بـريــد الأهــرام
لا أدري من أين أبدا قصتي ولكن سأرويها بكل تفاصيلها بعد ان أهدرت سعادتي بمنتهي البساطة, بعد ان كنت في أمان الزوج والأولاد والجو الأسري الجميل الذي افتقدته الآن, ولا اعرف كيف استعيده. انا يا سيدي زوجة في الخمسين من عمري نشأت في اسرة كريمة بين اب مكافح وام طيبة جدا هي كل أملنا في الحياة قبل وفاتها. أنا وأشقائي الثلاثة هم ثمرة كفاح أمنا مع ابينا ربتنا أمنا علي الحب وعلي الاخلاق الطيبة وعلي العفة وعلي الدين القويم. أهلي جميعا أناس محترمون جدا. اشقائي الثلاثة في مراكز مرموقة وكان لي جار صديق لأخي الأكبر يتردد علينا فأحببته, وأحبني. أحببته حبا كثيرا وكان كل شيء في حياتي وكنت انا ايضا كل شيء في حياته, وتقدم لخطبتي, وافق عليه الأهل جميعا لأن اخلاقه طيبة جدا. وجدت فيه كل مميزات الزوج الطيب الطموح, تزوجنا سريعا وكنا ننهل من بحر حبنا أنا وهو, وكان حبنا هو السعادة وكان منزلنا هو محراب الحب والسعادة حديث العائلة كلها وعشنا معا حياة لم يعشها أحد قبلنا أو مثلنا. وعشنا معا اسعد ايام عمرنا بل أسعد لحظات الحب بكل معانيه, وللحق فإن زوجي كان كريما جدا معي ولم يبخل باي شيء ابدا علي. وليس ذلك عليه بب
عيد لان الكرم من صفاته التي يتميز بها وكم ذقت معه اسعد لحظات العمر وكنت اتشوق لرؤياه عند غيابه. ولم نفترق طيلة حياتنا عن بعضنا وقد كان رجلا كريما ووقورا وملتزما في صلاته ودينه. مرت الأيام والسنون ونحن نتجرع من كأس حبنا وسعادتنا وأثمر هذا الحب الجميل ولدا وبنتين هم كل حياتنا وفي لحظة من لحظات العمر بدأت المشاكل تعرف طريقها إلي منزلنا الذي نعيش فيه سعادة بالغة, وانهالت علينا المشكلات من كل جانب. بدأت أشك في سلوكياته. وأصبح الناس يتحدثون عنه في كل مكان بأن له مغامرات عاطفية. وللحق أقول إني لم ألمس عليه اي تغيير. ومع ذلك لم أقف بجواره في تلك المحنة التي يمر بها لم أدافع عنه او اقترب منه اكثر بل أصبحت أنا أقول عنه أكثر من هذا الكلام الذي يسيء إليه بدون ان أعي او افهم ان هذا الكلام يسيء إلي نفسي ويسيء الي اولادي في نفس الوقت. ولم يواجهني يوما من الأيام, ولم يسألني لم قلت هذا الكلام عنه أو يفاتحني فيه. حقيقة لا أدري لماذا فعلت ذلك في زوجي وحبيبي وأبو أولادي. ولماذا قلت في حقه أكثر مما قاله الناس عنه. واصبحت أقلل من شأنه امام كل الناس حتي امام ابنائي ولم اهتم بما سيحدث بعد ذلك.
سيدي: لا أستطيع أن اصف لك ما فعلته مع زوجي ـ والله يا سيدي أنا غير ذلك تماما فأنا قمت باداء فريضة الحج مع أبي الذي يمدني بالمال في أي وقت ولا يبخل علي بشيء حيث إني الابنة الوحيدة بين أشقائي وخصوصا بعد وفاة والدتي رحمها الله. حولت حياتي الي جحيم وكنت أحكي لصديقتي كلاما سيئا عنه يشوه صورته, يصفه بما ليس فيه فأشارت علي ان اطلب الطلاق فرفض زوجي الذي أعلم انه يحبني حبا كثيرا من كل قلبه. أعلم ان ابنائي غير راضين عما يدور بيني وبين أبيهم فهم كما يحبونني يحبونه ولكن ما فعلته معه جعل بينهم وبينه شيئا من الجفاء فتباعدت المسافات وأصبح كالغريب بيننا, وحيدا, صامتا. لا أدري لماذا حدث كل ذلك ولم فعلت أنا ذلك. أهي الغيرة وعدم الثقة في النفس وسماع كلام الناس الذي يدمر ويحطم كل شيء أمامه؟ أم حالة نفسية طرأت علي فجأة جعلتني أكره زوجي؟ أم هناك شيطان يريد ان يدمر حياتنا السعيدة لا أدري؟ أشعر أن الله سبحانه وتعالي غير راض عني فكان بالإمكان أن اجلس مع زوجي وأتحدث معه في كل ما قيل ويقال عنه وأناقشه فيما حدث بيني وبينه. وللأسف الشديد لم أفعل, ربما انتظرت أن يفاتحني هو. أشعر بأني زوجة فشلت في الحفاظ علي بيتها الس
عيد مثل كل الزوجات الأخريات. زوجة لم تقدر النعمة التي أكرمها بها الله. الأسئلة تقتلني كل يوم أشعر بأن زوجي وأولادي يتحطمون أمام عيني. زوجي من شدة يأسه, أصبح هاربا اغلب الوقت خارج البيت, عيناه انطفأ بريقهما. أنظر الي ابنائي وألمح في وجوههم سؤالا محيرا: لماذا فعلت بنا كل هذا يا ماما؟ وأنظر إلي وجه زوجي وأري في وجهه سؤالا لماذا فعلت بي كل ذلك يا زوجتي الحبيبة؟
وأسأل نفسي نفس السؤال لماذا فعلت كل ذلك في زوجك وأولادك وبيتك بل وفي نفسك؟ لم أجد ردا علي اسئلتي.
والان يا سيدي منذ فترة لاحظت تغيرا طرأ علي زوجي, فأصبح لا يبالي بأي شيء, اصبح يدخن السجائر التي كان يكره رائحتها. أخرج من المنزل دون استئذانه فلا يعاتبني ولا يبالي متي ذهبت او متي عدت. وأصبح يهتم بنفسه, وبمظره ويشتري أفخم انواع البرفانات ويذهب الي عمله في الصباح حيث وظيفته الحكومية التي يعمل فيها مديرا عاما ولا يعود الي المنزل إلا مع نسمات الفجر. لا يبالي بأي شيء حتي الولد أراد أن يتزوج وعندما سأله عن رأيه قال له: خذ رأي والدتك, أنا يا ابني لا رأي لي بينكم. يرفض الحديث معهم علي الرغم من معرفتي بمدي تعلقه بهم, ألا يكفي حرصه علي البقاء بيننا مع كل ما عاناه منا.
وفي ليلة ويا لها من ليلة قاسية لم أهنأ بطعم النوم أنا وابنائي اما زوجي فدخل حجرة نومه.
في هذه الليلة عاد زوجي متأخرا كعاداته مع نسمات الصباح فشممت بحاسة الزوجة رائحة الخيانة فصارحته بظني فانفجر في وجهي وظل يشتمني ويقول أنت سبب ما أنا فيه. وصارحني بأنه تزوج من سيدة مطلقة ولديها بنت صغيرة. سقطت علي تلك الكلمات كالصاعقة أو كطلقات البارود ولم أدر ماذا أفعل في تلك الليلة القاسية. ليلة مهما وصفتها فلن أستطيع التعبير عن المرارة والألم والحسرة التي شعرت بها, وأصبحت مهملة في عملي وحصلت علي إجازة وأهملت في بيتي وأولادي. صدقني إن قلت لك إني لا أعرف شيئا عن الأولاد وما هي أحوالهم مع أننا جميعا نعيش في شقة واحدة, أنام بجوارهم ولا أدري أي شيء عنهم. ماذا أفعل ياسيدي حتي اعيد زوجي الي والي اولاده وبيته مع انه لم يفارقنا حتي الآن ولكني احس انه غير موجود بحسه وروحه.
سيدي بعد أن عرضت عليك جزءا من قصتي أرجو منك بالله عليك ان ترشدني وتواجهني بحقيقة موقفي, فسره لي؟ هل أنا بما فعلته أرضيت غروري؟ وهل يرضي الله ورسوله عما فعلته؟ أرجوك انا في عذاب, بيتي يتهدم ماذا افعل؟ هل اجلس مع زوجي واتحدث معه في حياتنا وهو الذي كان يوما من الايام حبيب قلبي وكل فؤادي. أشيروا علي ماذا افعل هل أسامح زوجي علي ما سمعت عنه وخصوصا بعد ما صرح لي بأنه تزوج علي؟ أم اطلب منه ان يسامحني علي ما فعلته معه؟ ام اطلب من اولادي أن يسامحوني علي ما فعلته مع أبيهم ومعهم طيلة خمس سنوات هي زمن المشكلة.
* سيدتي.. لا أعرف أين كانت هذه الأسئلة التي تحاصرك طوال السنوات الخمس التي كنت تغتالين فيها سعادتك, وتهدمين بيتك الهانئ الآمن.. لماذا لم تطرحيها علي نفسك, وتقدمي علي الحلول البسيطة التي تقترحينها الآن ولو فعلت لأرحت واسترحت, ولكنك فعلت كما قال المفكر قاسم أمين السعادة كرة نركلها بأقدامنا عندما تقترب منا, ونعدو وراءها عندما تبتعد عنا.. فها أنت تهرولين خلفها, بعد ان كانت نائمة في احضانك, استيقظت فقط عندما أيقنت بأن طائرك المغرد استقر في عش آخر.
سيدتي.. لا يفرط في السعادة من ذاق حلاوتها, ولم أفهم لماذا فرطت في مثل هذا الزوج بكل هذا اليسر؟.. لماذا تجاهلت قول الله سبحانه وتعالي: هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها, وحولت هذه السكينة الي عاصفة بيتية مستمرة.
اسئلتك المستحيلة تطرح أسئلة أكثر صعوبة. تحدث الناس عن زوجك وقالوا إنه يخونك علي الرغم من أنك لم تلمسي شيـئا من هذا, وبدلا من رد الناس او تجاهل كلامهم, اندفعت بغيرة أنثوية عمياء, لتلوثي سمعته وتخوضي فيها وتحطمي صورته أمام ابنائه, ولو كان يفعل ذلك, فليس ما فعلته حلا, فالخراب يبدأ عندما تخرج الأسرار من البيت, فسرك من دمك ولكنك لم تنظري أين تريقينه. تأملي معي قول الشاعر القروي:
ما صرح الحوض عما في قرارته
من راسب الطين إلا وهو مضطرب
كنت مضطربة ـ سيدتي ـ فسمحت للآخرين باستغلال اهتزازك النفسي, وفقدانك الثقة في نفسك, ليحرضوك علي الاستمرار في الضلال وعدم الالتفات إلي أن السعادة تتسرب من حياتك, وأن الرجل الذي أحبك ورفض تطليقك, تحمل الكثير منك ومن أبنائه, خمس سنوات وهو يعاني, منطفئ الروح والعينين, وحيدا معزولا من أقرب الناس إليه. لم يتحدث لعلك تفيقين وتتذكرين أنك تعصين الله ورسوله فيه. وعندما فقد الأمل فيك وفي أولاده, لم يهدم البيت علي رؤوسكم, ولم يختر طريق الخطيئة الذي اتهمته ظلما به. احتمي بشرع الله, تزوج ممن تقدره وتعوضه عما فقده في مشروعه الكبير في البيت الذي استثمر فيه عمره حبا وعطفا وحنانا.
سيدتي.. أراك الآن قد عرفت أخطاءك, وعليك قبول دفع ثمنها. لذا عليك أن تجلسي أولا مع أولادك لتعترفي لهم بكل ما فعلته مع ابيهم, وبعد ذلك تجلسون جميعا معه, تطلبون صفحه وعفوه.. قولي له كل ما حدث داخل نفسك ولماذا تصرفت بهذا الأسلوب.. عبري له عن ندمك ولا تطلبي منه ان يطلق الأخري, فليس من العدل أن يتركها لأنك عدت الي رشدك. حاولي أن تعيدي السعادة الي بيتكم, بدون التفكير في سرقة سعادة امرأة اخري.. اقبلي ـ سيدتي ـ الواقع الجديد, ولا تجعلي أنانيتك تسيطر علي تفكيرك. سعادة أسرتك في يديك, فلا تضيعي الفرصة الأخيرة: أعانك الله علي اتخاذ القرار الصائب.. وإلي لقاء بإذن الله.
لا أدري من أين أبدا قصتي ولكن سأرويها بكل تفاصيلها بعد ان أهدرت سعادتي بمنتهي البساطة, بعد ان كنت في أمان الزوج والأولاد والجو الأسري الجميل الذي افتقدته الآن, ولا اعرف كيف استعيده. انا يا سيدي زوجة في الخمسين من عمري نشأت في اسرة كريمة بين اب مكافح وام طيبة جدا هي كل أملنا في الحياة قبل وفاتها. أنا وأشقائي الثلاثة هم ثمرة كفاح أمنا مع ابينا ربتنا أمنا علي الحب وعلي الاخلاق الطيبة وعلي العفة وعلي الدين القويم. أهلي جميعا أناس محترمون جدا. اشقائي الثلاثة في مراكز مرموقة وكان لي جار صديق لأخي الأكبر يتردد علينا فأحببته, وأحبني. أحببته حبا كثيرا وكان كل شيء في حياتي وكنت انا ايضا كل شيء في حياته, وتقدم لخطبتي, وافق عليه الأهل جميعا لأن اخلاقه طيبة جدا. وجدت فيه كل مميزات الزوج الطيب الطموح, تزوجنا سريعا وكنا ننهل من بحر حبنا أنا وهو, وكان حبنا هو السعادة وكان منزلنا هو محراب الحب والسعادة حديث العائلة كلها وعشنا معا حياة لم يعشها أحد قبلنا أو مثلنا. وعشنا معا اسعد ايام عمرنا بل أسعد لحظات الحب بكل معانيه, وللحق فإن زوجي كان كريما جدا معي ولم يبخل باي شيء ابدا علي. وليس ذلك عليه بب
عيد لان الكرم من صفاته التي يتميز بها وكم ذقت معه اسعد لحظات العمر وكنت اتشوق لرؤياه عند غيابه. ولم نفترق طيلة حياتنا عن بعضنا وقد كان رجلا كريما ووقورا وملتزما في صلاته ودينه. مرت الأيام والسنون ونحن نتجرع من كأس حبنا وسعادتنا وأثمر هذا الحب الجميل ولدا وبنتين هم كل حياتنا وفي لحظة من لحظات العمر بدأت المشاكل تعرف طريقها إلي منزلنا الذي نعيش فيه سعادة بالغة, وانهالت علينا المشكلات من كل جانب. بدأت أشك في سلوكياته. وأصبح الناس يتحدثون عنه في كل مكان بأن له مغامرات عاطفية. وللحق أقول إني لم ألمس عليه اي تغيير. ومع ذلك لم أقف بجواره في تلك المحنة التي يمر بها لم أدافع عنه او اقترب منه اكثر بل أصبحت أنا أقول عنه أكثر من هذا الكلام الذي يسيء إليه بدون ان أعي او افهم ان هذا الكلام يسيء إلي نفسي ويسيء الي اولادي في نفس الوقت. ولم يواجهني يوما من الأيام, ولم يسألني لم قلت هذا الكلام عنه أو يفاتحني فيه. حقيقة لا أدري لماذا فعلت ذلك في زوجي وحبيبي وأبو أولادي. ولماذا قلت في حقه أكثر مما قاله الناس عنه. واصبحت أقلل من شأنه امام كل الناس حتي امام ابنائي ولم اهتم بما سيحدث بعد ذلك.
سيدي: لا أستطيع أن اصف لك ما فعلته مع زوجي ـ والله يا سيدي أنا غير ذلك تماما فأنا قمت باداء فريضة الحج مع أبي الذي يمدني بالمال في أي وقت ولا يبخل علي بشيء حيث إني الابنة الوحيدة بين أشقائي وخصوصا بعد وفاة والدتي رحمها الله. حولت حياتي الي جحيم وكنت أحكي لصديقتي كلاما سيئا عنه يشوه صورته, يصفه بما ليس فيه فأشارت علي ان اطلب الطلاق فرفض زوجي الذي أعلم انه يحبني حبا كثيرا من كل قلبه. أعلم ان ابنائي غير راضين عما يدور بيني وبين أبيهم فهم كما يحبونني يحبونه ولكن ما فعلته معه جعل بينهم وبينه شيئا من الجفاء فتباعدت المسافات وأصبح كالغريب بيننا, وحيدا, صامتا. لا أدري لماذا حدث كل ذلك ولم فعلت أنا ذلك. أهي الغيرة وعدم الثقة في النفس وسماع كلام الناس الذي يدمر ويحطم كل شيء أمامه؟ أم حالة نفسية طرأت علي فجأة جعلتني أكره زوجي؟ أم هناك شيطان يريد ان يدمر حياتنا السعيدة لا أدري؟ أشعر أن الله سبحانه وتعالي غير راض عني فكان بالإمكان أن اجلس مع زوجي وأتحدث معه في كل ما قيل ويقال عنه وأناقشه فيما حدث بيني وبينه. وللأسف الشديد لم أفعل, ربما انتظرت أن يفاتحني هو. أشعر بأني زوجة فشلت في الحفاظ علي بيتها الس
عيد مثل كل الزوجات الأخريات. زوجة لم تقدر النعمة التي أكرمها بها الله. الأسئلة تقتلني كل يوم أشعر بأن زوجي وأولادي يتحطمون أمام عيني. زوجي من شدة يأسه, أصبح هاربا اغلب الوقت خارج البيت, عيناه انطفأ بريقهما. أنظر الي ابنائي وألمح في وجوههم سؤالا محيرا: لماذا فعلت بنا كل هذا يا ماما؟ وأنظر إلي وجه زوجي وأري في وجهه سؤالا لماذا فعلت بي كل ذلك يا زوجتي الحبيبة؟
وأسأل نفسي نفس السؤال لماذا فعلت كل ذلك في زوجك وأولادك وبيتك بل وفي نفسك؟ لم أجد ردا علي اسئلتي.
والان يا سيدي منذ فترة لاحظت تغيرا طرأ علي زوجي, فأصبح لا يبالي بأي شيء, اصبح يدخن السجائر التي كان يكره رائحتها. أخرج من المنزل دون استئذانه فلا يعاتبني ولا يبالي متي ذهبت او متي عدت. وأصبح يهتم بنفسه, وبمظره ويشتري أفخم انواع البرفانات ويذهب الي عمله في الصباح حيث وظيفته الحكومية التي يعمل فيها مديرا عاما ولا يعود الي المنزل إلا مع نسمات الفجر. لا يبالي بأي شيء حتي الولد أراد أن يتزوج وعندما سأله عن رأيه قال له: خذ رأي والدتك, أنا يا ابني لا رأي لي بينكم. يرفض الحديث معهم علي الرغم من معرفتي بمدي تعلقه بهم, ألا يكفي حرصه علي البقاء بيننا مع كل ما عاناه منا.
وفي ليلة ويا لها من ليلة قاسية لم أهنأ بطعم النوم أنا وابنائي اما زوجي فدخل حجرة نومه.
في هذه الليلة عاد زوجي متأخرا كعاداته مع نسمات الصباح فشممت بحاسة الزوجة رائحة الخيانة فصارحته بظني فانفجر في وجهي وظل يشتمني ويقول أنت سبب ما أنا فيه. وصارحني بأنه تزوج من سيدة مطلقة ولديها بنت صغيرة. سقطت علي تلك الكلمات كالصاعقة أو كطلقات البارود ولم أدر ماذا أفعل في تلك الليلة القاسية. ليلة مهما وصفتها فلن أستطيع التعبير عن المرارة والألم والحسرة التي شعرت بها, وأصبحت مهملة في عملي وحصلت علي إجازة وأهملت في بيتي وأولادي. صدقني إن قلت لك إني لا أعرف شيئا عن الأولاد وما هي أحوالهم مع أننا جميعا نعيش في شقة واحدة, أنام بجوارهم ولا أدري أي شيء عنهم. ماذا أفعل ياسيدي حتي اعيد زوجي الي والي اولاده وبيته مع انه لم يفارقنا حتي الآن ولكني احس انه غير موجود بحسه وروحه.
سيدي بعد أن عرضت عليك جزءا من قصتي أرجو منك بالله عليك ان ترشدني وتواجهني بحقيقة موقفي, فسره لي؟ هل أنا بما فعلته أرضيت غروري؟ وهل يرضي الله ورسوله عما فعلته؟ أرجوك انا في عذاب, بيتي يتهدم ماذا افعل؟ هل اجلس مع زوجي واتحدث معه في حياتنا وهو الذي كان يوما من الايام حبيب قلبي وكل فؤادي. أشيروا علي ماذا افعل هل أسامح زوجي علي ما سمعت عنه وخصوصا بعد ما صرح لي بأنه تزوج علي؟ أم اطلب منه ان يسامحني علي ما فعلته معه؟ ام اطلب من اولادي أن يسامحوني علي ما فعلته مع أبيهم ومعهم طيلة خمس سنوات هي زمن المشكلة.
* سيدتي.. لا أعرف أين كانت هذه الأسئلة التي تحاصرك طوال السنوات الخمس التي كنت تغتالين فيها سعادتك, وتهدمين بيتك الهانئ الآمن.. لماذا لم تطرحيها علي نفسك, وتقدمي علي الحلول البسيطة التي تقترحينها الآن ولو فعلت لأرحت واسترحت, ولكنك فعلت كما قال المفكر قاسم أمين السعادة كرة نركلها بأقدامنا عندما تقترب منا, ونعدو وراءها عندما تبتعد عنا.. فها أنت تهرولين خلفها, بعد ان كانت نائمة في احضانك, استيقظت فقط عندما أيقنت بأن طائرك المغرد استقر في عش آخر.
سيدتي.. لا يفرط في السعادة من ذاق حلاوتها, ولم أفهم لماذا فرطت في مثل هذا الزوج بكل هذا اليسر؟.. لماذا تجاهلت قول الله سبحانه وتعالي: هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها, وحولت هذه السكينة الي عاصفة بيتية مستمرة.
اسئلتك المستحيلة تطرح أسئلة أكثر صعوبة. تحدث الناس عن زوجك وقالوا إنه يخونك علي الرغم من أنك لم تلمسي شيـئا من هذا, وبدلا من رد الناس او تجاهل كلامهم, اندفعت بغيرة أنثوية عمياء, لتلوثي سمعته وتخوضي فيها وتحطمي صورته أمام ابنائه, ولو كان يفعل ذلك, فليس ما فعلته حلا, فالخراب يبدأ عندما تخرج الأسرار من البيت, فسرك من دمك ولكنك لم تنظري أين تريقينه. تأملي معي قول الشاعر القروي:
ما صرح الحوض عما في قرارته
من راسب الطين إلا وهو مضطرب
كنت مضطربة ـ سيدتي ـ فسمحت للآخرين باستغلال اهتزازك النفسي, وفقدانك الثقة في نفسك, ليحرضوك علي الاستمرار في الضلال وعدم الالتفات إلي أن السعادة تتسرب من حياتك, وأن الرجل الذي أحبك ورفض تطليقك, تحمل الكثير منك ومن أبنائه, خمس سنوات وهو يعاني, منطفئ الروح والعينين, وحيدا معزولا من أقرب الناس إليه. لم يتحدث لعلك تفيقين وتتذكرين أنك تعصين الله ورسوله فيه. وعندما فقد الأمل فيك وفي أولاده, لم يهدم البيت علي رؤوسكم, ولم يختر طريق الخطيئة الذي اتهمته ظلما به. احتمي بشرع الله, تزوج ممن تقدره وتعوضه عما فقده في مشروعه الكبير في البيت الذي استثمر فيه عمره حبا وعطفا وحنانا.
سيدتي.. أراك الآن قد عرفت أخطاءك, وعليك قبول دفع ثمنها. لذا عليك أن تجلسي أولا مع أولادك لتعترفي لهم بكل ما فعلته مع ابيهم, وبعد ذلك تجلسون جميعا معه, تطلبون صفحه وعفوه.. قولي له كل ما حدث داخل نفسك ولماذا تصرفت بهذا الأسلوب.. عبري له عن ندمك ولا تطلبي منه ان يطلق الأخري, فليس من العدل أن يتركها لأنك عدت الي رشدك. حاولي أن تعيدي السعادة الي بيتكم, بدون التفكير في سرقة سعادة امرأة اخري.. اقبلي ـ سيدتي ـ الواقع الجديد, ولا تجعلي أنانيتك تسيطر علي تفكيرك. سعادة أسرتك في يديك, فلا تضيعي الفرصة الأخيرة: أعانك الله علي اتخاذ القرار الصائب.. وإلي لقاء بإذن الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.