{{ صباح الخير يا سيدي أكتب لك عقب ليلة مؤرقة لم أذق فيها طعم النوم وتشبه ليالي كثيرة فاتت وأخري بلاشك آتية.. لن أطيل عليك المقدمات, لكن أرجو أن تعلم أن رأيك سيكون هو الشعرة التي أصل بها حياتي أو القشة التي تقصم ظهر البعير, أنا سيدة عمري39 عاما نشأت في أسرة أكثر من ميسورة أعطاني الله الكثير من نعمه التي أشكره عليها في كل لحظة, ما زلت أراعيه في تصرفاتي قدر استطاعتي حتي هذه اللحظة, فقد كنت دائما سندريلا العائلة كما كانوا يدعونني مما جعلني اشهر بنات الحي الراقي الذي نسكنه في ذلك الوقت لجمالي الأوروبي
الذي لا تخطئه العين وذكائي الذي أهلني لكلية القمة التي يبحث عنها الجميع ولباقتي التي كانت محل اعجاب العائلة ولاسيما شبابها الذين تهافتوا لخطبتي منذ كنت في المدرسة الثانوية, لكن أبي رحمه الله رفض لحين انتهائي من دراستي وكان محقا ومع أول شهر في الجامعة تعرفت علي زوجي الذي كان يكبرني بخمسة أعوام, رأيته أوسم الجميع وعشقته بأعوامي السبعة عشر عشقا كما حكوا عن جولييت أو أكثر. المهم تقدم لخطبتي فرفضه أبي لصعوبة دراستي وكذلك لأنه رأي أنه غير لائق من الناحية الاجتماعية وكان أول صدام في حياتي مع أبي,
بل قل الصدام الوحيد وأصررت ولم تفلح محاولاتي وافترقنا لسنوات لم أنسه فيها لحظة وحاولوا خطبتي عدة مرات فشلت جميعا, لأنه كان طيفا في خيالي. أما هو فتزوج بعد فترة وانجب ولدا وحيدا ولم تنجح حياته لأسباب أراها خارجة عن ارادته وبعد مرور أكثر من ثماني سنوات وبعد انفصاله عاود الاتصال بي ولم أشعر بأني تركته لحظة, تواصل الكلام كأني كنت معه بالأمس وتقدم لي مرة أخري ورفضه والدي لنفس السبب السابق, بالإضافة لظروفه الجديدة لكني كنت تخرجت وعملت وأصبحت أقوي, ولن أطيل عليك تم الزواج وحققت حلم عمري مع الرجل الذي ذبت فيه عشقا
وسهرت من أجله الليالي الطوال ومن أول أسبوع اكتشفت يا سيدي أنه مريض بالبرود فهو لا يري جمالي إلا أمام الناس, أما في البيت فهو يكاد لا يشعر بي, عرفت معني الحرمان وأنا بعد عروس في أوج تألقها كلمته طلبت منه أن يأمرني بما يريد, فعلت كل ما يمكن لفتاة مثلي بلا خبرة أن تفعل لجأت لصديقات أكبر, تعلمت فنونا ربما لا تعلمها إلا بنات الليل لعله يشعر بي لكنه أبدا لم يشعر,
كان يقابلني كل أسبوعين, أحيانا أكثر بعد محاولات مستميتة مني لأني كنت أحبه لحد الجنون, وهنا يجب أن تعلم أني من الشخصيات شديدة العناد والكبرياء لكني أمام هذا الرجل كنت أذوب عشقا, تفاصيل مخجلة لا أستطيع أن احكيها لك ولو كنت أعلم أن هذا الرجل لا يقدر أو مريض لحملته علي رأسي عمري كله, لكني أصبت بلعنة من نوع غريب حبيبي أمامي وملكي
ورجل كامل الرجولة لكنه لا يراني. هل تعلم أني لجأت للدجالين أنا الطبيبة حاملة لـ2 دكتوراة وعائلتي بها أعظم أطباء مصر ألجأ للدجالين وما أفاد هذا ولا ذاك, بكيت تحت قدميه ليالي لا أعرف عددها اطلب منه أن أفهم ليكون الجواب أحبك لا استطيع الحياة بدونك, والرد ماذا يبعدك والجواب الانشغال بالعمل, وأضحك جميع الناس يعملون لماذا أنت وأنا ولا جواب شاف ردود
كلها تثير الضحك المر, مرت السنوات علي هذا المنوال رزقني الله بفتاتين13 و4 سنوات وطبعا فرق السن الكبير بينهما معروف سببه وفقدت القدرة علي المقاومة ما عدت استطيع, وفقدت الرغبة فيما يمكن أن يعطيني بعد طول محايلة, ما عاد لديه ما يلزمني وبعد مرور14 سنة علي هذه المهزلة الانسانية ومع اقتراب الأربعين أشعر بأني أضعت عمري هباء,
فقدت حبي له, طلبت الطلاق عشرات المرات فكان يبكي ويعد بالاصلاح وفعلا ينصلح الحال لأيام ثم يعود لنفس العادات الآن لم أعد أطلب الاصلاح ولا أريده لأني فعلا زهدته أصبحت كرامتي التي تبعثرت سنوات عند قدميه تقف بيني وبينه, ما عدت أريده حتي إن طلب هو, أعلنته أن حبي مات أصر علي عدم الطلاق, مدعيا أنه يحبني
أما أنا فاكاد أجزم أنه ما أحبني يوما بل أحب المظهر الاجتماعي الذي يوفره له وجودي بجانبه وأحب الزوجة المتفانية التي ربت أولاده حتي الولد الذي لم أنجبه وأصبح الآن بالجامعة شابا متفوقا رياضيا تحكي عنه مصر كلها لا يعرف أما سواي, سيدي لا تلعني لم أكن يوما ضعيفة بل إني في قسمي بالجامعة يلقبونني بكونداليزا ايماء إلي صلابتي فقد كنت امرأة حقيقية عاشقة والعشق ليس كفرا, لم أفقد ايماني بالحب ابدا ولن أفقده رغم حرماني الطويل, الآن وأنا في هذه السن ـ وبكل ضمير مرتاح لأني وحدي أعلم كم حاولت وماذا قدمت ـ أريد أن أبدا من جديد أن أعيش كما البشر أن أشعر بأني امرأة مرغوبة ولي رجل يشتهيني, أعرف كيف أحصل علي الطلاق رغم أنفه لكن ما يوقفني هم أولادي الثلاثة حتي الولد الذي ليس من رحمي
يستعطفني أن استمر. هم لا يعرفون السبب وحتي بداية هذا العام لم يكن أحد في هذه الدنيا يعلم بمصيبتي حتي فاض بي فلجأت لشقيقه وهو أكثر من أخي لم أحك لكني طلبت الوساطة للطلاق الهادئ, وأخبره زوجي بالسبب, وذكر له أني لم أقصر, لكنه سيحاول الاصلاح واستمر الحال كما هو ـ حياتنا تبدو مثالية أمام الناس, أنا امرأة عملية أري أن الناس إن لم تضر لن تفيد لذلك سيكون الطلاق صدمة لمجتمعنا لا يهمني لم يعد شئ يهمني سوي أن أنجو باعصابي وما بقي من شبابي من هذا الجحيم, فقدت كثيرا من الجمال الذي كان لكني بعد أنثي جميلة أراها في عيون من حولي بل قل صرت أبحث عنها ولولا أني بعد بعقلي لانزلقت في علاقة مع شاب يصغرني بعشر سنوات منذ شهور قابلته في أحد المؤتمرات
وطاردني أسابيع أسلمت اذني له وسهرت معه ليالي علي النت وأفقت لأجد نفسي أفكر فيه لملمت اشلاء انوثتي, وانسحبت بهدوء قبل أن أنزلق للهاوية ويكفي أني أشعر بأن روحي تهاوت لما يغضب الله وهذا ما لا أحتمله فليس أقسي علي المرأة الحرة من أن تعطي من لا يستحق ما لا يستحق حتي ولو كانت مجرد كلمات.. سيدي السؤال الآن هل أضيع ما بقي من عمري أم أنجو؟! أريد إجابة واضحة ويعلم الله أني ما نقلت إلا قليلا من سواد الحقيقة.
* سيدتي... تسألينني هل تختارين طريق النجاة أم تضيعين ما بقي من عمرك, وكأنك تختصرين حياتك في السؤالين, إما النجاة بالطلاق, أو إضاعة ما تبقي من عمر بالاستمرار مع هذا الزوج, فيما الحقيقة التي أراها أن التفكير في إجابة حسب هذا المنهج أيا كانت, ستكون خاطئة وظالمة لكل الأطراف, فما بين الخيارين حكايات طويلة, تضحية, انتظار, تحد وزواج وأبناء, هل نسقط كل هذا, ويكون الحل الانتحار بالاستمرار, أو الفرار بالسعادة المنتظرة؟!
سيدتي.... لقد انتظرت هذا الزوج طويلا, وتحديت من أجله عائلتك, وذهب, تزوج وعاد إليك, ليجدك في انتظاره, وكأنه لم يغب يوما عنك, ولكنك بعد أسبوع واحد من الزواج, اكتشفت بروده العاطفي, اختزلت حياتكما كلها في التعبير عن المشاعر به لفظا وحسا, أنجبت طفلين, وعشتما حياة يحسدكما الناس عليها, فيما تتألمين لأنه لا يقدر هذا الجمال الذي تمناه الجميع, لم تقولي كلمة واحدة في رسالتك عن سوء سلوكه عن بخله أو قسوته, عيبه الكبير ويكاد يكون الوحيد أنه لا يقدر جمالك ولا يسعي لإرضائك, حتي وصل بك الأمر إلي اللجوء للدجالين وأنت الطبيبة صاحبة الاثنين دكتوراه, وها هو يسقط من قلبك, وتندفعين في علاقة مراهقة مع شاب يصغرك بعشر سنوات, وكأنك تدفعينني دفعا إلي نصحك بالطلاق حتي لا تسقطي في الخطيئة, ولكني لن اقول لك هذا, سأقول لك ما قد يصدمك: إنها أزمة الأربعين يا سيدتي, ولا تعتقدي أنه من العيب الاعتراف بأزمة هذا العمر, تلك الأزمة التي يمر بها الرجال, كما تمر بها النساء, وإن كانت عندهن أكثر وضوحا.
فها أنت تتخبطين وتختصرين سعادتك في العلاقة الزوجية, وكلمات الغزل التي مازالت تطاردك.. بالطبع لا أقلل من حقك واحتياجك لهذه العلاقة المشروعة, ولكنها ليست كل السعادة, كما تعتقدين.. تفكيرنا هو الذي يشعرنا بالسعادة أو بالشقاء, وحبك الذي بدأ كالأسد ينصرف, الآن كالحمل, كاشفا كل السوءات, بعد أن كان ساترا لكل المعاصي.
سيدتي... أنت أم لطفلين وتربين ثالثا وصل إلي الجامعة, ألا يسعدك هؤلاء.... ألا تسعدك صورتك أمام الجميع... ألا يرضيك تمسك زوجك بك علي الرغم من إصرارك علي الطلاق, وبعد أن اعترف بأخطائه وأشاد بك لشقيقه, إلي أين تريدين الذهاب بقطار الحياة السريع, وأنت تحملين علي كتفيك, وفي قلبك طفلين, هل إلي علاقة حب تؤمنين به, أم إلي وهم سيدفع ثمنه آخرون؟!
لقد مررت يوما مثلك بمحنة الأربعين, وشعرت في لحظة بأن العمر تسرب من يدي خلسة, ولكني تلفت حولي, فوجدت اشياء جميلة حققتها, وتأملت آخرين وهبتهم الوجود, واكتشفت أنها مرحلة قصيرة من التأمل ما تلبث أن تنقضي, وأن الاستمتاع بما بين أيدينا أفضل بكثير من التضحية به من أجل مستقبل مجهول, خاصة إذا كان الواقع يمكن بمزيد من الإصرار ــ إصلاحه وتغييره ــ فزوجك لا يعاني من علة, ولكنه قد يحتاج إلي استشارة طبيب, وإلي مزيد من حنانك واحتوائك.
سيدتي... ليس لأحد حظ كل الأيام, ونادرا ما يكون الزواج زواج عقل, لكن الطلاق يجب ان يكون طلاق عقل, لأن الزوجين يعرف كلاهما الآخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.