لطالما فكرت في الكتابه الي بريد الجمعه.. سنوات طوال تحملت فيها الكثير من المراره والحزن.. ولكني كلما هممت بالكتابه اجدني اتراجع علي امل ان تجيء السعاده قريبا ويكون الفرج علي الابواب.. ولكن قدر الله وماشاء فعل.. انا الابنه الكبري في اسره تضم شقيقين وشقيقه صغري.. اربعه ابناء لاب مهندس ولام لم يقدر لها ان تعيش طويلا وتركتنا صغارا لوالدي.. فكان لابد له من ان يبحث عمن تشاركه في تربيتنا.. وكان قد تزوج والدي من احدي قريباته المطلقه لعدم الانجاب.. رغبه منه في الا يجيء لنا باشقاء من زوجه اخري فتفضلهم علينا.. وسارت بنا الايام.. والدي يكافح في عمله.. ونحن بين جدران المنزل نبحث عن الدفء والحنان فلانجده.. فزوجه ابي سيده طيبه.. تقوم بكل اعباء المنزل علي اتم وجه.. لكنها ابدا مااستطاعت او حاولت ان تحتوينا وتضمنا اليها.. احيانا التمس لها العذر.. فاربعه اطفال مهمه ثقيله.. واحيانا اخري اجدها مقصره تجاهنا.. كثيرا ما بكيت وانا احاول ان اتذكر امي وهي تحتضنني وتقبلني او تلاعب اخي..!! هكذا عشنا اسره لكن جوهرها مفقود الحب.. انسحبت السنوات سراعا.. كبرنا... تخرجت في احدي الكليات النظريه.. ف
رحت بانني سابدا حياتي واخرج للعمل, لكن كان للقدر راي اخر.. سقط والدي مريضا.. بدات معه رحله العيادات ومعامل التحاليل وانتهيت مرافقه له باحد المستشفيات الكبري بعد اجراء جراحه خطيره في القلب.. خرج منها والدي سالما وحمدنا الله وسجدنا له علي نعمته.. وبعد عام.. نام والدي وفي الصباح لم يستيقظ.. مات من كنا نحتمي به ونستمد منه معني الحياه واشراقتها.. اصبحنا يتامي الام والاب.. اما الاهل فكان اخر لقاء لنا بهم في الخميس الثالث لوالدي..!!
من ساعتها انفضوا من حولنا قائلين اننا ماعدنا صغارا ونستطيع تدبير امور حياتنا.. اغلقنا علينا بابنا وانعزلنا عن الناس.. وجدت نفسي اكبر اخوتي.. فبدات اهتم بدراستهم واحوالهم.. وزوجه ابي مازالت تقوم بمهامها في البيت.. اكرمها الله جزاء ما قدمت لنا.. بفضل الله حصلت علي فرصه عمل محترمه وبدات اخطط ماذا ساشتري لاخوتي ووالدتي من اول مرتب..
وقبل ان ينتهي شهري الاول في العمل ماتت والدتي التي ربتني.. عانينا شعور اليتم لثالث مره.. وكان احساسا قاسيا علينا جميعا..شعرنا بان الحياه تعاندنا وان الاحزان لاتعرف غير طريق بيتنا لتقيم فيه...
نظرت حولي فوجدت الاكتئاب والصمت يتسلل الي ارجاء منزلنا.. بدات اغير من عاداتنا.. واصطحب اخوتي للخروج معا للترويح عن النفس او شراء ملابسنا.. وعاهدت نفسي الا يعرف اخوتي اليتم مره رابعه فكنت لهم الاب والام.. تخرج شقيقاي وشقا طريقهما في الحياه.. استقر الاول في احدي المحافظات الساحليه وتزوج بها, وسافر الاخر لاحدي الدول العربيه ثم عاد وتزوج واصطحب زوجته معه.. وبقيت انا وشقيقتنا الصغري.. وما ادراك بفتاتين وحيدتين الا من ربهما.. كنا نخرج في الصباح للعمل ونعود لناكل طعامنا وحدنا.. نبقي امام التليفزيون حتي يتسلل النوم الي عيوننا فننام تحتضن احدانا الاخري.. كنت ابكي بعيدا عن عيني اختي.. فلا احد لنا.. ولا هناك من يدق علينا الباب ليسال عنا.. حتي في الاعياد والمواسم لايتذكرنا الاقارب بزياره واحده.. وتقدم عريس لاختي.. بعد ان رفضت انا الزواج لسنوات لكي اظل وسط اخوتي فضاعت علي فرص كثيره فرحت لفرحها.. لكن لم يشا الله ان يتم فرحتنا.. ولم يجعل لها الله نصيبا في هذا الانسان.. لافاجا بصغيرتي تسقط مريضه.. حكمتك يا الله واصبحت مسئوله عن حبيبتي المريضه ولم يتمكن شقيقاي من مشاركتي الاعتناء بها
لمشاغلهما ولحياتهما.. بدات افقد صبري بعض الشيء وانا اري اختي يشتد عليها المرض.. فكيف اعيش من بعدها؟ ولمن ومع من..؟! كان جسدها الرقيق يزداد نحولا يوما بعد يوم.. فاشد من ازرها وادعوها الي ان تهزم المرض.. فيعود التورد الي وجنتيها اياما ثم لا يلبث الاصفرار يحتل وجهها الضعيف.. في هذه الاثناء تقدم لي زميل بالعمل.. ففكرت انه قد يكون الوسيله الوحيده كي اجد من يقف معي في محنتي.. تزوجت وقبل ان اشتري فستان الفرح اشتريت لاختي فستانا جميلا.. وفي الفرح كانت عيني علي صغيرتي وليست علي زوجي.. جاءت اختي معي الي شقه الزوجيه.. اهملت زوجي لاهتم بصغيرتي.. دبت المشاكل بيننا.. احست اختي بالمشكله فاصرت علي العوده الي منزلنا.. اصبحت مشتته بين بيتي واختي التي تحتاجني كل يوم.. لم يحتمل زوجي.. وكما تزوجني بكل بساطه.. طلقني..!!
عدت احتضن اختي وارعاها.. لكن الله بعد ان طهرها وغسلها بصبرها علي ما ابتلاها به اختارها عنده, لينعمها في جناته ويجعلها من الحور العين باذن الله.
تركتني حبيبتي اعاني وحدتي وحزني.. اعود من عملي.. تستقبلني جدران الشقه بصمتها وبرودتها.. تراوحني ذكريات ايام ابي واخوتي.. وصخبنا.. افتقدتهم جميعا.. لا اجد من احدثه او اخرج معه او حتي اذهب للمصيف معه.. الحياه ياسيدي قاسيه في وحدتها... لكني لا احمل مراره في نفسي.. فمازلت وانا سيده وحيده في اول الاربعين امارس كل يوم طقوس حلمي القديم بان اجد من يحبني ويعوضني عن حياتي التي عشتها اقدم لكل من حولي الحب والعون والرحمه.. فهل انا ياسيدي انسانه خياليه.. ام ان للحلم وقتا لكي يصبح حقيقه اتنفسها واشعر بسعادتها؟!
** سيدتي... مع مثلك تعجز كلمات المواساه, ويتحول النصح الي ثرثره لا تداوي جراحا, خاصه اذا كانت غائره في القلب.
فالحياه التي عشتها وان كانت قصيره تجعلها المصائب طويله.
وما اقسي علي انسان ان يفتح عينيه علي الحياه, وقبل ان يستوعب الايام ويخبر ضرباتها, ترحل عنه صاحبه الحب الخالص, والتي لايعادل حبها ولايقدر عليه غير الام.
ومن غير استعراض لكل ما سردته في كلماتك التي تضج كلماتها بالصدق, سارت حياتك حلما يوقظك منه الموت سريعا, لتواجهي واقعا اصعب, فتتماسكين, وتواصلين زحفك, مضحيه بنفسك من اجل اخرين, لتكتشفي في نهايه الرحله انك وحيده في هذه الحياه القاسيه التي قال عنها سيدنا علي بن ابي طالب:
اف علي الدنيا واسبابها فانها للحزن مخلوقه همومها ماتنقضي ساعه عن ملك فيها وعن سوقه
انه واقع صعب, يكشف ما وصلنا اليه من تفكك عائلي واجتماعي, اين شقيقاك ياعزيزتي, واين اقاربك وجيرانك واصدقاوك؟!
فالحياه ليست زوجا فقط قد يكون وجوده خيرا, وقد يكون عبئا جديدا او الما مخبوءا, فالسعاده تكون باثنين فقط, علي فرض ان هذا الثاني الذي لم يات بعد, قد يظهر في اي لحظه.
وحتي لا احملك احزانا جديده بالتامل فيما وفيمن حولك, دعينا نتامل الحياه, تلك الشعله التي اما ان نحترق بنارها راضين بهذا الخيار, واما ان نطفئها ونعيش في ظلام.
اعتقد اننا جميعا نشترك ونعاني ونقبل الخيار الاول ف:
من يصحب الدنيا يكن مثل قابض
علي الماء خانته فروج الاصابع
هذا الماء وماتبقي منه بين اصابعك لابد ان فيه شيئا يستحق ان تناضلي من اجله. ما تبقي هو حلمك القديم, هو ذاتك, هو ان تمنحي نفسك, كما منحت الاخرين.. لاتغلقي ابواب روحك علي مافات, فلا احد يعيش مع ما ومن مات, والنفس التي تالمت هي القادره علي التحليق في سماوات الحياه.
حلمك القديم يحتاج منك الخروج من قبو احزانك, استعيدي مقدرتك علي مواجهه الواقع, كما فعلت من قبل, اختاري ما تناضلين من اجله. مدي يديك الي من يحتاجك, فمن اعتاد ان يعطي الاخرين, لم يجد سعادته الا في هذا العطاء, وقتها ستجدين حلمك القديم يطرق نوافذ قلبك.. فالحياه اختيار لمن يصر علي ان ياخذ ماله منها.. والي لقاء باذن الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.