بريد الاهرام
* أنا سيدة متزوجة ولدي ثلاثة أبناء أكبرهم14 عاما, وزوجي موظف بسيط, ولكن الحمد لله نعيش حياتنا مثل كثيرين حولنا.
كانت حياتنا طبيعية, مشاكلها نتيجة الضغوط وعجز الدخل عن تلبية الاحتياجات الأساسية, وكنت كأي امرأة مصرية, أحاول بكل الطرق التعايش مع إمكاناتنا المحدودة. لذلك لم تأت أزمتي ومشكلتي الكبيرة من ضيق ذات اليد, ولكنها جاءتني من حيث لم أحتسب.
في شهر رمضان الماضي, اشتري زوجي دشا, ففرحنا جميعا به, لأننا أصبحنا نشاهد قنوات كنا نسمع عنها فقط, واستمتعنا ببرامج ومسلسلات الشهر الكريم. ولم تستمر سعادتي طويلا, فقد اكتشفت أن زوجي بعد اسبوع واحد فقط, يشاهد القنوات الأوروبية وما بها من فساد وخلاعة وعري.
أصابتني صدمة عنيفة, كيف يسمح بدخول مثل هذه الأشياء بيتنا, والكارثة انه حاول إجباري علي مشاهدة هذه الأفلام معه, فرفضت, وقلت له إني أخاف الله. حاولت كثيرا إبعاده عن مشاهدة هذه القنوات, وتذكيره بعقاب الله, وبأنه يرتكب معصية كبيرة, حتي إنه اصبح لا يصلي, ولكنه لم يستجب لي, بل بدأ يثور في وجهي, ويقول إنه لا يؤذي أحدا.. وصل الحوار بيننا إلي طريق مسدود, حتي انقطع تماما. وانفصلنا كل واحد في حجرة.. وتطور الأمر إلي أن ضربني, فأخبرته بأني سأذهب إلي أهلي, فقال لي مع ألف سلامة, فتحاملت علي كرامتي, وقررت الاستمرار مؤقتا حتي لا يتأثر الأولاد وهم يستعدون للامتحانات.
سيدي.. أخشي علي أبنائي, وأربيهم علي طاعة الله, فماذا سيكون الحال لو استيقظ ابني وشاهد أباه أمام هذه القنوات؟.. لقد اتخذت قرارا بالذهاب إلي بيت أهلي بعد الامتحانات, فهل أنا مخطئة ومتعسفة وعنيدة كما يصفني زوجي, أم أنا علي صواب؟
* سيدتي.. لو وضعنا معايير الصواب والخطأ في الحياة الزوجية, لما هنأت أو استمرت حياة أي زوجين, فالحياة تستمر عندما نتجاوز عن أخطاء الطرف الآخر ومواجهتها باللين والتحايل أحيانا, علي أمل أن يلتفت تدريجيا إلي خطئه ويتراجع عنه بكامل إرادته, لا رضوخا أو خوفا من شريك الحياة.
ما يفعله زوجك خطأ, وما تطالبينه به هو الصواب, ولكن أسلوبك أيضا في مواجهة الأزمة لم يكن ملائما. كان عليك أولا أن تسألي نفسك لماذا انبهر زوجك بهذه القنوات وجلس أمامها ساعات الليل ونسي الصلاة وأغضب ربه؟.. لقد اكتشف عالما آخر, ونساء لم يكن يراهن أو يعرفهن, فحركت فيه رغبات واحتياجات, منحته سعادة مؤقتة لم يشعر بها من قبل, ولا يراها في شريكة حياته. هذه المقارنة الظالمة ستدفعه إلي افتعال المشاجرات معك, خاصة بعد رفضك مشاركته اكتشافه ومعصيته.
سيدتي.. إن هدفك الأسمي هو الحفاظ علي بيتك, واستعادة زوجك, وإبعاده عن المعصية, وهذا كان يستدعي منك التقرب أكثر, محاولة معرفة ما يتمناه ـ فزوجك لم يعد هو الذي كنت تعرفينه ـ اعتذارك عن مشاهدة هذه القنوات لأنك تخشين الله, وتخيري الوقت الذي تقولين له إنك تخافين عليه من ارتكاب هذه المعاصي التي ستجلب عليه غضب الله وسخطه.
ثم أبدي له مخاوفك من أن يشاهدها أطفالك دون وجودكما, أو أثناء مشاهدته لها. أقصد أن تسربي إليه الإحساس بالذنب وخطورة ما يفعل.
لا تجعلي خيارك هو ترك البيت, بل اجعلي هدفك الأول هو استعادة زوجك, وثقي بأنه مع الوقت سيمل من مشاهدة هذه القنوات, بعد أن يفهم أن كل ما يراه تمثيل وكذب لا يجلب عليه إلا السيئات والمعاصي.
وأتمني أن يفهم زوجك قيمة زوجة مثلك فيراعي الله فيها ويدعوه أن يبقيها كما هي, وأن يبعده عن هذا الطريق المؤذي للروح والنفس والجسد.. وإلي لقاء بإذن الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.