الوجه الآخر ... قصص حقيقيه



أنـا ياسيدي الطرف الآخر في رسالة رائحة العطر سامحكم الله وسامح زوجتي العزيزة التي جعلتنا مثار تعليقات وآراء من لا يعلم الحقيقة بكل جوانبها‏,‏ والمفترض ألا يدلي أحد بدلوه‏,‏ أو يحكم علي أحد الاطراف إلا إذا سمع الطرف الآخر‏,‏ وكما يقول المثل للقاضي إذا جاءك من يشكو وهو أعور فانتظر الطرف الآخر فقد يكون صار أعمي‏,‏ ذلك هو العدل‏.‏

بداية وحقيقة أننا كنا أسعد زوجين في العالم‏,‏ وكنا مضرب الأمثال بل وحسد الكثيرين ولكن‏....‏ وآه من لكن هذه لايكتمل الفرح ابدا‏.‏

وأبدأ الحكاية من اولها‏:‏

نشأت شابا طموحا منضبطا في أسرة من الطبقة الوسطي المثقفة‏,‏ تعتبر العلم أهم من المال‏.‏ نمتلك منزلنا في أحد الاحياء العريقة التي أصبحت الآن شعبية‏,‏ كما يقال‏..‏ الأب موظف والأم من اسرة طيبة رزقهم مما الله باربعة ابناء اثنان من البنين انا أكبرهما واثنتان من البنات‏.‏

الجميع يحافظون علي قيمهم وواجبات دينهم ومتفوقون في دراستهم‏,‏ وتخرجنا جميعا من الكليات المحترمة وتزوجنا واصبح لكل منا اسرته‏.‏

كما ذكرت زوجتي العزيزة أنا شاب متفوق يفوق اقرانه‏,‏ عطوف‏,‏ وعاطفي متدين‏,‏ يعمل بلا كلل يريد النجاح بعلمه وعمله وعرقه‏,‏ وفقني الله في عملي كأحسن ما يكون وله الحمد والشكر‏.‏

قابلت زوجتي في إحدي المناسبات وأعجبت بها شابة جميلة محترمة انيقة ليس فقط في مظهرها لكن في تصرفاتها فتاة احلامي التي كنت احلم بها بل وأكثر‏.‏

وبما ان الطريق المستقيم هو أقصر الطرق واشرفها فلم اضيع الوقت وتقدمت لأسرتها لأخطبها‏,‏ اسرة مصرية ابناء بلد‏,‏ أناس طيبون الأب يعمل بالتجارة والأم سيدة منزل يملكون ايضا منزلهم ومحلاتهم في الحي العريق القريب‏.‏

حبيبتي أكثر بنات الأسرة والأقارب جمالا وعلما

لك الحمد ياربي احببتها كما لا يستطيع شاعر أن يصف واحبتني‏,‏ وعشنا أيام خطوبة احلي ايام العمر وتعارفنا أكثر وتم الزواج السعيد‏.‏ كنا كأننا شخص واحد انقسم إلي اثنين سعدنا سعادة لو قسمت علي أهل الأرض ما بقي فيها أحد تعيس‏,‏ رزقنا الله من فضله حلالا طيبا بغير حساب‏.‏ وأكثر من هذا بهذين الطفلين الشابين الآن الرائعين‏.‏

ولكن‏...‏ وآه من لكن ـ كما يقولها الاستاذ عبدالوهاب مطاوع رحمه الله ـ ما من كمال إلا وله نقصان‏.‏

بعد أن رزقنا الله تعالي بطفلينا بدأت المسألة باهتمام شديد من زوجتي بهذين الطفلين الرائعين‏.‏ ولا أنكر أن هذا شيء محمود خاصة في مراحل عمرهما الأولي‏.‏ تطور الاهتمام حتي اصبح بلا حدود‏,‏ بل بحدود لا توصف اصبحا كل شيء في حياتها‏,‏ لهما كل الحب ولا أنكره ولا أغير منه لأني احبهما ولهما كل الوقت بل وكل مالا تتخيله حتي انها عزلت نفسها عن كل العالم‏,‏ عن أهلها وأهلي عن اصدقائنا‏,‏ وعن معارفنا‏,‏ فلم يعد لنا اصدقاء إلا اللمم القليل‏,‏ ولم تعد لنا علاقات بالأهل إلا ما تفرضه لوازم الرسميات بل وأقل منها‏.‏ وكنت إلي جانبها في كل ذلك حتي كادت تكون شبه مقاطعة لأهلنا وأولي ارحامنا‏.‏

كنت أعذرها لخوفها الشديد علي هذين الجميلين اللذين ملآ حياتنا بالسعادة‏,‏ كنت اتصور ان هذا هو الاصح والأفضل علي الاقل في مرحلة معينة‏,‏ وهذا شيء جميل لمرحلة معينة ثم تعود الامور إلي طبيعتها واغرقت نفسي أكثر في عملي ونجاحاتي لأوفر لاسرتي سبل الراحة والامكانيات‏.‏

هكذا ياسيدي سارت بنا سفينة الحياة‏,‏ هي مشغولة إلي اقصي حد بهما حتي بعد أن صارا شابين في الجامعة‏,‏ حتي انهما ضجرا من شدة اهتمامها وتدخلها في كل صغيرة وكبيرة‏,‏ تكاد تقتل نفسها في خدمتهما‏,‏ تريد أن تفعل لهما كل شيء ناسية أن لكل وقت صلاته وسننه وان توازن بين اهتماماتها وان هناك حقوقا اخري للزوج والحبيب‏,‏ وانا اكاد اقتل نفسي في عملي‏.‏

اصبحت اشعر بأنني لست إلا بنكا ولا يحق لي التدخل في شئون ابني العزيزين اللذين حاولا ان يكونا مستقلين‏,‏ لكن هيهات‏.‏

وبالطبع انعكس ذلك علي علاقتها بي ولم يعد هناك اهتمام بي شخصيا إلا ماتبقي وما أقله‏.‏

انني ياسيدي احبها واتمناها لكن اين هي؟ بالرغم من انها تنام بجواري إلا أنني لا استطيع أن ألمسها بالشهور‏.‏

واسالك إذا كنت رجلا كيف يكون شعورك؟ واذا كنت سيدة فهل هذا امر طبيعي ؟
اصبحت زوجتي تري أن أوان الحب قد فات‏,‏ وانني رجل مراهق في الخمسين‏.‏

ياعزيزي لقد كبرنا علي هذه الصغائر

انظر إلي ابنائك اخطب لابنائك‏.‏

هذه الأمور لم يعد لها مكان أو تفكيرعندي‏,‏ اذهب وتزوج اخري فقد تعبت‏,‏ وهكذا صارت حياتنا انغلاقا علي نفسها وابنيها وشبه انقطاع عن العالم‏.‏

حتي علاقتنا بوالدي واخوتي اصبحت كأننا نعيش مغتربين‏,‏ بالرغم من ان المسافة لا تتعدي نصف ساعة ويجتمع اخوتي واسرهم مع والدي في المناسبات إلا نحن‏,‏ ونفس الشيء لوالديها‏.‏

يكفي الاتصال بالتليفون هل هذه هي صلة الرحم؟

ياسيدي أنا أعلم واثق أنها طيبة ومتدينة تؤدي جميع الفرائض إلا هذا الأمر‏.‏

لماذا هذا التناقض؟ علم ذلك عند علام الغيوب والمطلع علي أسرار القلوب‏.‏

علي الجانب الآخر فقد لعبت المصادفة دورا آخر‏,‏ جارتنا التي ذكرتها في رسالتها لها ابن في سن ابنائي اصيب في حادث سيارة اثناء مروري فنقلته إلي المستشفي وساعدته في إجراءات الحادث وقابلت والدته في المستشفي وتعرفت عليها‏,‏ وزوجتي تعلم ذلك فلم يكن سرا‏.‏

علمت منها انها كانت تتمني أن يكون لها بيت وزوج وتعيش كأي سيدة عادية لزوجها ولبيتها وابنها ولم يكن لديها مانع ان تكون الزوجة الثانية شرعية وتعتزل الفن وهي الآن معتزلة‏.‏

انني ياسيدي لا أقبل ولا اتصور أن أفعل حراما وإن فعلته ـ لا قدر الله ـ فساطلب تطبيق حد الشريعة علي نفسي‏.‏

اطلب منكم أن تجدوا لي حلا‏.‏

أريد حلالا ولاأتمني أن يكون مصيري مثل السيدة أمينة رزق في الفيلم الشهير

حبيبتي زوجتي أم ابنائي لاترغب في أي علاقة حميمة معي بأسباب وهمية أو الله أعلم بالاسباب وأنا أحبها واتمناها ولا استطيع أن أفعل حراما‏.‏

هل لدي السيدات المتحذلقات المتفرنجات اللائي يستضيفهن التليفزيون ويتكلمن عن المرأة المظلومة الضعيفة والمهضوم حقوقها حل شريف؟

افيدوني كيف يتصرف رجل لا يرضي ان يفعل شيئا غصبا عن زوجته التي يحبها ويتمناها‏,‏ وهي لا تري إلا أنها أم وأم فقط لاغير؟ وعليك يازوجي العزيز أن تكون راهبا في صومعة تنام فيها بجوار زوجتك وممنوع الاقتراب أو اللمس وعليك ايضا ان تعيش في بيتك بلا أي اهتمام ومطلوب منك أن تكون ممولا فقط نظير الإقامة والأكل‏.‏

هل الحل لدي هؤلاء ان نكون مثل الغرب للرجل زوجة وصديقة‏,‏ وللزوجة زوج وصديق؟

ياسيدي أنا أحب زوجتي وابنائي ولا أتصور حياتي بدونهم‏,‏ ولكن كيف احصن نفسي وأنا في هذا الوضع الذي ربما يعاني منه كثيرون مثلي لا يريدون الوقوع في الحرام‏,‏ علي الجانب الآخر لقد تزوجت من السيدة الاخري زواجا شرعيا‏,‏ شهد عليه أهلها وعرفتها بأهلي‏,‏ وتفانت في إسعادي بما لم تقبل زوجتي ان تفعله برغم الاوقات القليلة التي اذهب فيها إليها‏.‏

إنني ياسيدي أنا احس بحزن شديد من الوضع الذي أنا فيه‏,‏ وكنت اتمني ألا يكون‏,‏ وعندما قالت إنها ستعود طبيعية طلقت زوجتي الثانية‏.‏

ولم يمض شهر حتي عادت ريما إلي عادتها القديمة مع الانتقام الرهيب لكبريائها كما تسميه‏.‏

ما لم تذكره زوجتي العزيزة وما لم اتصوره هو الشراسة التي تعاملت بها معي‏,‏ فهي لا تسكت إلا اثناء وجود ابنائي‏,‏ بل واقذعتني بما لا يليق‏,‏ لم تترك شتيمة أو نقيصة إلا ألصقتها بي وبأهلي‏.‏

لكني اعذرها في كل الاحوال ولم اتخل عن أي شيء ولم يتغير أي شيء‏,‏ ولن اتخلي عنها ابدا برغم نصيحة معلقكم القارئ مخرب البيوت‏.‏

انني ياسيدي أحبها ولا أريد أن افقدها‏,‏ وأتمني ان تكون طبيعية معي وان نكون سعداء كما كنا‏.‏

اليس لكل سن موجبات سعادتها؟ أليس لكل شريك حقه في ان يسعد شريكه ويرعاه؟ لماذا تطغي أمور علي امور؟

هل يمكن ان ينتهي هذا الانتقام الذي ما يهدأ حتي يشب كاللهب أو كالإعصار المميت ممن احببت وتزوجت؟

أسألها‏:‏
هل يمكن نسيان ومحو هذا الكابوس الذي تسببت فيه بإهمالها لي؟ هل يمكن ان نبدأ من جديد؟

هل ممكن ان ينتهي الانتقام وتعود المودة والرحمة؟

هل يضمن لي أحد أي شيء وكيف؟

افيدوني يرحكم الله‏.‏

سيدي‏....‏ قلتها عشرات المرات‏,‏ ما أنشره هو نصف الحكاية‏,‏ والحكاية لاتكتمل أبدا إلا بالنصف الآخر الغائب‏,‏ الذي قد يأتي بنفسه من خلال الكتابة كما فعلت أنت‏,‏ وقد يكون شخصا آخر يحمل وجها جديدا للحكاية‏.‏

دعنا نعود إلي قصتك مع زوجتك لأنها في الحقيقة تعكس أزمة كبيرة بين الازواج‏:‏ بداية سعيدة‏,‏ حب‏,‏ زواج‏,‏ ابناء‏,‏ ثم انشغال من الزوج بالنجاح في عمله‏,‏ واهتمام من المرأة بأولادها‏,‏ وعندما تستقر أعمال الزوج ويكبر الابناء‏,‏ يعود ليسأل كلاهما نفسه‏,‏ أين أنا من الآخر‏,‏ واين حقي في الحياة؟

لقد تغافلت ياسيدي أو أهملت حقوقك سنوات طوالا‏,‏ مقدرا لزوجتك اهتمامها بطفليك بحدود لا توصف‏,‏ تكاد تقتل نفسها في خدمتهما لأنك في ذلك الوقت كنت مشغولا بمشروعك المهني الذي ما أن أتممته حتي اكتشفت أنك لامست الخمسين‏,‏ فيما اعتادت زوجتك غيابك‏,‏ راضية بدورها مطمئنة إلي وجودك بتحملها كل أعباء البيت حتي توفر لك عوامل النجاح‏,‏ محققة كل غريزتها باحتواء ابنيها إلي حد خنقهما بحبها‏.‏

في هذه اللحظة‏,‏ اكتشفت أنك لا تلمس زوجتك التي تجاورك في الفراش بالاشهر‏,‏ فتحول البيت الدافئ إلي حقل أشواك‏.‏

وتشاء الصدف ـ كما قلت ـ أن تلتقي بتلك الفنانة المعتزلة‏,‏ وتعرف انها تحلم بالاستقرار والزواج كأي سيدة عادية‏,‏ الوجه الآخر امرأة ليست عليها أي مسئوليات‏,‏ تزوجت عدة مرات قبلك‏,‏ وتريد الاستقرار متفرغة تماما لك تمنحك كل التدليل والسعادة والاهتمام التي تبحث عنها‏,‏ إنها مركب الانقاذ لك في هذا العمر‏,‏ فلماذا لا تقفز عليه لتلحق بما تبقي لديك من عمر ـ اطاله الله وبارك فيه ـ انه الحل الأيسر‏,‏ الذي اتخذته دون التفات إلي تأثيره علي شريكة رحلة الكفاح‏,‏ وعلي ابنيك الشابين‏.‏ والحقيقة أنك كنت في حاجة إلي بذل مزيد من الجهد لاستعادة زوجتك حبيبتك وسعادتك السابقة التي لو قسمت علي أهل الأرض ما بقي فيها أحد تعيس‏.‏

فأنت نفس الرجل وهي نفس المرأة‏,‏ حتي بعد مرور كل هذه السنوات‏.‏

وحتي لا تعتقد أن رأيي منحاز إلي زوجتك فلابد من الاعتراف باخطائها التي أوصلتك إلي هذا القرار‏,‏ لأنها حتي لو رأتك مراهقا في الخمسين كان عليها احترام احاسيسك والالتفات إلي أهمية احتوائك فاحتياج الرجل إلي الحب وإلي المرأة لاينتهي‏,‏ وإذا كانت غريزة المرأة تتحقق وتتشبع بالابناء فإن غريزة الرجل واحساسة بذاته وبجدوي وجوده تشتعل بالمرأة‏,‏ هذا الاحتياج لا يمكن التعامل معه علي أنه من الصغائر‏,‏ فلا أحد كبير علي الاحتياج‏,‏ الزوج المحب أنفع وأأمن لزوجته من كل ما تعتقده‏,‏ فالأولاد سيذهبون إلي حياتهم‏,‏ والأهل والاصدقاء كل منشغل بحاله‏,‏ فمن سيبقي لها إذن غير الزوج المحب؟

إن تاريخكما السعيد وثمراته تستحق منكما أن تجلسا مرة أخري‏,‏ وأنا أتلمس لديك الرغبة الحقيقية في العودة إلي سابق عهدكما والنجاح الآن في ملعب زوجتك‏,‏ عليها أن تراجع نفسها‏,‏ وتنظر إلي أخطائها وتبذل جهدا حتي تستعيدك‏,‏ فإذا عادت كما كانت يمكنكما وقتها مناقشة أمر زوجتك الثانية وهل أنت في حاجة حقيقية لوجودها؟ وهل هي تستطيع الاستمرار في ظل وجودها؟ وايضا لابد من تحديد موقف تلك الزوجة الجديدة حتي لايقع عليها ظلم لأنها لم تدفعك إلي هذا الزواج حسب ماجاء في رسالتك‏.‏ ما أقصده هو ألا تبدآ حواركما بأزمة الزوجة الثانية‏,‏ فالازمة بدأت من علاقتكما الحميمة أصلحاها أولا ثم ناقشا التوابع التي ترتبت عليها‏.‏ وإلي لقاء بإذن الله‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.