نهارا، ومن عاداته أيضا أن يكون حافى القدمين ومرتدي البيجاما وهو يكتب. أيضا مما يعرف عنه انه لا ينام الا ساعات قليله جدا ويعاني من الارق. يخشي الاصابه بالبرد دائما

مؤلفاته

* دعوة للابتسام
* الكبار يضحكون أيضا
* الذين هبطوا من السماء
* الذين عادوا إلى السماء
* زى الفل
* في صالون العقاد كانت لنا أيام
* من أول السطر
* يانور النبي
* إنها كرة الندم
* نحن أولاد الغجر
* الوجودية
* يسقط الحائط الرابع
* كرسي على الشمال
* قالوا
* ياصبر أيوب
* يوم بيوم
* كل شيء نسبي
* أرواح وأشباح
* حول العالم في 200 يوم
* أعجب الرحلات في التاريخ
* هناك فرق
* اللهم إني سائح
* الحب والفلوس والموت وأنا
* كائنات فوق
* شارع التنهدات
* الرئيس قال لي وقلت أيضا
* شبابنا الحيران
* على رقاب العباد (يحكي اغرب حالات الوفاة في التاريخ)
* ولكني أتامل (مقالات)
* لعنة الفراعنة
* دعوة للإبتسام
* هناك أمل
* آه لو رأيت
* تولد النجوم وتموت
* اقرأ أي شىء
* مصباح لكل إنسان
* أحب وأكره
* لعل الموت ينسانا
* ثم ضاع الطريق
* لعلك تضحك (يحكى قصص خاصه بالإستاذ وعامه مدعاة للفكاهه)
* قالو (مقالات في ثلاثة أجزاء)
* عبدالناصر المفترى عليه والمفترى علينا
* إلا فاطمة
* القلب يدق أبدا
* من نفسي
* ساعات بلا عقارب
* أوراق على شجر
* شباب شباب
* مذكرات شاب غاضب
* مذكرات شابة غاضبة
* قل لي يا أستاذ
* كتاب عن كتب
* وجع في قلب إسرائيل
* وداعا أيها الملل
* في تلك هؤلاء العظماء ولدوا معا
* عزيزى فلان
* الخالدون مائة أعظمهم محمد (مترجم)
* معنى الكلام
كما أنه له العديد من الاعمال الدرامية التي تحولت إلى مسلسلات تليفزيونية منها:
* من الذى لايحب فاطمة
* حقنة بنج
* إتنين.. إتنين
* عريس فاطمة
* غاضبون وغاضبات
* هي وغيرها
* هي وعشاقها
* العبقري
* القلب ابدا يدق
* يعود الماضى يعود

وبجانب تأليفه باللغة العربيّة ترجم أنيس منصور العديد من الكتب والأعمال الأدبية إلى العربيّة. فقد ترجم أكثر من 9 مسرحيات بلغات مختلفة وحوالى 5 روايات مترجمة، وتقريبا 12 كتاب لفلاسفة أوروبيين. كما ألف أكثر من 13 مسرحية باللغة العربية.

بعض من الجوائز التي حصل عليها

* الدكتوراه الفخرية من جامعة المنصورة.
* جائزة الفارس الذهبى من التليفزيون المصري أربع سنوات متتالية.
* جائزة كاتب الأدب العلمي الأول من أكاديمية البحث العلمى.
* فاز بلقب الشخصية الفكرية العربية الأولى من مؤسسة السوق العربية في لندن.
* حصل على لقب كاتب المقال اليومى الأول في أربعين عاما ماضية.
* جائزة الدولة التشجيعية في الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1963.
* جائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1981.
* جائزة الإبداع الفكرى لدول العالم الثالث، عام 1981.
* جائزة مبارك في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة، عام 2001.
* وله الآن تمثال في مدينة المنصورة.

يوسف السباعي ..شخصيات ادبيه





أحد الكتاب المصريين المشهورين وفارس الرومانسية تألق إنتاجه الأدبي في العديد من الدول، عرف السباعي ككاتب وضابط ووزير فكان على حق رجلاً نادراً فعلى الرغم من انضمامه إلى كلية حربية صقلت شخصيته بالصارمة في عمله العسكري، إلا أنه كان يمتلك قلباً رقيقاً تمكن من أن يصيغ به أروع القصص الاجتماعية، والرومانسية وينسج خيوط شخصياتها لتصبح في النهاية رواية عظيمة تقدم للجمهور سواء كان قارئاً أو مشاهداً للأعمال السينمائية، وبالإضافة لهذا كله كان دبلوماسياً ووزيراً متميزاً.

لقب بفارس الرومانسية نظراً لأعماله الأدبية العديدة التي نكتشف من خلالها عشقه للحب والرومانسية فجسد من خلال أعماله العديد من الشخصيات والأحداث مما جعل الجمهور يتفاعل معها ويتعاطف لها، ونظراً للتميز العالي لأعماله فقد تم تقديم العديد منها في شكل أعمال سينمائية حظيت بإقبال جماهيري عالي وشارك في تمثيلها وإخراجها العديد من النجوم المتميزين.

وما تزال روايات السباعي تحتل مكانة متميزة بين الكتب الأدبية في العديد من المكتبات والتي يتهافت الناس على اقتنائها على الرغم من مرور أجيال مختلفة التفكير والثقافة عليها لكن روايات السباعي استطاعت أن تتفوق وتخترق لتصل لمختلف الثقافات ومختلف الأعمار.

النشأة

اسمه يوسف محمد محمد عبد الوهاب السباعي، ولد في العاشر من يونيو عام 1917م بأحد الأحياء القديمة بالقاهرة، وعرف منذ صغره بولعه الشديد بالأدب وكتابة الروايات والقصص وتبلور هذا الحب للأدب في شكل قصة قصيرة قام بنشرها في مجلة " مجلتي" وهو ما يزال طالباً في المرحلة الثانوية، وبالإضافة للميول الأدبية التي ظهرت في شخصية السباعي فقد كان له نشاط رياضي أيضاً حيث قام برئاسة فريق الهوكي بمدرسته.

بعد أن أجتاز السباعي المرحلة الثانوية وعلى الرغم من عشقه للأدب إلا أنه أختار دراسة بعيدة كل البعد عن ميوله الأدبية حيث التحق بالكلية الحربية وتخرج منها في عام 1937م وبعد التخرج تدرج السباعي في العديد من الوظائف والمناصب، ولم تبعده هذه المناصب والأعمال التي كلف بها عن عشقه الأول للأدب حيث سار الاثنان جنباً إلى جنب في حياة السباعي.

المناصب التي تولاها


تولى السباعي العديد من المناصب والتي تدرج بها حتى وصل لأعلاها ونذكر من هذه المناصب: عمل كمدرس في الكلية الحربية، وفي عام 1952م عمل كمديراً للمتحف الحربي، وتدرج في المناصب حتى وصل لرتبة عميد، وبعد تقاعده من الخدمة العسكرية تقلد عدد من المناصب منها:

سكرتير عام المحكمة العليا للفنون والسكرتير العام لمؤتمر الوحدة الأفروأسيوية وذلك في عام 1959م، ثم عمل كرئيس تحرير مجلة "أخر ساعة" في عام 1965م، وعضوا في نادي القصة، ورئيساً لتحرير مجلة "الرسالة الجديدة"، وفي عام 1966م انتخب سكرتيراً عاماً لمؤتمر شعوب أسيا وأفريقيا اللاتينية، وعين عضواً متفرغاً بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بدرجة وزير، ورئيساً لمجلس إدارة دار الهلال في عام 1971م، ثم اختير للعمل كوزير للثقافة في مارس 1973م في عهد الرئيس السادات، وأصبح عضواً في مجلس إدارة مؤسسة الأهرام عام 1976م، وفي عام 1977 تم انتخاب السباعي نقيب الصحافيين المصريين.

أعماله

صدر للسباعي العديد من الأعمال الرائعة والتي زخرت بها المكتبات الأدبية، كما زخرت المكتبات السينمائية بقصصه المميزة التي ترجمت إلى أعمال فنية متميزة شارك فيها أشهر النجوم وألمعهم.

من الروايات نذكر نائب عزرائيل، أرض النفاق، إني راحلة، فديتك يا ليل، البحث عن جسد، بين الأطلال، رد قلبي، طريق العودة، نادية، جفت الدموع، ليل له أخر، نحن لا نزرع الشوك، لست وحدك، ابتسامة على شفتيه، العمر لحظة، أطياف، أثنتا عشرة امرأة، خبايا الصدور، أثنتا عشر رجلاً، في موكب الهوى، من العالم المجهول، مبكى العشاق، شارع الحب، اذكريني، ومن المسرحيات قدم أقوى من الزمن، أم رتيبة، ومن القصص نذكر بين أبو الريش وجنينة ناميش، يا أمة ضحكت، الشيخ زعرب وآخرون.

دوره كأديب متميز

صدر تحت إشراف السباعي العديد من المجلات مثل الأدباء العرب، الرسالة الجديدة، القصة، ولم يقتصر إبداع يوسف السباعي على مجال معين بل تنوعت كتاباته ما بين الأعمال الرومانسية، الواقعية، الكوميديا، والفانتازيا.

ونظراً للقيمة الأدبية التي كان يمثلها السباعي فقد تم تناول سيرته الذاتية في العديد من الكتب والأعمال وقد تم تقديم قصة حياته في مسلسل تلفزيوني تم تقديمه بعنوان "فارس الرومانسية" هذا المسلسل الذي شارك فيه العديد من النجوم وكان من تأليف الدكتورة أميرة أبو الفتوح

التكريم

حصل السباعي على عدد من التكريمات والجوائز منها : جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وسام الاستحقاق الإيطالي من طبقة فارس، وفي عام 1970 حصل على جائزة لينين للسلام، ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولي من جمهورية مصر العربية، وفي عام 1976م فاز بجائزة وزارة الثقافة والإرشاد القومي عن أحسن قصة لفيلمي " رد قلبي" و"جميلة الجزائرية"، وأحسن حوار لفيلم رد قلبي وأحسن سيناريو لفيلم "الليلة الأخيرة" .

الاغتيال

مما قاله السباعي " بيني وبين الموت خطوة سأخطوها إليه أو سيخطوها إلي.. فما أظن جسدي الواهن بقادر على أن يخطو إليه ..أيها الموت العزيز اقترب.. فقد طالت إليك لهفتي وطال إليك اشتياقي"

ويبدو أن ما كان يرجوه السباعي من هذه المقولة السابقة قد تحقق، فلم يكتفي الموت بالاقتراب منه بل لقد انتزعه بعنف من هذه الدنيا، في حادث اغتيال غادر، فقد جاءت وفاة يوسف السباعي في 18 فبراير من عام 1978 صدمة للكثيرين، حيث تم اغتياله على أيدي رجلين فلسطينيين بالعاصمة القبرصية نيقوسيا أثناء ذهابه على رأس وفد مصري لحضور مؤتمر منظمة التضامن الأفرو أسيوي، حيث أطلق عليه الرصاص فأردي قتيلاً.

نجيب محفوظ .. شخصيات ادبيه







محفوظ .. جائزة نوبل فى الادب .. بطل الرواية الشعبية

نجيب محفوظ أديب مصري وعربي وعالمي أثرى المكتبات بالعديد من الروايات الأدبية المميزة والتي كان معظمها مادة خصبة للأعمال السينمائية التي قامت بإثراء السينما المصرية أيضاً وقام بالتمثيل فيها نجوم كبار على الساحة الفنية، حاول محفوظ من خلال رواياته الأدبية النزول إلى الشارع المصري وبالتحديد إلي الحارة المصرية ومحاولة عرض أحوالها بشكل أدبي من خلال رواياته المختلفة، فتعرض من خلال أعماله الأدبية إلي التاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي لمصر خلال القرن الماضي، وحاول معالجته بشكل درامي يشد القارئ.

حصل محفوظ على عدد من الجوائز على مدار حياته الأدبية والتي يعد من أهمها جائزة نوبل نتيجة لإبداعه الأدبي وذلك في عام 1988م.

النشأة


اسمه بالكامل نجيب محفوظ عبد العزيز أحمد إبراهيم باشا، ولد في 11 ديسمبر عام 1911م، في منزل يقع بميدان بيت القاضي بحي الجمالية وهو أحد الأحياء الشعبية القديمة بالقاهرة، وهو الحي الذي أمضى فيه فترة طفولته، ثم قام بالانتقال إلي بعض المناطق الأخرى مثل العباسية والحسين والغورية، وهي المناطق التي أثرت في إنتاجه الأدبي بعد ذلك حيث أثرت فيه الحارة المصرية والتراث المصري القديم، وغير ذلك من الشخصيات التي كانت تقطن هذه المناطق.

التحق محفوظ بكلية الآداب جامعة القاهرة والتي كانت تعرف حينها "بجامعة فؤاد الأول" وحصل منها على ليسانس الآداب قسم الفلسفة عام 1934م، وسعى لتحضير رسالة الماجستير ولكن سيطر عليه ميله الشديد للأدب خاصة بعد إطلاعه على الأدب الخاص بالعقاد وطه حسين.

المجال العملي



شغل نجيب محفوظ على مدار حياته عدد من المناصب نذكر منها: بعد تخرجه مباشرة عمل كاتباً في إدارة الجامعة عام 1934م، ثم سكرتيراً برلمانياً لوزير الأوقاف عام 1939، ثم مديراً عاماً لمكتب بمصلحة الفنون العامة 1955م، ثم مديراً عاماً للرقابة على المصنفات الفنية عام 1959م، وتولى رئاسة مجلس إدارة مؤسسة السينما عام 1966م، عمل مستشاراً لوزير الثقافة لشئون السينما عام 1968م، عضو بالمجلس الأعلى للثقافة وبنادي القصة وجمعية الأدباء.

وخلال عمله في هذه الوظائف لم ينقطع تواصله مع الأدب أبداً بل إنه في خلال هذه السنوات أثرى المكتبات المصرية والعالمية بإنتاج أدبي غزير وبكم ضخم من الروايات.

البداية الأدبية

عرف عن نجيب محفوظ منذ الصغر ولعه الشديد بالقراءة والأدب والإطلاع على العديد من الروايات الأدبية والثقافية، وبدأت كتابته للقصة القصيرة في عام 1936م، وكانت أولى أعماله الأدبية "مصر القديمة" ترجمه عام 1932م، ومجموعة قصصية بعنوان " همس الجنون" في عام 1938م، ثم الرواية التاريخية " عبث الأقدار" في عام 1938م، ثم توالى بعد ذلك نتاجه الأدبي الغزير.

أعماله الأدبية

قدم محفوظ على مدار حياته الأدبية العديد من الأعمال المميزة فكان إنتاجه الأدبي الغزير هذا بما يتضمنه من قصص وحكايات من واقع البيئة والحارة المصرية مادة جذابة للمخرجين والممثلين الذين تهافتوا لتقديم عدد ضخم من أعماله في شكل أفلام سينمائية والتي لاقت أيضاً إعجاب قطاع عريض من الجمهور، وحققت نجاح عظيم مثل رواياته.

نذكر هنا عدد من روايات محفوظ على سبيل المثال وليس الحصر نظراً لعددها الكبير: كفاح طيبة، القاهرة الجديدة، خان الخليلي، زقاق المدق، بداية ونهاية، الثلاثية الشهيرة " بين القصرين، قصر الشوق، السكرية" ، أولاد حارتنا "هذه الرواية التي أثارت الكثير من الجدل"، اللص والكلاب، السمان والخريف، خمارة القط الأسود، الكرنك، حكايات حارتنا، الحرافيش، قشتمر. وغيرها العديد من الروايات التي قدمها لنا محفوظ، ومن القصص القصيرة المجموعة القصصية التي قام بكتابتها تحت عنوان " أحلام فترة النقاهة "

بالإضافة لعدد من المجموعات القصصية والمقالات التي تم نشرها له على مدار حياته الأدبية التي وصلت إلى سبعين عام.

الجوائز



تعد من أهم الجوائز التي حصل عليها نجيب محفوظ هي جائزة نوبل للآداب في نوفمبر 1988م، والتي قام بتسلمها من ملك السويد، حيث يعد أول كاتب مصري وعربي يحصل على هذه الجائزة في الأدب.

كما حصل على العديد من الجوائز والأوسمة الأخرى منها جائزة قوت القلوب الدمرداشية عن رواية "رادوبيس" عام 1943، جائزة وزارة المعارف عن رواية " كفاح طيبة " عام 1944, جائزة مجمع اللغة العربية عن رواية " خان الخليلي" عام 1946م، جائزة الدولة في الأدب عن رواية " بين القصرين" عام 1957م، وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1962م، جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1968م، وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1972م، قلادة النيل العظمي عام 1988م والتي تعد أرفع الأوسمة المصرية.

كما تم تقديم العديد من الرسائل الجامعية لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه في مصر وعدد من الدول العربية عن حياته وأعماله الأدبية المختلفة.

تناول حياته وأعماله العديد من المفكرين والأدباء من خلال كتبهم وسجلت أعماله في مكتبة الكونجرس بالولايات المتحدة الأمريكية باعتباره أحد الكتاب البارزين المتميزين على مستوى العالم، كما صدرت موسوعة باللغة الألمانية تضم أيضاً حياته وأعماله الأدبية مع عمل تحليل لها وصدرت هذه الموسوعة تحت عنوان " نجيب محفوظ حياته وأدبه" عام 1978م.

الوفاة

توفى في 30 أغسطس عام 2006م عن عمر يناهز 94 عاماً، أثر قرحة نازفة بعد أن أصيب بهبوط حاد في ضغط الدم، وفشل كلوي، وكان محفوظ قد دخل إلى المستشفى قبل وفاته بفترة، وتم تشييع جثمانه في جنازة مهيبة شارك فيها الرئيس المصري محمد حسني مبارك وعدد كبير من السياسيين والفنانين ورجال الفكر والأدب.

تزوج نجيب محفوظ من السيدة "عطية الله" وأنجب منها بنتين هما أم كلثوم وفاطمة.

توفيق الحكيم .. شخصيات ادبيه




حسين توفيق إسماعيل أحمد الحكيم المعروف باسم توفيق الحكيم، أديب متميز تنوعت مؤلفاته ما بين الرواية، والمسرحية فكان أحد الرواد الذين ساهموا بشكل أساسي في الحركة الأدبية والفكرية في عصره، وقد أبدع الحكيم في اتجاه جديد من فن الكتابة المسرحية والذي عرف بالمسرح الذهني، فقدم العديد من المسرحيات التي سارت في هذا الاتجاه، وهو مؤلف مبدع قام بإبداع شخصياته وأحداثه الروائية من خلال الواقع المحيط به، والتراث المصري والذي كان المصدر الأول في إلهامه.



النشأة

ولد الحكيم في التاسع من أكتوبر عام 1898م بحي محرم بيك بالإسكندرية بجمهورية مصر العربية، ينحدر والده من قرية الدلنجات إحدى أعمال إيتاي البارود بمديرية البحيرة، وكان والده من رجال القضاء والذي ورث عن والدته ضيعة كبيرة، فكان من أثرياء الفلاحين، أما والدته فهي تركية الأصول، عرفت بكبريائها وطباعها الصارمة.

تلقى توفيق علومه الأولية في مدرسة محمد علي، ثم انتقل إلى مدرسة المحمدية بالقاهرة، ومنها إلى مدرسة دمنهور الابتدائية عام 1914، ثم التحق بمدرسة رأس التين ثم العباسية الثانوية بالإسكندرية وحصل على البكالوريا عام 1919، ثم قام بالالتحاق بمدرسة الحقوق وحصل على الليسانس في عام 1924 وهو في السادسة والعشرين من عمره، انتقل الحكيم بعد ذلك إلى باريس لإكمال دراسته في القانون.



الحياة العملية للحكيم

عاد الحكيم إلى مصر مرة أخرى بعد فترة دراسته في باريس عام 1928م، وقد شغل على مدار حياته العديد من المهام والمناصب وكانت البداية من خلال عمله بالنيابة المختلطة بالإسكندرية حتى عام 1929م، ثم انتقل بعد هذا إلى القضاء الأهلي لمدة خمس سنوات متنقلاً بين كل من طنطا ودمنهور، ودسوق وفارسكور وإيتاي البارود وكوم حمادة.

ترك الحكيم بعد ذلك النيابة العامة وعمل مديراً لإدارة التحقيقات بوزارة المعارف ثم مديراً للإرشاد الاجتماعي بوزارة الشئون الاجتماعية.

اتجه بعد ذلك للعمل الصحفي عام 1939م وذلك بعد استقالته من وزارة المعارف، فقام بالكتابة في العديد من المجلات والصحف.

كما عمل مديراً عاماً لدار الكتب عام 1951م، ثم عضواً متفرغاً بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وعمل مندوباً للجمهورية العربية في " اليونسكو" عام 1959، عاد بعد ذلك إلى مصر عام 1960م.

عين مقرراً للجنة جوائز الدولة في المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1962م، وفي عام 1976م انتخب رئيسا لاتحاد الكتاب الذي أصبح فيما بعد رئيسه الفخري.

تم اختياره رئيساً لنادي القصة وعضواً في المجلس الأعلى للثقافة، كما ترأس مجلس الشورى في جلسته الافتتاحية عام 1981م وفي دورته الثانية عام 1983، وفي عام 1961م أصدر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قراراً بتعيينه عضواً في مجلس إدارة الأزهر الشريف، وعين رئيس شرف للأهرام عام 1981م.



العالم الأدبي للحكيم

عرف الحكيم بحبه للأدب والذي قدم فيه الكثير ففي أثناء فترة دراسته بالجامعة، ألف العديد من المسرحيات والتي قامت فرقة عكاشة بتقديمها على مسرح الأزبكية من هذه المسرحيات العريس، المرأة الجديدة، خاتم سليمان، على بابا، وفي أثناء فترة دراسته بفرنسا شغف الحكيم بالأدب المسرحي، فاطلع على الفنون المسرحية وقام بدراسة المسرح اليوناني والذي وجد أن الثقافة المسرحية الأوربية مستمدة منه، واطلع على الملاحم والأساطير اليونانية، كما عمل على التردد على المسارح الفرنسية ودار الأوبرا وخلال فترة أقامته هناك قام بكتابة مسرحية بعنوان " أمام شباك التذاكر".

عندما قام الحكيم بتقديم مسرحية " أهل الكهف " أثار نشاطاً غير عادي في فن الكتابة فقد قدم ما عرف بالمسرح الذهني، وعلى الرغم من تقديم الحكيم لعدد من المسرحيات إلا أنها لم تكن جميعها من النوع الذي يصلح للتمثيل والتجسيد المسرحي، فمسرحياته التي عرفت بالذهنية كان يبرز فحواها من خلال قراءتها وليس من خلال تجسيدها مسرحياً، وكانت تطغى على مسرحياته الموضوعات المستمدة من التراث المصري وذلك عبر العصور المختلفة.

وكان الحكيم من النوع الذي يتأثر بالأحداث الاجتماعية المحيطة به فكان يحاول إبرازها من خلال أعماله الأدبية ومثال على ذلك رواياته " يوميات نائب في الأرياف" والتي قام بكتابتها في الفترة التي قضاها وكيلاً للنيابة في القضاء الأهلي والتي تنقل أثنائها بين عدد من المدن والقرى المصرية.

عاصر الحكيم في عصره عدد من عمالقة الأدب والشعر والفن والمسرح وذلك مثل طه حسين والعقاد وأحمد أمين، أحمد شوقي، حافظ إبراهيم، جورج أبيض، سيد درويش وغيرهم العديد من الشخصيات التي ساهمت في إثراء الساحة الأدبية والثقافية في ذلك الوقت.



مؤلفاته

قدم الحكيم العديد من المؤلفات القيمة والتي تنوعت ما بين المسرحية والرواية من المسرحيات التي قدمها علي بابا، خاتم سليمان، أهل الكهف، شهر زاد، براكسا أو مشكلة الحكم، سلطان الظلام، بجماليون، الملك أوديب، سليمان الحكيم، إيزيس، المسرح الممنوع، أشواك السلام، رحلة إلي الغد، الأيدي الناعمة، السلطان الحائر، يا طالع الشجرة، الطعام لكل فم، ، بنك القلق، مجلس العدل، الدنيا رواية هزلية، الحمير.

ومن أعماله الأدبية الأخرى:


الضيف الثقيل، العرائس، عودة الروح، محمد صلى الله عليه وسلم، يوميات نائب في الأرياف، عصفور من الشرق، تحت شمس الفكر، أشعب، عهد الشيطان، حماري قال لي "مجموعة مقالات" ، راقصة المعبد، نشيد الإنشاد، حمار الحكيم، من البرج العاجي، تحت المصباح الأخضر، زهرة العمر، الرباط المقدس، شجرة الحكيم، ، مسرح المجتمع، فن الأدب، عدالة وفن، أرني الله، عصا الحكيم، تأملات في السياسة، الحب العذري، التعادلية، ، الصفقة، ، عوالم الفرح، المرأة الجديدة، لعبة الموت، رحلة الربيع والخريف، سجن العمر، مصير صرصار، الورطة، ليلة الزفاف، قالبنا المسرحي، من كواليس الأدباء، قلت ذات يوم، رحلة بين عصرين، حديث مع الكوكب ، عودة الوعي، في طريق عودة الوعي، أنا وحماري والآخرون، ثورة الشباب، دقت الساعة، الساحرة، أنشودة الموت، لو عرف الشباب، الكنز، الموت والحب، نهر الجنون، المخرج، بيت النمل، الزمار، بين يوم وليلة، السياسة والسلام، العش الهادي، أريد أن أقتل، الشيطان في خطر، عرف كيف يموت.

وقد ترجمت العديد من كتبه ومسرحياته لعدد من اللغات.



التكريم في حياة الحكيم

حصل الحكيم على العديد من الأوسمة كنوع من التكريم له على مجهوده الأدبي حصل على قلادة الجمهورية عام 1958م من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، جائزة الدولة في الآداب عام 1960م، وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى في نفس العام، قلادة النيل عام 1975م، أطلق اسمه على عدد من المسارح.



الوفاة


توفى يوم الأحد الموافق 26 يوليو عام 1987م تاركاً العديد من الأعمال الأدبية القيمة، والتي مازالت مرجعاً أدبياً للعديد من الأجيال.