بريد الاهرام
أنـا سيدة من عائلة كبيرة أعيش في القاهرة وفي أواخر الأربعينيات من عمري وإن كنت أبدو أقل من ذلك بأكثر من10 سنوات, تزوجت من أكثر من20 عاما ولدي بنتان, وقد تزوجت عقب تجربة حب وخطبة فاشلة دامت أكثر من3 سنوات, رأي بعدها والدي ان يزوجني لأول متقدم لي وكان زوجي الحالي, والذي علمت فيما بعد أنه مر بتجربة مماثلة.
ومشكلتي بدأت عقب زواجي مباشرة عندما اكتشفت ان زوجي وهو أصغر اخوته تربي علي عدم الإقدام علي أي أمر ولو كان الذهاب للنادي أو السينما إلا بعد مشاورة والديه واخوته, خاصة انهم يقطنون جميعا في منازل متجاورة, وبدأ الأمر برفضه إكمال تعليمي الجامعي بناء علي تعليمات أهله بزعم انني في غير حاجة للعمل. وللأسف وافقهم والدي علي ذلك وتزايدت التدخلات علي مر السنين ووصلت الي حد صفع زوجي لي علي وجهي امام والده بسبب ابدائي لرأي لم يعجب والده الذي طلب من زوجي تأديبي ثم مرة أخري طلب منه ان يطلقني لاعتراضي علي بعض تصرفات أشقائه وفعلها زوجي ثم ردني لعصمته بعد تدخلات الأهل والأقارب.
وظلت الأمور تسير بين شد وجذب طيلة السنين الماضية والتي توفي خلالها والدا زوجي, وظننت ان زوجي سينصلح حاله وسيقدر علي الأقل وقوفي معه, حيث انني كنت أنفق كل دخلي الذي أحصل عليه من عائد شهادات استثمار خصصها لي والدي كتعويض عن عدم اكمالي تعليمي علي المنزل إلا انني فوجئت به يستبدل والده المتوفي بشقيقه الأكبر وظلت الأمور هكذا وأنا أتحمل, إلا ان التدخلات زادت خاصة مع تصفية ميراث والديه الذي لم نحصل منه علي شيء وحصل اخوته علي مئات الألوف لكل منهم, واقترن ذلك بمزيد من السلبية من زوجي, والذي للأسف ارتبط بالجفاف العاطفي ولا أعني بذلك العلاقة الخاصة وإنما أعني الكلمات البسيطة التي تعبر عن التقدير لأي عمل أؤديه أو الاعجاب بأي زي أرتديه أو تغيير أدخله علي البيت من أموالي الخاصة..الخ.
وأدت كل هذه الضغوط الي اصابتي منذ عامين باضطرابات في المعدة رغم العلاج إلا ان حالتي ساءت وحولني الطبيب الباطني الي طبيب نفسي أدرك من الجلسة الثانية ان متاعبي سببها نفسي وشرحت له تفاصيل حياتي فتحدث الي زوجي الذي لم يرافقني في أي ميعاد لأي طبيب منذ زواجنا وفعلا تغير زوجي لأسابيع قليلة إلا ان ريما عادت لعادتها القديمة بتأثير أشقائه الذين أقنعوه بأنني أتدلع.
وربما تسألني وأين أهلي في خلال هذه الفترة والرد هو ان والدي كلما شكوت له أجابني بأن أصبر فليس لدينا في عائلتنا مطلقات ثم يعطيني منحة مالية لشراء شيء للمنزل أو لأولادي.
وبدأت حكايتي تنتشر في أوساط من نختلط بهم وأثناء وجودي في احدي الكافيتريات منذ أقل من عامين في انتظار احدي صديقاتي, وهي تماثلني سنا, ولكنها مطلقة وتعيش نمطا من الحياة أقل ما توصف به انها متحررة, فوجئت انها حضرت وبرفقتها أحد أقاربها الذي أعرفه معرفة سطحية عن طريقها, وفوجئت بها تقول انها تحدثت مع قريبها هذا عن مشكلتي لانه يعاني من مشكلة مماثلة لمشكلتي حيث ان زوجته لا تطيع إلا كلام أهلها ودهشت لذلك إذ كيف تبيح صديقتي لنفسها الحديث عن أسراري للآخرين حتي ولو أقاربها الا ان الحديث استمر ووجدت التعاطف الشديد من هذا الشخص مما أراحني نفسيا في هذا اليوم, وبعد يومين وأثناء وجودي بالمنزل صباحا بمفردي, فوجئت بهذا الشخص يتصل بي علي الموبايل ويكرر نفس الكلام وعلمت أنه حصل علي الرقم من صديقتي, واتصلت بها لألومها علي ذلك, الا انها أخبرتني انني في حاجة للحديث مع من يعاني من نفس مشكلتي, وانه لا ضرر لأن العملية مجرد كلام في الموبايل, وانني يمكنني اغلاق الهاتف في أي وقت, وتكرر الأمر بعد يومين اخرين وتكرر حتي أصبح يوميا, ثم عدة مرات في اليوم نتناقش في كل أمور حياتنا وأصبحت أعطيه جدول حركتي اليومية, فيقابلني كأنها مصادفة في النادي أو السوبر ماركت, أو في أي كافيتريا, حيث أذهب برفقة صديقتي ثم يحضر هو كأنها مصادفة ثم تتركنا صديقتي فترة ثم تعود أو يرافقني عند ذهابي لمدرسة ابني لحضور الاجتماع الشهري حيث أحضر10 دقائق فقط ثم نقضي باقي الوقت في سيارته في بداية طريق الاسماعيلية أو السويس, ولم يتعد الأمر سوي تبادل شكاواي من زوجي واخوته وشكواه من زوجته, وتطور الأمر الي مروره تحت المنزل بحيث يحدثني من داخل سيارته وأراه من نافذتي, وأصبحت حالتي النفسية أحسن ما يكون وشهد بذلك الجميع, حتي جاء يوم أبلغتني صديقتي تلك ان هناك كلاما يتردد علينا بين الأصدقاء والمعارف, وانها تحدثت الي قريبها من أجل التخفيف من لقاءاتنا بعد أن كثر كلام الناس, وحاولت التحدث اليه إلا انني فوجئت بأنه أغلق الموبايل لعدة أيام مما أصابني بحالة عصبية ونفسية سيئة, وبعد5 أيام فوجئت به يهاتفني فشعرت كمن عادت اليه روحه ثانية, وقال لي انه لايمكن ان يسبب لي أي ضرر وانه قرر قطع ما بيننا, ووجدت نفسي أصرخ فيه ان هذا حكم بالاعدام علي, فرد بانه لايستطيع ان يواصل ما بيننا بدون ان يراني, وأجبته بان الأمر كذلك بالنسبة لي. فقال لي اننا لانست
طيع ان نتقابل في النادي أو السوبر ماركت أو أي كافيتريا حرصا علي من كلام الناس, ففوجئت بنفسي أقول له اتصرف وانا موافقة مقدما علي أي شيء. وانقطع عني عدة ايام, حتي عاودتني الحالة العصبية ثانية ثم هاتفني طالبا مني أن أقابله بالقرب من أحد الفنادق الكبري, قرب مطار القاهرة, وفي خلال دقائق كنت هناك, فقال لي انه حجز غرفة في هذا الفندق حتي لا يزعجنا أحد, وانه سيدخل أولا وأنا وراءه منفصلين, ووجدتني أنفذ ما يقول كأنني منومة مغناطيسيا حتي أغلق علينا باب الغرفة ووجدته يحتضنني وأنا أبكي وكأنني في عالم اخر وجلسنا وأنا أشبه بالغائبة عن الوعي.. إلا انني بعد عدة دقائق اتنبهت وكأن الله أراد ان ينقذني فأصابتني حالة هيستيرية من الصراخ وصحت فيه: هو ده اللي انت عاوزه؟ فرد ببرود: هو أنت عايزة حاجة غير كده؟ فهرولت هاربة وأنا في حالة انهيار تام. وأخذت سيارتي وأنا لا أدري الي أين أذهب حتي وجدتني أمام منزل احدي صديقاتي, وطرقت الباب وما إن فتحت حتي سقطت مغشيا علي, فاستدعت زوجي الذي أحضر طبيبا وشخص الحالة علي انها انهيار عصبي وطبعا فسر الجميع الأمر علي ان السبب زوجي, وطلبت صديقتي مني البقاء عندها عدة أيام بعيد
ا عن منزلي ووافق زوجي ثم عدت لمنزلي. وأحاطني زوجي لعدة أسابيع بمعاملة لم أشهدها منه حتي استقرت حالتي, وبالطبع لم أستطع البوح بما حدث لأي شخص الا لطبيبي النفسي الذي أخبرني ان الحالة معرضة للتكرار إذا عاد زوجي لمعاملتي بنفس الطريقة وأوضح لزوجي بدون تفاصيل انه يجب عليه ان يتعامل معي بطريقة مختلفة وفعلا التزم زوجي بذلك حوالي3 أشهر لم استعمل خلالها أي أدوية نفسية أو للمعدة ونجح اخوته مرة أخري في التأثير عليه وبدأت حالتي تسوء ثانية.
انني أقاوم بشدة ولكني استحلفك بالله ان تكتب لزوجي ولكل الأزواج الايسمحوا لأحد بالتدخل في شئون بيوتهم وأن الكلام الطيب للزوجة ولاسيما كلمة شكرا له مفعول السحر بما في ذلك الحديث معها, بدلا من حالة الخرس الزوجي التي تصيب الأزواج بعد عدة سنوات وان الاهتمام بحالة الزوجة الصحية ومرافقتها للأطباء, خاصة الطبيب النفسي لايقلل من شأن الزوج, وأيضا أكتب للزوجات ألا يتحدثن عن مشاكلهن خارج حدود العائلة, حيث ان هناك بعضا ممن لا أخلاق لهم يستغلون هؤلاء الزوجات عن طريق ابداء التعاطف الكاذب لهن ليحققوا لأنفسهم أغراضا خبيثة لا تخفي علي أحد.
الـــــــــــــرد
لقد قلت كل شيء في السطور الأخيرة لرسالتك.. نعم بداية الخطأ من عند زوجك, ولكنك أيضا ارتكبت أخطاء كبيرة..
أولها اختيارك لتلك الصديقة أقل ما توصف به انها متحررة إذن فالأكثر من التحرر هو الانحراف, فهذه الصديقة هي التي رسمت الخطة منذ معرفتها بنقاط ضعفك, بسبب ما قصصته عليها بنفسك.. ان المرأة أو الرجل إذا حكي تفاصيل العلاقة الزوجية يرتكب إثما كبيرا كما قال رسولنا الكريم: إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي الي المرأة وتفضي اليه ثم ينشر سرها.
إن سرك من دمك فانظري أين أرقت دمك, لقد أرقته مع امرأة مخادعة حاولت ان تبيعك لقريبها, الذي وضع أصابعه علي نقاط ضعفك, فتسلل اليك رويدا رويدا, مثلما يتسلل الشيطان إلي الدم, حتي أدمنت الحديث اليه ومعه. جعلك تشعرين انك مازلت صغيرة ومرغوبة.
وعندما تأكد من انك أصبحت لاتستطيعين الاستغناء عنه, وبعد ان تلونت حياتك بوهم السعادة, بدأت خطة كلام الناس, والانقطاع العمدي, حتي يتأكد من انك أصبحت لقمة سهلة, فحاول ان ينقض عليك, ولكن رحمة الله بك كانت كبيرة, فأنقذك من السقوط في هاوية لا أحد كان يعرف مدي عواقبها.
سيدتي.. لقد سألك هذا الذئب: هو انت كنت عايزة حاجة غير كده, وأنا بدوري أسألك: ماذا كنت تريدين من هذه العلاقة؟.
كنت في حاجة الي من يهتم بك, شخص يتفهم عذاباتك ووحدتك.
ولكن هل كنت تتوقعين أن تجدي هذا مع رجل التقيته مصادفة, كما ادعت لك صديقتك؟
نعم نحن نحتاج الي من نتحدث معهم, ونحكي لهم عن همومنا, ولكن علينا أن نختار من نفعل معه ذلك, وليكن من الأهل الذين نثق بأنهم لن يطمعوا فينا, أو يستغلوا نقاط ضعفنا, لقد كان خيرا ما فعلته عندما ذهبت الي طبيب نفسي, ولكن للأسف كانت استجابة زوجك سيئة, كادت تعصف بك وبحياتكما.
يصلني في بريدي اسبوعيا عشرات الرسائل من زوجات يعانين من الخرس الزوجي, من اهمال الرجال الذين يغمضون عيونهم عن كل ما تفعله الزوجة القابعة في بيتها. تنتظر كلمة طيبة ـ وهي صدقة ـ أو نظرة امتنان أو ربتة حنان, وأندهش من بخل الأزواج بمثل هذه الأشياء البسيطة التي تدخل البهجة والرضا الي نفس الزوجة, بينما يغدقون بالكلمات علي نساء أقل في الجمال وفي العطاء من زوجاتهم.
سيدتي.. لايوجد مبرر للخطيئة, وأفضل عندما تشعر المرأة بهذا الضعف وتفقد الثقة تماما في عودة شريك حياتها, أو في مقدرته علي إشباعها نفسيا, أقول لك أفضل خيارهو الانفصال, وهو خيار أخير ووحيد, عندما يكون البديل هو الطريق إلي السقوط أو الخطيئة, فتخسرين نفسك وتخسرين دينك ودنياك.
أما مثل زوجك فإنه يرتكب إثما كبيرا بقسوته وعنفه واهماله لك, وليت رسالتك تدق ناقوس الخوف في قلب كل زوج, غافل, لاه, مستبد, ظالم, لعله يعود الي رشده فيحمي بيته وأسرته وينعم بالسعادة, بدلا من أن يفيق علي خيانة أوطلاق, بعدها يقضي حياته وهويلعن المرأة, بينما هو شريك فيما وصلت اليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.