{ أنا فتاة أبلغ من العمر24 عاما علي قدر كبير من الأخلاق والالتزام والتدين والجمال, نشأت في أسرة متحابة, يحترم كل منهم الآخر بأفكاره وطباعه وإن لم نتفق.
فأبي رجل فاضل ذو مركز مرموق وعصامي بني نفسه باجتهاده وطموحه, يشهد له الجميع بخلقه وصلاحه وهو في عائلتنا يسمي كبير العائلة يؤخذ برأيه في كل كبيرة وصغيرة.
وأمي سيدة فاضلة مثقفة ربة منزل تفرغت لتربيتي أنا وأخوتي ولكني أسكن في منطقة شعبية نعم منطقة شعبية هذه هي المشكلة ولكنها ليست مشكلتي بل مشكلة الآخرين. كنت في السنة الأخيرة في الجامعة تعرفت من خلال زملائي علي زميل لنا وكان علي قدر كبير من الالتزام وحسن الخلق بشهادة الجميع ولفت نظري طبعه الهادئ وتفكيره العاقل في كل الأمور, فبعد تخرجنا لم أعد أعرف أخباره إلا بين الحين والاخر باتصاله ليطمئن علي أخباري أو بإرسال رسالة تهنئة بمناسبة ما وأعجبني سلوكه وأخلاقه المهذبة والتي أصبحت نادرة, وجاء الوقت الذي طلب مني الارتباط فوافقت وتم تحديد ميعاد مع والدي فتعرف عليه وتحدث معه في كل حياته ومستقبله واتفقنا علي زيارة والديه لنا ليتكلموا في تفاصيل الزواج.
وجاء اليوم الذي زارونا فيه فرأيت ما لم أكن أتوقعه والده مستاء من زحام الطريق وقال لوالدي إنها مشكلة الأماكن الشعبية, فأحسست من والده بنظرة متعالية إلي حد ما, وما أثار قلقي انه لم يتكلم مع والدي في شئ علي الإطلاق بل تحدثوا في أمور أخري ليس لها علاقة بالزواج حتي شعرت بدهشة أبي وأمي حتي انصرفوا.
ماذا حدث نحن لم نفعل شيئا بل رحبنا بهم علي أكمل وجه وعرفت بعد ذلك ان سبب الرفض هو انني أسكن في منطقة شعبية وأن رأي والدته ان الفتيات في تلك المناطق يتصفن بالجرأة الشديدة وأنهن كما تقول بيبقوا عارفين كل حاجة ما هذا؟ هل أصبحت تقاس أخلاق الفتاة بالمكان الذي تيعش فيه؟ هل معني ذلك ان التي تسكن في جادرن سيتي أفضل أخلاقا من التي تسكن في العجوزة؟ أين النظر إلي تدين الفتاة؟ وأين النظر إلي خلقها؟ وأين النظر إلي أخلاق وثقافة أهلها... وأين وأين وأين؟
لقد صدمت بعقول مازالت متحجرة تحكم علي الصورة من خارجها كم من اناس تعيش في أفضل الأماكن ولكنها أردأهم سلوكا أنا أعني ان المكان ليس مقياسا للأخلاق أو للحكم علي الآخرين.
هذا بالرغم من انني أسكن في موقع متميز في هذا الحي الشعبي وبالرغم من ان لدينا مكانا آخر في حي راق كما يقال في إحدي المدن الجديدة ولقد عرضت علي هذا الشخص ان يأتي بوالديه إلي هناك ولكنه رفض وقال لي: إنهم جايين لأصحاب البيت مش جايين للبيت, هذا عني.. فماذا عن كل فتاة لا تستطيع ان تسكن في مكان آخر هل تصبح أسيرة لتلك الأفكار, أو انه حفاظا لكرامتها وكرامة أهلها لا تتزوج إلا ممن يسكن في حي مناسب لها! لا أعرف ماذا أقول؟ ولكني ادعوالله عز وجل ان يعوضني خيرا وأقول لوالدي اني أحبكما من كل قلبي وأشكر ما فعلتماه من أجلنا وجزاكماالله عنا خيرا.
** سيدتي.. كنا قديما عندما نريد أن نختصر الصفات الطيبة في انسان, مهما كانت الطبقة التي ينتمي اليها, نقول انهابن بلد, وأبناء البلد دائما ينتمون إلي المناطق الشعبية. لذا فإن نظرة اسرة هذا الشاب اليكم من خلال المنطقة التي تسكنون فيها, نظره سطحية, لم تستطيع النفاذ, الي تماسك اسرتك, ورقي فكرها, وكفاح والدك الذي أوصله إلي مركز مرموق, ولا إلي اللغة الراقية التي تجمع بينكم. مثل هذا التفكير وأصحابة لايستحقون ان نحزن عليهم او نغضب منهم, بل نشفق عليهم, ونحمدالله اننا لم نخدع فيهم ونكتشف اسلوب تفكيرهم ومنطقهم الضيق في النظر الي الحياة بعد فوات الاوان ايضا هذا الشاب الذي قال لك كلاما يبدو انه لايؤمن به, لايستحق الحزن علي فراقه, فهو ضعيف الشخصية, لم يصمد أمام رؤية والديه, استسلم لهما, وضحي باختياره, تحياتي لك ولوالديك اللذين احسنا تربيتك أنت وأخوتك, وسيعوضك الله خيرا مما فقدت, المهم الا تتغير قناعاتك, مهما وجدت من قلوب وعقول مظلمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.