حسين توفيق إسماعيل أحمد الحكيم المعروف باسم توفيق الحكيم، أديب متميز تنوعت مؤلفاته ما بين الرواية، والمسرحية فكان أحد الرواد الذين ساهموا بشكل أساسي في الحركة الأدبية والفكرية في عصره، وقد أبدع الحكيم في اتجاه جديد من فن الكتابة المسرحية والذي عرف بالمسرح الذهني، فقدم العديد من المسرحيات التي سارت في هذا الاتجاه، وهو مؤلف مبدع قام بإبداع شخصياته وأحداثه الروائية من خلال الواقع المحيط به، والتراث المصري والذي كان المصدر الأول في إلهامه.
النشأة
ولد الحكيم في التاسع من أكتوبر عام 1898م بحي محرم بيك بالإسكندرية بجمهورية مصر العربية، ينحدر والده من قرية الدلنجات إحدى أعمال إيتاي البارود بمديرية البحيرة، وكان والده من رجال القضاء والذي ورث عن والدته ضيعة كبيرة، فكان من أثرياء الفلاحين، أما والدته فهي تركية الأصول، عرفت بكبريائها وطباعها الصارمة.
تلقى توفيق علومه الأولية في مدرسة محمد علي، ثم انتقل إلى مدرسة المحمدية بالقاهرة، ومنها إلى مدرسة دمنهور الابتدائية عام 1914، ثم التحق بمدرسة رأس التين ثم العباسية الثانوية بالإسكندرية وحصل على البكالوريا عام 1919، ثم قام بالالتحاق بمدرسة الحقوق وحصل على الليسانس في عام 1924 وهو في السادسة والعشرين من عمره، انتقل الحكيم بعد ذلك إلى باريس لإكمال دراسته في القانون.
الحياة العملية للحكيم
عاد الحكيم إلى مصر مرة أخرى بعد فترة دراسته في باريس عام 1928م، وقد شغل على مدار حياته العديد من المهام والمناصب وكانت البداية من خلال عمله بالنيابة المختلطة بالإسكندرية حتى عام 1929م، ثم انتقل بعد هذا إلى القضاء الأهلي لمدة خمس سنوات متنقلاً بين كل من طنطا ودمنهور، ودسوق وفارسكور وإيتاي البارود وكوم حمادة.
ترك الحكيم بعد ذلك النيابة العامة وعمل مديراً لإدارة التحقيقات بوزارة المعارف ثم مديراً للإرشاد الاجتماعي بوزارة الشئون الاجتماعية.
اتجه بعد ذلك للعمل الصحفي عام 1939م وذلك بعد استقالته من وزارة المعارف، فقام بالكتابة في العديد من المجلات والصحف.
كما عمل مديراً عاماً لدار الكتب عام 1951م، ثم عضواً متفرغاً بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وعمل مندوباً للجمهورية العربية في " اليونسكو" عام 1959، عاد بعد ذلك إلى مصر عام 1960م.
عين مقرراً للجنة جوائز الدولة في المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1962م، وفي عام 1976م انتخب رئيسا لاتحاد الكتاب الذي أصبح فيما بعد رئيسه الفخري.
تم اختياره رئيساً لنادي القصة وعضواً في المجلس الأعلى للثقافة، كما ترأس مجلس الشورى في جلسته الافتتاحية عام 1981م وفي دورته الثانية عام 1983، وفي عام 1961م أصدر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قراراً بتعيينه عضواً في مجلس إدارة الأزهر الشريف، وعين رئيس شرف للأهرام عام 1981م.
العالم الأدبي للحكيم
عرف الحكيم بحبه للأدب والذي قدم فيه الكثير ففي أثناء فترة دراسته بالجامعة، ألف العديد من المسرحيات والتي قامت فرقة عكاشة بتقديمها على مسرح الأزبكية من هذه المسرحيات العريس، المرأة الجديدة، خاتم سليمان، على بابا، وفي أثناء فترة دراسته بفرنسا شغف الحكيم بالأدب المسرحي، فاطلع على الفنون المسرحية وقام بدراسة المسرح اليوناني والذي وجد أن الثقافة المسرحية الأوربية مستمدة منه، واطلع على الملاحم والأساطير اليونانية، كما عمل على التردد على المسارح الفرنسية ودار الأوبرا وخلال فترة أقامته هناك قام بكتابة مسرحية بعنوان " أمام شباك التذاكر".
عندما قام الحكيم بتقديم مسرحية " أهل الكهف " أثار نشاطاً غير عادي في فن الكتابة فقد قدم ما عرف بالمسرح الذهني، وعلى الرغم من تقديم الحكيم لعدد من المسرحيات إلا أنها لم تكن جميعها من النوع الذي يصلح للتمثيل والتجسيد المسرحي، فمسرحياته التي عرفت بالذهنية كان يبرز فحواها من خلال قراءتها وليس من خلال تجسيدها مسرحياً، وكانت تطغى على مسرحياته الموضوعات المستمدة من التراث المصري وذلك عبر العصور المختلفة.
وكان الحكيم من النوع الذي يتأثر بالأحداث الاجتماعية المحيطة به فكان يحاول إبرازها من خلال أعماله الأدبية ومثال على ذلك رواياته " يوميات نائب في الأرياف" والتي قام بكتابتها في الفترة التي قضاها وكيلاً للنيابة في القضاء الأهلي والتي تنقل أثنائها بين عدد من المدن والقرى المصرية.
عاصر الحكيم في عصره عدد من عمالقة الأدب والشعر والفن والمسرح وذلك مثل طه حسين والعقاد وأحمد أمين، أحمد شوقي، حافظ إبراهيم، جورج أبيض، سيد درويش وغيرهم العديد من الشخصيات التي ساهمت في إثراء الساحة الأدبية والثقافية في ذلك الوقت.
مؤلفاته
قدم الحكيم العديد من المؤلفات القيمة والتي تنوعت ما بين المسرحية والرواية من المسرحيات التي قدمها علي بابا، خاتم سليمان، أهل الكهف، شهر زاد، براكسا أو مشكلة الحكم، سلطان الظلام، بجماليون، الملك أوديب، سليمان الحكيم، إيزيس، المسرح الممنوع، أشواك السلام، رحلة إلي الغد، الأيدي الناعمة، السلطان الحائر، يا طالع الشجرة، الطعام لكل فم، ، بنك القلق، مجلس العدل، الدنيا رواية هزلية، الحمير.
ومن أعماله الأدبية الأخرى:
الضيف الثقيل، العرائس، عودة الروح، محمد صلى الله عليه وسلم، يوميات نائب في الأرياف، عصفور من الشرق، تحت شمس الفكر، أشعب، عهد الشيطان، حماري قال لي "مجموعة مقالات" ، راقصة المعبد، نشيد الإنشاد، حمار الحكيم، من البرج العاجي، تحت المصباح الأخضر، زهرة العمر، الرباط المقدس، شجرة الحكيم، ، مسرح المجتمع، فن الأدب، عدالة وفن، أرني الله، عصا الحكيم، تأملات في السياسة، الحب العذري، التعادلية، ، الصفقة، ، عوالم الفرح، المرأة الجديدة، لعبة الموت، رحلة الربيع والخريف، سجن العمر، مصير صرصار، الورطة، ليلة الزفاف، قالبنا المسرحي، من كواليس الأدباء، قلت ذات يوم، رحلة بين عصرين، حديث مع الكوكب ، عودة الوعي، في طريق عودة الوعي، أنا وحماري والآخرون، ثورة الشباب، دقت الساعة، الساحرة، أنشودة الموت، لو عرف الشباب، الكنز، الموت والحب، نهر الجنون، المخرج، بيت النمل، الزمار، بين يوم وليلة، السياسة والسلام، العش الهادي، أريد أن أقتل، الشيطان في خطر، عرف كيف يموت.
وقد ترجمت العديد من كتبه ومسرحياته لعدد من اللغات.
التكريم في حياة الحكيم
حصل الحكيم على العديد من الأوسمة كنوع من التكريم له على مجهوده الأدبي حصل على قلادة الجمهورية عام 1958م من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، جائزة الدولة في الآداب عام 1960م، وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى في نفس العام، قلادة النيل عام 1975م، أطلق اسمه على عدد من المسارح.
الوفاة
توفى يوم الأحد الموافق 26 يوليو عام 1987م تاركاً العديد من الأعمال الأدبية القيمة، والتي مازالت مرجعاً أدبياً للعديد من الأجيال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.